سياسة

"نيرون يحتفل".. غزة تحترق

نشر
blinx
بينما تتصاعد ألسنة اللهب والدخان في سماء غزة، أطلقت إسرائيل المرحلة الرئيسية من هجومها البري على المدينة، في تصعيد هو الأعنف منذ عامين من الحرب.
وصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الوضع قائلاً "غزة تحترق"، فيما يتحدث سكان عن قصف مكثف يدمّر الأبراج والطرق والمساجد والمدارس ويشرّد مئات الآلاف من المدنيين.
في الوقت ذاته، تحذّر الأمم المتحدة ومنظماتها من "مذبحة" و"مجاعة من صنع الإنسان" وتصف ما يجري بالتهجير القسري الجماعي، بينما تتهم لجنة تحقيق دولية إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية.
ومع اقتراب موسم الأمطار في مدينة مدمرة وبنى تحتية منهارة، تبدو الكارثة الإنسانية مرشحة للتفاقم، فيما يتهم أقارب رهائن حماس رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأنّه يضحي بهم لأهداف سياسية.

اعرف أكثر

هجوم بري واسع وتصعيد غير مسبوق

أطلقت إسرائيل، الثلاثاء، المرحلة الرئيسية من هجومها البري على مدينة غزة بعد أشهر من التهديدات، وقال مسؤول عسكري إن القوات البرية تتوغل بشكل أكبر نحو مركز المدينة وأن عدد الجنود سيزداد في الأيام المقبلة لمواجهة نحو ثلاثة آلاف مسلح من حماس.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بداية شهادته أمام المحكمة في قضية فساد أنّ الجيش "أطلق عملية عسكرية كبيرة في غزة".
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في منشور عبر منصة "إكس" إنّ الجيش الإسرائيلي "يضرب البنية التحتية لحماس بقبضة من حديد" في وقت انضمت الزوارق الحربية إلى الدبابات والطائرات في قصف المناطق الساحلية.
وأفاد سكان أن القصف تصاعد بشكل غير مسبوق خلال اليومين الماضيين ودمر عشرات المنازل ومعالم المدينة.

نزوح جماعي ومعاناة المدنيين

أفادت تقارير رويترز بأنّ آلاف الفلسطينيين يفرون من القصف باتجاه الجنوب والغرب على عربات تجرها الحمير ومركبات مثقلة بحمولاتها أو سيرًا على الأقدام.
ويقول أبو تامر (70 عامًا) وهو يقطع الرحلة الشاقة مع عائلته "بيدمروا الأبراج، بيمسحوا ذكرياتنا".
وتقدّر كلّ من حماس والجيش الإسرائيلي أنّ نحو 350 ألف شخص فرّوا من مدينة غزة حتى الآن، فيما لا يزال بها نحو ضعف هذا العدد، وسط أوامر إسرائيلية متكررة للمدنيين بالمغادرة.
ورغم شدّة القصف، لزم بعض السكان أماكنهم إما لعدم امتلاكهم المال الكافي أو لاعتقادهم بعدم وجود مكان آمن يلجأون إليه، في ظلّ شحّ الخيام ووسائل النقل.

أطفال بين الخطرين ومخيمات غير آمنة

وحذّرت مسؤولة اليونيسف، تيس إنجرام، من "غير الإنساني" توقّع مغادرة مئات آلاف الأطفال مدينة غزة لأنّ المخيمات في الجنوب غير آمنة ومكتظة وغير مجهزة لاستقبالهم.
وأوضحت أنّ بعض الأشخاص الذين فرّوا من الهجوم الإسرائيلي الجديد على المدينة التي ضربتها مجاعة خلال الأيّام الماضية يتجهون عائدين نحو القنابل. وأضافت أنّ بعض الأطفال قُتلوا في مخيم المواصي أثناء جلبهم المياه.
وصفت إنجرام رحلتها في القطاع حيث رأت آلاف العائلات تسير بلا خطة واضحة أو وجهة، ومنها أم تُدعى إسراء قطعت الرحلة سيرا مع أطفالها الـ٥ الجائعين والعطشى، بينهم طفلان حافيان. وقالت "كانوا يسيرون إلى المجهول، من دون وجهة أو خطة واضحة، مع أمل ضئيل في إيجاد راحة".

