سيباستيان لوكورنو.. من الظل العسكري إلى رئاسة الحكومة
في مقابلة مع صحيفة
لو باريزيان قبل أسابيع فقط، نفى سيباستيان لوكورنو أن يكون مرشحاً لمنصب رئاسة الوزراء قائلاً: "ألاحظ أنّه في التاريخ، عند كل تعديل وزاري، كان يُطرح اسم وزراء الدفاع السابقين، مثل ميشيل أليو-ماري وجان إيف لودريان، كمرشحين لرئاسة الوزراء، لكنهم لم يصلوا أبداً إلى ماتينيون. وهذا يناسبني تماماً!".
لكن ما لم يكن يتوقعه هو أن يُستدعى بسرعة قياسية ليخلف فرانسوا بايرو الذي قدّم استقالته في 9 سبتمبر، ليُعيّنه الرئيس إيمانويل ماكرون بعد ساعات قليلة فقط، كما ذكرت صحيفة
لوبينيون.
ماكرون يبحث عن رئيس وزراء دائم
وفق تحليل مجلة
لو بوان، يأتي لوكورنو في سياق سياسي مرتبك جعل ماكرون يبحث عن شخصية قادرة على الصمود أكثر من مجرد "كبش فداء سياسي".
بحسب لوبينيون، كانت صفات رئيس الوزراء واضحة لماكرون، من بينها أن لا يكون مهدداً بالرقابة البرلمانية، غير طامح للرئاسة، قادر على التحدث إلى جميع الأطراف، والأهم أن يعرف كيف يتعامل مع برلمان 2024 الذي يضم وجوها مثيرة للجدل مثل جان فيليب تانغي ولويس بويار.
بحسب صحيفة
20minutes، وُلد سيباستيان لوكورنو في 11 يونيو 1986 في مدينة أوبون بفال دواز، وانخرط في السياسة مبكراً بانضمامه إلى حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية (UMP) وهو في السادسة عشرة من عمره.
حقق حلمه الشخصي في 2014 حين أصبح عمدة مدينة فيرنون بعد أن أطاح بعمدة اشتراكي. وبعد حصوله على شهادة الثانوية العامة، عُيّن في سن التاسعة عشرة مساعداً برلمانياً، ليصبح الأصغر في فرنسا.
ووفق موقع
سود أويست، انتقل عام 2008 ليصبح أصغر مستشار في مكتب وزير الشؤون الأوروبية برونو لو مير، ثم في 2015 أصغر رئيس لمجلس مقاطعة في فرنسا، مقاطعة إير. ومع دعم لو مير، برز كأحد الوجوه الصاعدة في اليمين الفرنسي، قبل أن يُستدعى إلى الحكومة في سن الحادية والثلاثين، متنقلاً بين وزارات البيئة والجماعات المحلية وأراضي ما وراء البحار والدفاع.
بحسب لو بوان، تميّز لوكورنو بقدرته على بناء شبكة علاقات واسعة تتجاوز الانتماءات الحزبية. فقد تناول الغداء مع الرئيس السابق فرنسوا هولاند كما مع إيريك سيوتي، والتقى آن هيدالغو، والأكاديمي فرنسوا سوريو، وحتى رجل الأعمال فينسنت بولوري الذي شوهد يخرج من مكتبه في وزارة الدفاع. هذا الانفتاح جعله سياسيا "شموليا" يعرف كيف يفتح قنوات الحوار مع الحميع.
وصفت لو بوان لوكورنو بأنه "عسكري أو راهب"، في إشارة إلى طبيعته المنضبطة وميوله إلى التقشف. فهو جندي احتياط في الدرك، وكان يوماً ما متردداً بين أن يسلك مساراً عسكرياً أو أن ينضم إلى الحياة الرهبانية.
يجمع الميداليات والقبعات العسكرية، ويعتني بقبر الزعيم الفرنسي أريستيد بريان في مقاطعته، ويُعرف بشغفه بالمراسم الوطنية.
كان في وزارة الدفاع يحرص على الجلوس تحت تمثال الجنرال ديغول، مظهراً حرصاً على الرمزية والتاريخ. يصفه مقربون منه بأنه "محب للحياة، يجيد العلاقات الإنسانية، ويُتقن المزاح والإطراء"، وفي الوقت ذاته يفضل قضاء أوقات هادئة في الطهي أو البستنة أو قراءة الكتب في منزله.
وفق
سود أويست، لوكورنو قادم من اليمين لكنه بقي شخصية شبه مجهولة للجمهور العام. منذ 2017 أصبح من المقرّبين من ماكرون، مساهماً أساسياً في تنظيم "الحوار الوطني الكبير" بعد أزمة "السترات الصفراء".
أشارت صحيفة
20minutes إلى أنه تولى حقيبة الدفاع عام 2022 بعد فلورنس بارلي، وقدّم أداءً اعتُبر ناجحاً في هذا المنصب.
وصفه دبلوماسيون بأنه "مخلص لماكرون ولن يشكل تهديداً له"، بينما أشاد برلمانيون بقدرته على إتقان الملفات المعقدة والرد بطلاقة دون أوراق.
بحسب سود أويست، كان لوكورنو قريباً من شخصيات وازنة مثل جيرالد دارمانان وإدوار فيليب، وتميّز بقدرته على التفاوض مع البرلمانيين من مختلف الأحزاب، ما مكّنه من تمرير قانون برمجة عسكرية للسنوات 2024-2030 بزيادة 40% عن الميزانية السابقة، في إنجاز نادر في ظل الانقسامات الحزبية.
لكن صعوده لم يخلُ من انتقادات. فقد كشفت
TF1 Info عن انتقادات وُجهت إليه بعد حضوره عشاءً مع مارين لوبان، ما جعله في نظر بعض الاشتراكيين "رجل التفاوض مع اليمين المتطرف".
في الملفات الاقتصادية، شدد على أن الخطر ليس في "أبواب صندوق النقد الدولي" كما حذر البعض، بل في أن "البلاد ستختنق تدريجياً إن لم نفعل شيئاً".
ذراع ماكرون في الحروب والأزمات
مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، وجد لوكورنو نفسه في الواجهة كمهندس لسياسة "إعادة التسلح" التي أرادها ماكرون. وفق
فوانس ويست، كان لاعباً محورياً في تعزيز التعاون الدفاعي الأوروبي خصوصاً مع ألمانيا.
وبعد هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، أرسله ماكرون في جولة إقليمية للتفاوض حول إطلاق سراح الرهائن الفرنسيين في غزة، ما عزز صورته كوجه دبلوماسي وعسكري في آن واحد.