ترحيب غامض بخطة نزع سلاح حزب الله.. ماذا حصل في بعبدا؟
اجتمع مجلس الوزراء اللبناني في بعبدا، الجمعة، وسط ضغوط أميركية وإسرائيلية غير مسبوقة للمضي قدماً في خطة حصر السلاح بيد الدولة، التي وضعها الجيش اللبناني بطلب من الحكومة.
وفي وقت رحّب الوزراء بالخطة وقرروا إبقاء تفاصيلها سرية، انسحب الوزراء الشيعة الخمسة من الجلسة اعتراضاً على طرحها، ما كشف حجم الانقسام الداخلي حول ترسانة حزب الله.
وأثارت كلمة "الترحيب" إشكالية بالنسبة للصحافيين الموجودين بالقصر الجمهوري، وكان توضيح وزير الإعلام اللبناني أن مجلس الوزراء أقر قرار حصر السلاح، لكن خطة الجيش تضعها القيادة العسكرية، ومجلس الوزراء رحب بها.
وتأتي هذه التطورات في ظل تهديدات مباشرة من واشنطن وإسرائيل بوقف الدعم المالي وشنّ عمليات عسكرية جديدة، في حال فشل لبنان في اتخاذ خطوات جدية، بينما يؤكد حزب الله وحلفاؤه أن السلاح لا يمكن التنازل عنه.
خطة الجيش.. سرية التنفيذ وتقرير شهري
قال وزير الإعلام اللبناني، بول مرقص، إن مجلس الوزراء "رحّب بخطة قائد الجيش اللبناني، رودولف هيكل، لحصر السلاح بيد السلطات الشرعية"، لكنه شدد على أن "المداولات ستبقى سرية"، مضيفاً أن القائد سيقدّم تقريراً شهرياً عن مدى التقدّم في التنفيذ.
وأوضح مرقص أن الجيش سيبدأ بتطبيق الخطة "وفق الإمكانات اللوجستية المتوفرة"، مع إقراره بأن الخطة قد تتطلب "تذليل بعض القيود".
وأكد أن الإصلاحات السياسية والاقتصادية يجب أن تتم بالتوازي مع حصر السلاح، محذراً من "أي تفجير داخلي" قد تسببه المواجهة.
انسحاب الوزراء الشيعة.. اعتراض علني
ما إن دخل قائد الجيش قاعة الاجتماع لعرض خطته، حتى انسحب الوزراء الشيعة الخمسة من الجلسة.
وزير الصحة ركان ناصر الدين خرج من القاعة لكنه بقي في القصر، فيما انتقل وزير العمل إلى قاعة جانبية قبل أن يغادر مع زملائه.
وكان وزير العمل محمد حيدر قد قال للصحافيين قبل الجلسة: "بعد شوي بتعرفوا"، في إشارة إلى موقفهم المسبق. وأكد وزير الداخلية أحمد الحجار من جهته أن "الإجراءات الأمنية المناسبة" اتُّخذت في محيط بعبدا.
ضغوط أميركية وإسرائيلية متصاعدة
تزامنت الجلسة مع تحذيرات أميركية وإسرائيلية للبنان من مغبة التراجع. إذ نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين قولهم إن أي تقاعس قد يؤدي إلى وقف التمويل السنوي للجيش اللبناني، البالغ نحو 150 مليون دولار.
كما هدّدوا بأن الفشل في تنفيذ الخطة قد يفتح الباب أمام "حملة عسكرية إسرائيلية جديدة".
وأكد فِراس مقصَد، المدير التنفيذي في "يوراسيا غروب"، أن "هذه لحظة حاسمة وفرصة للبنان"، مشيراً إلى أن نجاح الخطة قد يجلب دعماً مالياً أكبر ويساعد في إعادة بناء الاقتصاد اللبناني المتداعي.
حرب إسرائيلية وضغوط دولية
تأتي هذه التطورات بعد الحرب المدمرة بين حزب الله وإسرائيل العام الماضي، والتي قلبت موازين القوى وأعادت إحياء المطالبات الداخلية والخارجية بوضع السلاح تحت سلطة الدولة.
وتنعقد الجلسة الحكومية أيضاً على وقع تصعيد الغارات الإسرائيلية على الجنوب، التي أوقعت أربعة قتلى هذا الأسبوع.
وفي هذا السياق، يشير دبلوماسيون إلى أن الجيش يسعى لتجنّب مواجهة مباشرة مع الحزب، ما يفسر تجنّب تحديد جدول زمني صارم في الخطة، حسب رويترز.
فيما يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على أن أي نقاش يجب أن يتم "بهدوء وتوافق" بعيداً عن "رمي كرة النار في حضن الجيش".
القرار 1701 والورقة الأميركية
أكد وزير الإعلام أن لبنان متمسك بتطبيق القرار الدولي 1701 كاملاً، لكنه ربط أي تقدم بشأن "الورقة الأميركية" بتحرك مقابل من إسرائيل، سواء لجهة وقف الغارات أو الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة.
ويشير مقترح واشنطن الذي نوقش الشهر الماضي إلى احتمال انسحاب إسرائيلي تدريجي مقابل نزع سلاح حزب الله بحلول نهاية العام، مع تقديم دعم اقتصادي للبنان.