شابانا محمود.. ابنة مهاجر تفرض شروطا صارمة للهجرة في بريطانيا
لم يكن متوقعاً أن تبدأ شابانا محمود، ابنة مهاجر من كشمير وواحدة من الوجوه البارزة الجديدة في حزب العمال، أول خطاب لها كوزيرة داخلية في حكومة الظل بالإعلان عن سياسة أكثر صرامة في ملف الهجرة، حيث تعتزم التأكيد في مؤتمر الحزب أن الاستقرار الدائم في بريطانيا لن يُمنح إلا لمن يثبت أنه "مواطن صالح".
ويأتي هذا التوجه في سياق مسعى حزب العمال لاحتواء صعود نايجل فاراج وحزبه "الإصلاح"، غير أن المفارقة تكمن في أن من تقود هذا التوجه عاشت طفولة مهاجرة متنقلة بين السعودية وبريطانيا، وهو ما جعل الجدل حول سياساتها أكثر حدة.
ما هي الشروط الجديدة للإقامة الدائمة؟
كشفت شابانا محمود عن سياسة جديدة تضاعف مدة الانتظار للحصول على الإقامة الدائمة (Indefinite Leave to Remain) من 5 إلى 10 سنوات. وخلال هذه الفترة، لن يكفي مجرد الاستقرار والعمل، بل سيتعين على المهاجرين:
- العمل بشكل مستمر مع دفع مساهمات التأمين الوطني.
- عدم الاعتماد على المساعدات الحكومية.
- إتقان اللغة الإنكليزية إلى مستوى عالٍ.
- امتلاك سجل جنائي نظيف.
- "رد الجميل" للمجتمع المحلي عبر العمل التطوعي.
أما من يرتكب جرائم، فلن يُحرم بالضرورة من الإقامة بشكل تلقائي، بل ستُفرض عليه فترة انتظار أطول قبل التقديم. وفي حال ارتكاب جرائم خطيرة، فسيُرفض طلب الاستقرار، ويُطلب من الشخص المغادرة أو مواجهة الترحيل.
لكن خبراء مثل مادلين سامبشن، مديرة مرصد الهجرة بجامعة أكسفورد، وصفوا هذه المعايير بأنها "انحراف عن الطابع الإجرائي البسيط" الذي كان سائداً، محذّرين من صعوبة قياس مساهمات اجتماعية مثل العمل التطوعي، مقارنة ببيانات مالية أو جنائية يمكن التحقق منها بسهولة.
تتضاعف حدة الجدل حين تُقرأ السيرة الذاتية لشابانا محمود في ضوء السياسات التي تطرحها، إذ وُلدت في برمنغهام لأبوين من إقليم كشمير الخاضع لإدارة باكستان، وانتقلت في طفولتها المبكرة إلى مدينة الطائف بالسعودية حيث عمل والدها مهندساً مدنياً، وفق موقع
سكاي نيوز.
عاشت هناك سبع سنوات في محيط مهاجر قبل أن تعود العائلة إلى بريطانيا وتستقر في برمنغهام من جديد. اشترى والدها متجراً صغيراً وأصبح لاحقاً رئيساً محلياً لحزب العمال.
شبّت محمود بين ثقافتين، درست في مدرسة للبنات ثم في جامعة أكسفورد حيث تخصصت في القانون. ورغم أن تجربتها تعكس قصة نجاح لمهاجرة من جيل ثانٍ، فإن مواقفها السياسية اليوم تُظهر استعداداً لتبنّي خطاب أكثر صرامة مع المهاجرين الجدد، الأمر الذي يثير تساؤلات حول "المفارقة الأخلاقية" لمهاجر يضع قيوداً على من يسيرون الدرب ذاته.
الانتقادات الموجهة للسياسة الجديدة
وقّعت أكثر من مئة منظمة خيرية وإنسانية رسالة مفتوحة إلى وزيرة الداخلية، شابانا محمود، طالبت فيها بوقف "تأطير المهاجرين ككبش فداء"، حسب ما نقلته صحيفة
الغارديان.
واعتبرت الرسالة التي نسقتها منظمة "ريفيوجي أكشن" وشاركت فيها مؤسسات كبرى مثل "أوكسفام"، "أنقذوا الأطفال"، "غرينبيس"، و"فريندز أوف ذا إيرث"، أن استهداف المهاجرين لن يحل مشكلات بريطانيا البنيوية مثل:
- اتساع الفجوة في المساواة.
- نقص الاستثمارات في الإسكان والخدمات.
- تراجع تمويل المجالس المحلية.
- أزمة المنظومة الصحية الوطنية.
- التغير المناخي وتلوث المياه.
وجاء في الرسالة: "هذه السياسات الاستعراضية لن تحقق نمواً ولا نهضة، بل تحجب القضايا الحقيقية وتعطي غطاءً سياسياً على حساب الفئات الأكثر هشاشة."