بين التهريب والحل.. معهد الإخوان في فرنسا يلفظ أنفاسه
أعلن وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، مساء الأربعاء، عقب اجتماع مجلس الوزراء، حلَّ المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، المعروف بـIESH، في سان-ليجيه-دو-فوجوريه قرب شاتو شينون في منطقة نييفر.
وتشير صحيفة
لوموند أن هذا القرار يُعدّ أول إجراء رسمي مباشر ضدّ مؤسسات مرتبطة بجماعة الإخوان في فرنسا منذ التقرير الذي نشرته صحيفة
لوفيغارو في مايو 2025 والذي حذّر من "الاختراق الإخواني" داخل المؤسسات والمجتمع الفرنسي.
ويأتي هذا الحلّ تتويجاً لمسار طويل من الجدل والاتهامات، إذ
داهمت الشرطة الفرنسية في ديسمبر 2024، مدعومة بوحدة مكافحة الإرهاب، مبنى المعهد في إطار تحقيقات حول مصادر تمويله.
وأسفرت العملية، التي وصفتها المدعية العامة، آن لير، بأنّها "مثمرة"، عن مصادرة وثائق مالية ومبالغ نقدية كبيرة لم يُصرَّح بها وفق ما يفرضه القانون الفرنسي.
ومهّدت المداهمة وما رافقها من جدل سياسي الطريق لقرار الحلّ الذي سينهي رسمياً مسيرة ٣ عقود من النشاط الأكاديمي المثير للجدل.
بناءً على تقارير وتحقيقات للأدلة التي تمت مصادرتها، أصدر
مجلس الوزراء الفرنسي مرسوماً يقضي بحلّ المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية الكائن قرب شاتو شينون، وذلك لأسباب قانونية منها:
- تدريس نصوص وموادّ تعليمية تبرر العنف الجسدي
- الترويج لخطابات تمييزية ضدّ النساء، غير المسلمين، واليهود والمسيحيين
- تقديم قراءات متشددة لنصوص دينية لتبرير الحركات "المسلحة"
- ضم المعهد لقيادات وأساتذة مرتبطين بجماعة الإخوان، إضافة إلى روابط مالية وجمعيات مرتبطة بحركة حماس.
في المقابل، يرى الباحث في جامعة بول فاليري، هاوس سينيغير، أن المعهد يقدم ما وصفه بـ"تعليم محافظ، قليل الميل لقراءة نقدية للنصوص، لكنه قانوني النزعة"، معتبرا أنه "في الجوهر، لا يختلف تعليم المعهد كثيراً عن تعليم جامعة الأزهر التي تقدّم نفسها ضامنةً للإسلام الأرثوذكسي والوسطية"، وفقا لما نقلته عنه صحيفة
لوموند.
فضائح المعهد.. خريجون متورطون بالإرهاب
تفيد مجلة
لوبوان أنه في 2024 وُضع معلّمُ دراسات دينية في المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية رهن الإقامة الجبرية طوال الصيف في شاتو شينون "منعا للمخاطر الإرهابية خلال أولمبياد باريس" قبل أن يُسجن لمخالفته الإقامة الجبرية.
كما خضع فرع باريس لإغلاق إداري مؤقت عام 2019. ومن بين خريجيه السابقين إنِس مدني، المحكوم عليها بالسجن 30 عاماً لمحاولتها تفجير سيارة قرب نوتردام عام 2016 ومحاولة قتل شرطي أثناء فرارها، وفق لوبوان.
ورغم هذه السوابق، استمرّ المعهد في نشاطه لأنّ بعض الخبراء رأوا أنّه "أهون الشرّين" بعدد يقارب 200 طالب، و"بطاقة شفافية" تُسهِّل اختراقه ومراقبته مقارنةً بعشرات المدارس الدينية الصغيرة شبه السرّية، وفقا لتقرير لوبوان.
من هم "أئمة الغد" بعد الإغلاق؟
تزامن إنهاء نظام "الأئمة المُعارين"، مع حاجةٍ ماسّة إلى تكوين محلي للأئمة داخل فرنسا. لكن هذا المسار يتعثّر اليوم، وقد يُفاقم حلّ المعهد نقص الأئمة، مما يفتح الباب أمام أئمةٍ وصفتهم صحيفة
لوموند بـ"ذاتيّي التنصيب" أو ضعيفي التأهيل، أو مُبشّرين رقميين من الخارج.
في وقت تكاثرت إجراءات الرقابة على المعهد، من بحثٌ في تمويلٍ أجنبي غير مصرّح، ثمّ تحقيق يحذّر من اختراق الإخوان للمؤسسات الحكومية، فتجميد للأصول بقرار 16 يونيو 2025، حاولت جمعية المظلّة للمعهد، وفقا لمجلة
لوبوان، استباق الحكومة بعقد جمعية عامة للحلّ الذاتي، بهدف نقل ما يمكن نقله إلى سويسرا، لكن محافظة نييفر رفضت الحلّ الذاتي لعيب إجرائي.