خطة فرنسية لـ"غزة ما بعد الحرب": نزع سلاح وإسرائيل "عقبة"
مع استعداد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاعتراف بدولة فلسطينية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تنطلق اليوم الإثنين، في نيويورك، كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن مبادرة فرنسية لقطاع غزة ما بعد الحرب.
وتهدف المبادرة، وفقًا لمسودة الاقتراح التي حصلت عليها الصحيفة الإسرائيلية والمؤلفة من صفحتين إلى:
- إنشاء "بعثة استقرار دولية" تحل محل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة
- تعمل البعقة على نزع سلاح حماس بعد انتهاء الحرب
- تفعيل إعلان مدعوم دوليًا صدر في يوليو، ويدعو إلى حل الدولتين، ونزع سلاح حماس، ونقل الأمن الداخلي في غزة تدريجيًا إلى السلطة الفلسطينية.
- تُحدّد المسودة "مسارًا عمليًا لنشر بعثة استقرار مؤقتة بتفويض من الأمم المتحدة، في إطار زمني قصير.
وكان إعلان نيويورك قد حظي برعاية مشتركة من فرنسا والسعودية في يوليو، ثم أيدته بعد ذلك دول عربية، قبل أن يتم تضمينه في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر.
وجاء في الإعلان أن الموقعين على "البيان يدعمون نشر بعثة استقرار دولية مؤقتة بناء على دعوة من السلطة الفلسطينية وتحت رعاية الأمم المتحدة وبما يتماشى مع مبادئ الأمم المتحدة".
وأضاف إعلان نيويورك: "ستوفر هذه البعثة، القابلة للتطور حسب الاحتياجات، الحماية للسكان المدنيين الفلسطينيين، وتدعم نقل مسؤوليات الأمن الداخلي إلى السلطة الفلسطينية، وتوفر دعمًا لبناء قدرات الدولة الفلسطينية وقواتها الأمنية، بالإضافة إلى ضمانات أمنية لفلسطين وإسرائيل، بما في ذلك مراقبة وقف إطلاق النار واتفاقية سلام مستقبلية، مع الاحترام الكامل لسيادتهما".
قوة حفظ السلام مقابل البعثة متعددة الجنسيات
يُفصّل الاقتراح الفرنسي بشأن بعثة الاستقرار الدولية، الذي حصلت عليه صحيفة تايمز أوف إسرائيل، نطاق ولاية البعثة ونطاقها بشكل أكثر تفصيلاً، مما يُمهد الطريق لقرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنشاء هذه القوة.
وينصّ مشروع القرار على أن القوة، في الحالة المثالية، ستتخذ شكل عملية حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة (PKO) أو بعثة سياسية خاصة (SPM)، على أن تكون محايدة رسميًا، وتتمتع بشرعية دولية أكبر، وتعمل وفق مبادئ واضحة.
مع ذلك، فإن إنشاء بعثة متعددة الجنسيات، ذات مستوى أدنى، ومخصصة، بقيادة دول محددة، من شأنه أن يسمح بانتشار أسرع، إذ يتطلب موافقات أقل، ومن المرجح أن تحظى بقبول الأطراف على الأرض، وفقًا للمقترح.
وينص مشروع القرار على أن تمويل المهمة سيتم من خلال جهات مانحة تطوعية، وليس من خلال المساهمات الإلزامية.
يُشار إلى أن المقترح يُشير إلى إمكانية نشر القوة قبل انتهاء الحرب في غزة، ولكنه يُحدد أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مُسبقًا هو "الأفضل".
تتوخى المسودة انتشارًا على مرحلتين:
- في المرحلة الأولى: يُفضل أن يبدأ بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار، مع تحديد أهداف القوة في "مراقبة وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين الفلسطينيين، ونزع سلاح حماس تدريجيًا، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتقديم الخدمات الأساسية بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ووكالات الأمم المتحدة".
- في المرحلة الثانية، والتي تُوصف بأنها متوسطة إلى طويلة الأجل، ستُركّز القوة الدولية على "دعم بناء القدرات" لدولة فلسطينية مُستقبلية، مُستلهمة من بعثات الأمم المتحدة المُماثلة في كوسوفو وتيمور الشرقية.
وستدعم القوة نقل مسؤولية الأمن الداخلي إلى السلطة الفلسطينية، بالتنسيق مع المبادرات القائمة لتدريب الشرطة الفلسطينية، وفقًا للمسودة.
كما ستساعد بعثة الاستقرار في التحضيرات للانتخابات الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، وتنسق جهود إعادة الإعمار في القطاع.
أما فيما يتعلق بنطاق عمل القوة، فإن الاقتراح الفرنسي يقول إنها ستنتشر في البداية في غزة فقط.
يحذّر المقترح من أن "تقييد ولاية هذه البعثة في غزة على المدى البعيد قد يؤدي إلى انفصال دائم بين غزة والضفة الغربية"، ويؤيد تمديد انتشارها في نهاية المطاف ليشمل الضفة الغربية.
مع ذلك، ينص المقترح على أن مثل هذه الخطوة "ستكون رهنًا باتفاق سياسي وجدوى عملياتية، نظرًا لقضايا حساسة مثل عنف المستوطنين ووجود القوات الإسرائيلية".
الإشارة الوحيدة إلى إسرائيل في المقترح المكون من صفحتين، هي أن تل أبيب قد تُشكّل عقبة أمام الخطة، نظرًا لإصرار إسرائيل على معارضتها لدور السلطة الفلسطينية في غزة، ناهيك عن السماح لقوة دولية بالعمل في الضفة الغربية.
ومن المرجح أن تُضطر أي قوة دولية إلى التنسيق مع الجيش الإسرائيلي وفكّ الاشتباك معه، ورغم أن المسودة الفرنسية ليست نهائية بعد، إلا أن إغفالها تفاصيل علاقة القوة الدولية بالجيش الإسرائيلي بدا واضحًا، بحسب الصحيفة.
مع ذلك، بدا أن ذكره الصريح لنزع سلاح حماس يتجاوز الخطة المدعومة أميركيًا التي وضعها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، والتي تركز بشكل حصري على إنشاء سلطة حاكمة انتقالية في غزة.
كما يسلط مقترح بلير الضوء على هدف تعزيز "نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج"، لكنه لا يذكر حماس بالاسم.
غير أن الاقتراح الفرنسي أكثر وضوحًا بشأن كون القوة مقدمة لحل الدولتين، وهو ما أكدته الدول العربية مرارًا وتكرارًا على أهميته لمشاركتها.
ووفق الصحيفة الإسرائيلية، فإنه بدون دعم الولايات المتحدة، لن يحظى الاقتراح الفرنسي بأي فرصة للنجاح في مجلس الأمن الدولي.
ماكرون بحث المقترح مع واشنطن
في مقابلة الأحد، مع برنامج "Face the Nation" على قناة سي بي إس الأميركية، قال الرئيس الفرنسي إنه تواصل مع الولايات المتحدة وبلير بشأن مقترح باريس.
وكشف ماكرون عن بعض التفاصيل الإضافية حول الخطة الفرنسية، قائلاً إنها ستشهد تدقيقاً إسرائيلياً في هوية القوات الفلسطينية.
وأكد الرئيس الفرنسي أنه يعمل بشكل وثيق مع المملكة المتحدة، التي اعترفت بدولة فلسطينية الأحد، إلى جانب القادة العرب لدفع الجهود الرامية إلى "عرض قوة دولية تُنشر في غزة، بتفويض من الأمم المتحدة... لمساعدة ودعم رجال الشرطة وقوات الأمن الفلسطينية".
وأكد أن "العنصر الأساسي" في الخطة الأمنية الفرنسية هو "تفكيك حماس".
وأضاف ماكرون: "لا يوجد خيار آخر إذا أردنا إصلاح الوضع، نزع سلاح حماس، وتسريح مقاتليها، وتنظيم عملية نزع سلاح وتسوية سلمية... لضمان عدم مشاركة حماس في الحكومة، مع مغادرة بعض الشخصيات الرئيسية غزة".
وقال: "وللقيام بذلك، نحتاج إلى وجود هذه القوات الدولية هنا"، وفق ما جاء في المقابلة التلفزيونية.