الجدل يشتعل.. هل تكسب أميركا بالحرب لا بالدفاع؟
تشعل إعادة تسمية وزارة الدفاع الأميركية إلى "وزارة الحرب" بقرار تنفيذي من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نقاشًا واسعًا يتقاطع بين الرمزية السياسية والقيود القانونية والتكلفة المتوقعة وواقع الجاهزية العسكرية.
ففيما يروّج البيت الأبيض لـ"رسالة نصر" و"استعادة روح المحارب"، تؤكد تقارير عدّة أن التغيير الرسمي للاسم يظلّ مرهونًا بموافقة الكونغرس، وأن الخطوة بصيغتها الحالية تمنح تسميةً ثانوية يمكن استخدامها في المراسلات والفعاليات والاتصالات الرسمية داخل الجهاز التنفيذي، وسط تقديرات بكلفة قد تتجاوز المليار دولار وانتقادات تعتبر أن الاسم لا يعالج تآكل القوة الصلبة.
وقّع ترامب، الجمعة، أمرًا تنفيذيًا يمنح وزارة الدفاع تسمية "وزارة الحرب"، معتبرًا أنّ الاسم "أكثر ملاءمة في ضوء وضع العالم راهنًا" وأنه "يبعث رسالة النصر".
وقدّم وزير الدفاع، بيت هيغسيث، التأطير السياسي للخطوة بوصفها جزءًا من "استعادة روحية المحارب"، حسب تقرير أي بي سي.
ماذا يجيز الأمر التنفيذي الآن؟
تشير التغطيات إلى أنّ الاسم يمكن اعتماده كلقب ثانٍ في المراسلات الرسمية والاتصالات العامة والسياقات الاحتفالية والوثائق غير التشريعية داخل الجهاز التنفيذي، كما يتيح للوزير استخدام لقب "وزير الحرب".
وسارعت المؤسسة إلى خطوات تطبيقية رمزية شملت تغيير لافتات وألقاب حسابات رسمية على المنصات، وفق واشنطن بوست.
القانون والكونغرس.. أين تقف الحدود؟
يبقى اسم "وزارة الدفاع" مثبتًا في تعديل عام 1949 لقانون الأمن القومي الصادر عام 1947، ما يعني أنّ التغيير القانوني الكامل يتطلب تشريعًا من الكونغرس.
بعض تصريحات ترامب أوحت بإمكان المضي من دون الكونغرس، لكن التقارير تشدد على أن التغيير الحالي ثانوي ولا يتخطى القانون الفيدرالي، وفق فرانس برس.
كلفة ضخمة متوقعة.. من اللوحات إلى الزيّ
لم يعلن البيت الأبيض كلفة التغيير، غير أن توقعات إعلامية تحدّثت عن أرقام تفوق المليار دولار، فيما قدّرت تغطيات أخرى الكلفة بـ"مليارات الدولارات" لتبديل اللافتات والقرطاسية والزي العسكري وغيرها حول العالم. وأفاد مسؤول في البنتاغون بأن تقدير الكلفة سيتضح خلال التنفيذ، حسب ذا تايمز وواشنطن بوست.
"روح المحارب" كما يطرحها هيغسيث
يرى هيغسيث أن الخطوة لا تتعلق بالاسم فقط، بل بـ"استعادة روح المحارب".
وتورد تقارير ممارسات رمزية وتنظيمية موازية داخل البنتاغون، بينها اعتماد تسميات وشعارات مرتبطة بـ"غرفة الحرب" وتحركات اتصال عام تؤطر التحوّل الجديد، وفق فرانس برس.
خطوات موازية داخليًا وخارجيًا
تضع تقارير الخطوة ضمن سياق أوسع لإظهار القوة داخليًا وخارجيًا خلال الولاية الثانية: تعزيز الوجود العسكري في الكاريبي ضد "كارتيلات المخدرات" مع سقوط قتلى في استهداف قارب مشتبه به، الحديث عن ضربة ضد منشآت نووية إيرانية في يونيو، ونشر الحرس الوطني في واشنطن ولوس أنجليس مؤخرًا ضمن حملات داخلية، وفق ذا تايمز.
سارع منتقدون إلى مهاجمة التحرك بوصفه "حملة فارغة" إن لم تقترن بتمويل وجاهزية تمنع الحروب وتكسبها.
فيما اعتبر مسؤولون ديمقراطيون أن ما يهم هو ارتكاز البنتاغون على الدستور والتركيز على الخصوم لا على الانقسامات الحزبية.
وذهب محللون إلى أنّ تغيير الاسم لا يعالج سباق الصين على نشر قوات قادرة على هزيمة الولايات المتحدة في المحيط الهادئ، حسب واشنطن بوست ونيويورك تايمز.
نقاش الجاهزية.. "هل تستطيع وزارة الحرب أن تكسب حربًا؟"
في مقال رأي لوول ستريت جورنال، تُصوَّب الأنظار إلى تراجع الحصة الدفاعية من الناتج مقارنة بالعقود الماضية وتحديات القتال على أكثر من مسرح في وقت واحد.
وينقل مقال وول ستريت جورنال تحذيرات من قيادات عسكرية سابقة بشأن شيخوخة الأساطيل وتراجع الطلعات التدريبية والجاهزية التشغيلية. وخلاصة التقرير أن التسمية وحدها لا تكسب الحروب.
تُذكّر الخلفية التاريخية بأن "وزارة الحرب" أنشأها الكونغرس عام 1789، وأُعيد تنظيم المنظومة بعد الحرب العالمية الثانية عبر "المؤسسة العسكرية الوطنية" ثم "وزارة الدفاع" عام 1949 بإشراف وزير دفاع على فروع الجيش والبحرية والقوة الجوية.
ويقع المقر في مبنى البنتاغون الهائل الذي نما بفعل الحرب العالمية الثانية، وتُعد الوزارة أكبر جهة توظيف في الولايات المتحدة بأكثر من 3 ملايين مدني وعسكري، حسب فرانس برس.
يرى ترامب أنّ الولايات المتحدة "كان بإمكانها الفوز في كل الحروب، لكننا اخترنا أن نكون مسيَّسين أكثر من اللازم"، معتبرًا أن "وزارة الحرب" "تبث رسالة" وأنّ "الكلمات مهمة".
كما يروّج لمعادلة "السلام من خلال القوة"، ويقول إنه سيدفع لاحقًا نحو ترسيخ التسمية الجديدة في القانون، وفق نيويورك تايمز.