اتهامات بالإبادة وتحذيرات أممية

دان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، توسيع إسرائيل لعمليتها البرية في مدينة غزة، معتبراً أنّ ما يجري "غير مقبول إطلاقاً" ومطالباً بوضع حدّ "للمذبحة".
وقال لوكالتي فرانس برس ورويترز إنّ "العالم كله يصرخ من أجل السلام" لكن ما يحدث هو تصعيد إضافي غير مقبول.
وأضاف "نرى جريمة حرب تلو الأخرى وجرائم ضدّ الإنسانية"، مشيرًا إلى أنّ القرار سيعود للمحكمة في تحديد إن كانت إبادة جماعية أم لا.
وفي الوقت نفسه خلصت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إلى أنّ إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية في غزة وأن كبار المسؤولين بمن فيهم نتنياهو حرّضوا على هذه الأفعال، وهو ما رفضته إسرائيل ووصفت نتائجه بأنها "معيبة" و"كاذبة".

خطر المجاعة وتفاقم الكارثة مع الأمطار

أعلنت وزارة الصحة في غزة وفاة ثلاثة فلسطينيين إضافيين، بينهم طفل، بسبب سوء التغذية خلال 24 ساعة، ليرتفع العدد إلى 428 حالة وفاة معظمها خلال الشهرين الماضيين، فيما وصف مرصد عالمي للجوع الوضع بأنّه "مجاعة من صنع الإنسان"، بينما تقول إسرائيل إن تصوير وضع الجوع مبالغ فيه.
ومع اقتراب موسم الأمطار، حذّرت بلدية غزة من أنّ استمرار الحرب وعدم تزويدها بالاحتياجات الطارئة من آليات ووقود ومعدات سيشكل خطراً جسيماً على حياة المواطنين ويضاعف الكارثة.
وأوضحت البلدية أنّ برك تجميع مياه الأمطار امتلأت بمياه الصرف الصحي بسبب توقف محطات الضخ عن العمل، ما ينذر بغرق المناطق المنخفضة وانتشار الأمراض والأوبئة، وناشدت المجتمع الدولي سرعة التدخل.

جدل حول الرهائن وضغوط داخل إسرائيل

أعرب منتدى يمثل أقارب الرهائن المحتجزين لدى حماس عن قلقه العميق إزاء العملية العسكرية، متهمًا نتنياهو بالتضحية بالرهائن لأسباب سياسية.
وقال المنتدى إن بعد مرور 710 ليالٍ على الرهائن في الأسر، قد تكون هذه هي الليلة الأخيرة لهم.
وحذّر قادة عسكريون من أنّ العملية قد تعرّض حياة الرهائن للخطر وتحوّل غزة إلى "مصائد موت" للجنود.
وتجمعت عائلات بعض الرهائن أمام منزل نتنياهو في القدس، بينما تنقل وسائل الإعلام عن وزير الدفاع يسرائيل كاتس أنّ العملية تستهدف "تأمين إطلاق سراح الرهائن وهزيمة حماس"، في حين يقول منتقدون إن الحكومة "تفعل العكس".

دعم أميركي متشدد وتراجع فرص الحلّ الدبلوماسي

قبل ساعات من التصعيد، عبر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، عن دعمه لقرار الحكومة الإسرائيلية التخلي عن محادثات وقف إطلاق النار واستخدام القوة لسحق حماس.
وقال إن الولايات المتحدة تأمل في نهاية دبلوماسية للحرب لكنها مستعدة لاحتمال ألا يحدث ذلك.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة