سياسة

أول انتخابات في سوريا "بلا الأسد".. 3 مؤشرات يجب معرفتها

نشر
blinx
بعد أكثر من عقد من الصراع الدامي والاحتجاجات تستعد سوريا لإجراء أول انتخابات برلمانية "بلا نام بشار الأسد"، ولكن هذه الانتخابات تُعد اختبارًا حقيقيًا لمصداقية السلطات المؤقتة وقدرتها على إدارة عملية سياسية شاملة توازن بين الأمن والاستقرار من جهة، وتمثيل المجتمع السوري المتنوع من جهة أخرى، بحسب تقرير لأسوشيتد برس.
على مدار خمسين عامًا من حكم آل الأسد، كانت سوريا تجري انتخابات دورية يحق لجميع المواطنين المشاركة فيها، لكن في الواقع كانت غالبية المقاعد البرلمانية تحت سيطرة حزب البعث بقيادة الأسد، وكانت الانتخابات تعتبر شكلية فقط. وكان الجزء الوحيد الذي يشهد تنافسًا حقيقيًا يتمثل في الانتخابات الداخلية داخل الحزب لاختيار المرشحين قبل يوم التصويت.
والانتخابات المقررة هذا الأحد، لن تكون عملية ديمقراطية كاملة أيضًا، بحسب التقرير، فغالبية مقاعد البرلمان ستُنتخب عبر المجالس الانتخابية في كل دائرة انتخابية، بينما سيقوم الرئيس أحمد الشّراع بتعيين ثلث أعضاء البرلمان مباشرة. ومع ذلك، ستُعتبر نتائج الانتخابات مؤشراً على مدى جدية السلطات المؤقتة في تعزيز الشمولية، خاصة فيما يتعلق بالنساء والأقليات.

كيف ستُجرى الانتخابات؟

يتكون مجلس الشعب من 210 مقاعد، يُنتخب ثلثاها يوم الأحد بينما يُعيّن الثلث الباقي. تُجرى الانتخابات على المقاعد المنتخبة عبر المجالس الانتخابية في مختلف الدوائر، مع توزيع عدد المقاعد وفقًا لحجم السكان في كل دائرة.
نظريا، يُفترض أن يصوت نحو 7 آلاف عضو في المجالس الانتخابية موزعين على 60 دائرة لاختيار 140 مقعدًا.
إلا أن الانتخابات في محافظة السويداء والمناطق الواقعة في شمال شرق البلاد والتي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية بقيادة الأكراد قد تم تأجيلها إلى أجل غير محدد بسبب التوترات بين السلطات المحلية والحكومة المركزية في دمشق، ما يعني بقاء تلك المقاعد شاغرة.
بالتالي، سيصوّت حوالي 6 آلاف عضو في 50 دائرة لحوالي 120 مقعدًا. وتعتبر أكبر دائرة انتخابية هي دائرة مدينة حلب، حيث يصوّت 700 عضو لاختيار 14 مقعدًا، تليها دمشق حيث يصوت 500 عضو على 10 مقاعد، وجميع المرشحين ينتمون إلى المجالس الانتخابية نفسها.
وبعد الإطاحة بالأسد، ألغت السلطات المؤقتة جميع الأحزاب السياسية القائمة، التي كانت مرتبطة بالحكومة السابقة، ولم يتم بعد وضع آلية لتسجيل أحزاب جديدة، لذا يخوض جميع المرشحين الانتخابات كأفراد مستقلين.

التصويت الشعبي

أوضحت السلطات المؤقتة أن إنشاء سجل انتخابي دقيق وإجراء تصويت شعبي غير ممكن في المرحلة الحالية، نظرًا لتشريد ملايين السوريين داخليًا وخارجيًا نتيجة الحرب التي دامت نحو 14 عامًا، وفقدان كثير منهم مستنداتهم الشخصية.
وستستمر ولاية البرلمان الجديد 30 شهرًا، يُفترض خلالها أن تضع الحكومة الأسس لإجراء تصويت شعبي في الانتخابات المقبلة.
وقد انتقد البعض غياب التصويت الشعبي باعتباره غير ديمقراطي، بينما يرى آخرون أن أسباب الحكومة مبررة.
وقال بنجامين فيف، محلل أبحاث في شركة كرم شعّار المتخصصة في شؤون سوريا: "لا نعرف حتى عدد السوريين الموجودين داخل سوريا اليوم بسبب العدد الكبير للمهجرين، لذا سيكون من الصعب جدًا إعداد القوائم الانتخابية وتنظيم عملية التصويت للسوريين في الخارج".
وقال حيد حيد، الباحث كبير في المعهد الملكي للشؤون الدولية: "المشكلة الأبرز تكمن في غياب معايير واضحة لاختيار الناخبين، خاصة عند اختيار اللجان الفرعية والمجالس الانتخابية، حيث لا يوجد رقابة كافية، ما يجعل العملية عرضة للتلاعب."
وقد أثارت إزالة أسماء من القوائم الأولية احتجاجات واسعة، إذ لم تقدم السلطات معلومات مفصلة عن أسباب الإزالة.

ماذا عن تمثيل الأقليات؟

لا توجد حصص محددة لتمثيل النساء أو الأقليات الدينية والعرقية في البرلمان. وقد اشترطت القوانين أن تمثل النساء 20% من أعضاء المجالس الانتخابية، لكن هذا لا يضمن حصولهن على نسبة مماثلة بين المرشحين أو المنتخبين.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، نقلاً عن رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات محمد طه الأحمد، أن النساء شكّلن 14% من 1,578 مرشحًا وصلوا إلى القوائم النهائية. في بعض الدوائر تمثل النساء 30 إلى 40% من المرشحين، بينما في دوائر أخرى لا توجد مرشحات على الإطلاق.
أما استبعاد محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية والمناطق الواقعة في شمال شرق البلاد، إلى جانب غياب حصص للأقليات، فقد أثار تساؤلات حول تمثيل مجتمعات الأقليات.
وهذه المسألة حساسة بشكل خاص بعد أعمال عنف طائفية مؤخراً، راح ضحيتها مئات المدنيين من الأقليات العلوية والدرزية على يد عناصر اتهمت بأنها مرتبطة بالحكومة.
وأشار فيف إلى أن الدوائر الانتخابية تم رسمها بحيث تكون ذات أغلبية من الأقليات في بعض المناطق، وقال: "لو أرادت الحكومة الحد من عدد الأقليات، كان بإمكانها دمج هذه الدوائر مع دوائر سنية الأغلبية، وهو ما لم تفعله".
وفي الوقت نفسه، يُنظر إلى الثلث المعين مباشرة من البرلمان على أنه آلية لضمان تحسين الشمولية داخل المجلس، بحسب حيد: "إذا انتُخب عدد قليل من النساء أو الأقليات عبر المجالس الانتخابية، يمكن للرئيس أن يزيد نسبتهم في التعيينات".
لكن غياب تمثيل السويداء والشمال الشرقي يظل مشكلة، حتى مع تعيين أعضاء من هذه المناطق، حيث ستستمر الخلافات بين السلطات الفعلية والحكومة المركزية حول مشاركتهم في العملية السياسية.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة