سياسة

سفن حربية في المتوسط.. أوروبا تتردد أمام الهجمات الإسرائيلية

نشر
blinx
أرسلت كلّ من إيطاليا وإسبانيا سفناً حربية إلى شرق البحر المتوسط لمساندة أسطول المساعدات الدولي المعروف باسم "أسطول الصمود العالمي"، وهو يضمّ نحو 50 قارباً مدنياً يسعى لكسر الحصار البحري المفروض على غزة.
جاء هذا التحرك بعد أن تعرّضت سفن الأسطول لهجمات متكررة باستخدام طائرات مسيرة، حيث أفاد المشاركون بوقوع ما لا يقلّ عن 13 انفجاراً وإلقاء أجسام مجهولة على عدد من القوارب، ما أثار مخاوف جدية على سلامة أكثر من 500 ناشط ومحامٍ وبرلماني، من بينهم السويدية غريتا تونبرغ. وقد وصفت منظمة الأسطول هذه الهجمات بأنّها "تصعيد خطير" و"عمل عدواني سافر".
وأكدت فرانسيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة للأراضي الفلسطينية المحتلة، عبر منصة إكس أن الأسطول تعرض لـ١٤ هجمة بين تونس وكريت، مشيرة إلى أن ٤ سفن أُصيبت بأضرار جسيمة وأن إحدى القوارب ما زالت تحمل جسماً متفجراً غير منفجر.

إيطاليا: مهمة إنسانية محدودة

وذكرت وكالة رويترز أنّ روما أعلنت إرسال فرقاطة، الأربعاء، بعد ساعات من إعلان الأسطول تعرّضه لهجوم بطائرات مسيرة ألقت قنابل صوتية ومساحيق مثيرة للحكة على قوارب كانت تبحر في المياه الدولية قرب جزيرة غافدوس اليونانية.
وأوضح وزير الدفاع الإيطالي غيدو كروسيتو أمام البرلمان أنّ هذه الخطوة "ليست عملاً حربياً ولا استفزازاً، بل واجب إنساني على الدولة تجاه مواطنيها".
أما رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، فقد شددت على أنّ البحرية الإيطالية لن تستخدم القوة العسكرية، وانتقدت مبادرة الأسطول بوصفها "غير ضرورية وخطيرة وغير مسؤولة"، بحسب ما نقلته رويترز.
كما أوضحت شبكة سي إن إن أن وزارة الخارجية الإيطالية أبلغت إسرائيل مسبقاً بضرورة الالتزام بالقانون الدولي ومبدأ الحيطة القصوى في أي عملية نظراً لوجود مواطنين وبرلمانيين إيطاليين على متن بعض السفن.
ونقل موقع يورونيوز عن كروسيتو قوله إنّ التظاهرات وأشكال الاحتجاج يجب أن تُحمى طالما تتمّ في إطار القانون الدولي ومن دون عنف، لكنّه أضاف أنّ إيطاليا غير قادرة على ضمان سلامة السفن خارج المياه الدولية.
كما نقلت رويترز عن مسؤول في البحرية الإيطالية قوله إنّ الهدف الأساسي هو تأمين المواطنين الإيطاليين وتوفير الدعم الطبي إذا لزم الأمر، موضحاً أن الفرقاطة مزودة بمرافق طبية متكاملة.

إسبانيا: رسالة سياسية ولكن بلا مواجهة

في خطوة موازية، أفادت صحيفة إلباييس بأنّ مدريد أعلنت إرسال سفينة حربية من قاعدة قرطاجنة البحرية لدعم الأسطول.
وأوضح رئيس الوزراء، بيدرو سانشيز، أنّ حكومته تطالب "باحترام القانون الدولي وضمان حقّ مواطنيها في الملاحة الآمنة بالمتوسط"، مشيراً إلى أنّ السفينة ستوفّر كلّ الموارد اللازمة في حال استدعت الحاجة لعملية إنقاذ.
وأوضحت الصحيفة أنّ السفينة "فورور"، وهي من نوع سفن العمل البحري، مجهزة بمدفع عيار 76 ملم وطائرة مسيرة ومروحيات إضافة إلى تجهيزات طبية يمكنها استقبال نحو ٨٠ شخصاً.
ومع ذلك، أكّد المصدر أنّ مهمتها ليست مرافقة القوافل أو مواجهة الهجمات الجوية، بل تقديم المساعدة أو عمليات الإنقاذ عند الضرورة، في إشارة واضحة إلى رغبة مدريد في تجنّب أي احتكاك مباشر مع إسرائيل.

جنسيات متعددة وتحرّك محدود

أفادت شبكة سي إن إن بأنّ الأسطول يضمّ مواطنين من دول عدّة، من بينها إيطاليا والسويد وإسبانيا، إلا أنّ مدريد وروما هما الوحيدتان اللتان تحركتا بخطوات عملية. أمّا السويد فاكتفت بالقول إنّها تتابع الوضع عن كثب مع وجود نحو ١٥ مواطناً سويدياً على متن القوارب.
ونقلت رويترز عن النائب الإسباني، خوان بورذيرا، دعوته إلى تصعيد الموقف على مستوى المفوضية الأوروبية لتنسيق الجهود مع مختلف الدول الأوروبية، معتبراً أن الموضوع يتجاوز مسؤولية دولتين فقط.
كما أشار تقرير في ديلي تايمز إلى أنّ الأسطول يضمّ نشطاء من ٤٥ دولة ويحمل مساعدات إنسانية في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي الذي تصفه منظمات إنسانية بأنّه شكل من أشكال العقاب الجماعي.

خيار قبرص وتسليم المساعدات

نقلت رويترز عن وزارة الخارجية الإسرائيلية دعوتها لأسطول المساعدات إلى إنزال الشحنات في موانئ قريبة وتسليمها للسلطات الإسرائيلية التي ستتولى نقلها إلى غزة بشكل منسق، محذّرة من "عواقب" في حال محاولة دخول القطاع بالقوة.
وفي السياق ذاته، أشارت رويترز إلى أنّ إيطاليا اقترحت إنزال الشحنات في قبرص وتسليمها إلى الكنيسة الكاثوليكية لتوزيعها في القطاع، وهو خيار قالت ميلوني إن إسرائيل تدعمه. أما البرلماني الإيطالي أرتورو سكوتو، المشارك في إحدى السفن، فأوضح أن النقاش بهذا الخصوص يجري "مباشرة مع الفاتيكان وليس مع الحكومة الإيطالية".
في المقابل، أكد الناشط البرازيلي تياغو أفِيلا في مقطع مصور على إنستغرام أن الأسطول "مهمة سلمية وإنسانية وغير عنيفة" تستند إلى القانون الدولي، مذكراً بأن محكمة العدل الدولية أصدرت قراراً مؤقتاً يمنع أي دولة من عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
تشير التقارير إلى أن الموقفين الرسميين في إسبانيا وإيطاليا يظلان أقرب إلى خطوة رمزية منهما إلى إجراء عسكري، إذ تنحصر مهمتهما في إنقاذ المواطنين وتقديم الدعم الطبي عند وقوع أي هجوم جديد، من دون اتخاذ تدابير وقائية تحول دون استهداف الأسطول أو التصدي للاعتداءات قبل وقوعها، ومن دون نية لمواجهة إسرائيل أو السعي إلى كسر الحصار بالقوة.
ومع ذلك، فإن استمرار الاعتداءات على الأسطول المدني يكشف عن فجوة واضحة بين الخطاب الأوروبي الداعي إلى احترام القانون الدولي وحماية المدنيين، وبين التحركات الميدانية المحدودة التي اقتصرت على عمليات الإنقاذ اللاحقة، خاصة في ظل غياب أي تحرك ملموس من عشرات الدول الأخرى التي يشارك مواطنوها في المبادرة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة