حرية التعبير في أميركا مهددة؟
تشهد الولايات المتحدة جدلا محتدما حول التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يكرس حرية التعبير، منذ مقتل الناشط اليميني تشارلي كيرك، مع إعلان مشرّعين ديموقراطيين الخميس عزمهم طرح مشروع قانون على الكونغرس لحماية هذا الحق، مشيرين إلى سعي الرئيس دونالد ترامب لفرض رقابة على معارضيه.
واتهم العديد من كبار الديموقراطيين ترامب بشن حرب على حرية التعبير، بعدما رحّب الأخير بتعليق شبكة "إيه بي سي" التلفزيونية الأميركية بث برنامج الفكاهي جيمي كيميل الذي اتهم اليمين باستغلال جريمة اغتيال المؤثر المحافظ لتحقيق مكاسب سياسية.
واتّهمت منظمة "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" الحقوقية إدارة ترامب بالعمل خارج الضوابط الدستورية لاستهداف معارضيه، وشبهتها بـ"الخوف الأحمر"، أو حملة قمع الشيوعيين بعد الحرب العالمية الثانية في حقبة عرفت بالحقبة المكارثية تيمنا بالسناتور الجمهوري جوزيف مكارثي.
واتهم مكارثي الذي كان رئيسا للجنة فرعية في الكونغرس، عددا من موظفي الحكومة والفنانين والمثقفين بأنهم شيوعيون يعملون لمصلحة الاتحاد السوفياتي، ليتبين لاحقا أن معظم اتهاماته كانت بلا أساس. وأصبح هذا المصطلح يستخدم للتعبير عن الإرهاب الثقافي.
وقال كريستوفر أندرس، مدير قسم شؤون الديموقراطية والتكنولوجيا في الاتحاد "هذا يتجاوز المكارثية. المسؤولون في إدارة ترامب يسيئون استخدام سلطتهم بشكل متكرر للقضاء على أفكار لا تعجبهم، وتحديد من يحق له التحدث والكتابة وحتى المزاح".
ما الذي ينص عليه التعديل الأول؟ ولم هو موضع جدل؟
تتضمن وثيقة الحقوق التي تمت المصادقة عليها عام 1791، التعديلات العشرة الأولى لدستور الولايات المتحدة والتي تحمي الحقوق الأساسية للأميركيين.
وينص التعديل الأول على أن الكونغرس لا يمكنه سن أي قانون "يمنع أي شخص من ممارسة دينه بحرية أو يقيد حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية التجمع السلمي".
واعتبر ديفيد سوبر، الأستاذ في كلية الحقوق في جامعة جورج تاون، أن هذا التعديل "يمثل في الواقع كيف نحدد هويتنا كأمة".
بدوره، أوضح يوجين فولوخ، أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، أن التعديل الأول يحمي حتى التعبير "المنحط أخلاقيا"، مشيرا إلى أن تاريخ الولايات المتحدة شهد رغم ذلك محاولات لقمع أصوات معارضة.
من جهتها، أثارت وزيرة العدل الأميركية بام بوندي جدلا بين المحافظين عندما قالت في وقت سابق من هذا الأسبوع إن وزارتها ستلاحق أي شخص ينطق بـ"خطاب كراهية" مرتبط بكيرك.
وسارع السيناتور الجمهوري تيد كروز إلى التصحيح لها ورد قائلا إن الدستور "يحمي قطعا خطاب الكراهية"، لتؤكد بوندي بعدها في بيان تناقلته وسائل الإعلام أنها كانت فقط تتحدث عن التصريحات التي تحرض على "العنف".
ودعا المعلق المحافظ تاكر كارلسون إلى "عصيان مدني" إذا أدت جريمة قتل كيرك إلى زيادة قوانين تحد من حرية التعبير.
وانتقدت بعض الأصوات من أقصى اليمين مرسوما وقّعه ترامب في أغسطس ويجعل حرق العلم الأميركي جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عام.
وفي العام 1989، قضت المحكمة العليا الأميركية بأن حرق العلم الأميركي يعد شكلا من أشكال حرية التعبير، وهو أمر محمي بموجب التعديل الأول.