مناورات على حدود لبنان.. هل أطلقت إسرائيل العد العكسي للتصعيد؟
اغتيال جديد في جنوب لبنان، تمرين "تاريخي" في الشمال، وتحذير من تصعيد. الجيش الإسرائيلي أعلن أنه اغتال في غارة على النبطية عباس حسن كركي، المسؤول اللوجستي في قيادة "جبهة الجنوب" في حزب الله، وقال إنّه كان يقود جهود إعادة بناء القدرات القتالية للتنظيم جنوب نهر الليطاني بعد تدمير بنيته العسكرية خلال الحرب، وإن نشاطه شكل "خرقا للتفاهمات".
كركي مرتبط مباشرة بالقيادة الجنوبية في الحزب، وقريب القائد الجنوبي علي كركي الذي قُتل في الغارة نفسها التي اغتيل فيها حسن نصر الله، بحسب ما أوردته صحيفة معاريف.
في المقابل، تقول الصحيفة نفسها إنّ الجيش الإسرائيلي أجرى تمرينا عسكريا واسعا بقيادة الفرقة 91 شمل البرّ والبحر والجو، ووُصف بأنّه الأعرض منذ بداية الحرب، بهدف رفع الجهوزية لـ"سيناريوهات قصوى" على الحدود مع لبنان، وصولا إلى الانتقال السريع من الدفاع إلى الهجوم.
وتنقل صحف لبنانية أنّ حزب الله اتخذ قرارا بالردّ المباشر على أي هجوم بريّ إسرائيلي، وسط توقعات بتصعيد عسكري وشيك.
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حربا استمرت أكثر من عام برعاية أميركية وفرنسية، تواصل إسرائيل شنّ غارات على ما تقول إنّها بنى تحتية عسكرية ومخازن أسلحة للحزب في الجنوب والبقاع، وتُبقي قواتها في ٥ تلال داخل لبنان خلافا لما نصّ عليه الاتفاق، وفق فرانس برس.
وفي الجنوب نفسه، حيث لم يعد عشرات الآلاف من السكان إلى منازلهم المدمّرة، تقول نازحات يعشن في مدارس في صور: "نحن بعدنا عايشين بالحرب.. الحرب ما خلصت".
الاستهداف.. رجل اللوجستيات
قال الجيش الإسرائيلي إنّه نفّذ غارة على منطقة النبطية في جنوب لبنان، صباح الجمعة، قتلت عباس حسن كركي، الذي يعرّفه الجيش بأنّه "مسؤول الشؤون اللوجستية في قيادة جبهة الجنوب في حزب الله".
وذكر أنّ كركي "قاد خلال الأشهر الأخيرة جهود إعادة إعمار قدرات حزب الله القتالية وساهم في إعادة إنشاء بنى تحتية جنوب نهر الليطاني كان قد تمّ تدميرها خلال الحرب"، بحسب بيان الجيش كما أوردته فرانس برس.
وأضافت معاريف أنّ كركي قريب القائد الجنوبي في حزب الله علي كركي، الذي قُتل في الغارة نفسها التي اغتيل فيها حسن نصر الله، وأنّه كان يشارك في عمليات ترميم البنية التحتية العسكرية للحزب وإعادة تكديس الوسائل القتالية جنوب الليطاني، وهو ما وصفه الجيش بأنّه خرق للتفاهمات.
وأسفرت الغارة عن احتراق السيارة التي كان يستقلّها كركي بالكامل، وألحقت أضرارا بالشقق السكنية والمحال التجارية القريبة، فيما أفادت وزارة الصحة اللبنانية بمقتل شخص آخر وإصابة آخرين بعد ضربات لاحقة على سيارة في زوطر الغربية في قضاء النبطية.
وتأتي هذه الغارات بعد قصفٍ إسرائيلي على جنوب لبنان وشرقه أدّى إلى مقتل ٤ أشخاص، بينهم مسنّة، وقال الجيش الإسرائيلي إنّه استهدف مستودع أسلحة في الجنوب ومعسكرا تدريبيا وبنى تحتية عسكرية في الشرق.
"سيناريو الكابوس".. مناورة الفرقة 91
أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه أنهى تمرينا عسكريا استمر ٥ أيّام بقيادة الفرقة 91 وبإشراف المركز الوطني للتدريبات البرّية في منطقة الحدود مع لبنان، واصفا المناورة بأنّها الأوسع منذ بداية الحرب، وفق ما نقلته معاريف.
وقالت الصحيفة إنّ هدف التمرين كان "زيادة الجهوزية لمواجهة سيناريوهات قصوى في الدفاع"، وتأمين استجابة سريعة للحوادث الطارئة تشمل تعبئة قوات الاحتياط وتجميع القوات والانتقال إلى الهجوم.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، شمل التدريب تنسيقا بين القوات المنتشرة ميدانيا في القطاع الدفاعي وسلاح الجو والبحرية، إضافةً إلى الدفاع المدني والمجالس المحلية وخدمات الطوارئ مثل الإطفاء والإسعاف والشرطة.
وتدرّبت وحدات اللوجستيات والطبّ والتكنولوجيا والصيانة على إخلاء جرحى "تحت النيران"، وتأمين الدعم التقني في حالات الطوارئ.
ووفق معاريف، قالت القيادة الإسرائيلية إنّ سيناريوهات التمرين مستندة إلى "الوضع العملياتي بعد القتال في جنوب لبنان"، وإنّها تشمل الانتقال من وضعية دفاعية إلى هجوم منسّق برّي وجوي وبحري على امتداد الحدود، في ما وصفته الصحيفة بـ"سيناريو الكابوس" على الجبهة الشمالية.
وقف إطلاق النار على الورق.. والغارات مستمرة على الأرض
ذكرت فرانس برس أن الغارات الإسرائيلية ضد ما تصفه إسرائيل بـ"أهداف تابعة لحزب الله" مستمرّة رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى حربا استمرت أكثر من عام، والذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر برعاية أميركية وفرنسية.
وينص الاتفاق على تراجع حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني وتفكيك بنيته العسكرية هناك، وعلى أن يُحصر السلاح في لبنان بالأجهزة الرسمية.
لكنّ إسرائيل، بحسب الوكالة، أبقت قواتها في ٥ تلال داخل لبنان، في حين يبرّر الجيش الإسرائيلي ضرباته الحالية بأنّها تستهدف نقل وتخزين وسائل قتالية ومحاولات "إعادة بناء القدرات العسكرية" للحزب جنوب الليطاني.
وبالتوازي، كانت الحكومة اللبنانية قد قررت في أغسطس تجريد حزب الله من سلاحه، ووضع الجيش اللبناني خطة من ٥ مراحل لسحب السلاح. لكنّ الحزب رفض الخطة واعتبر القرار "خطيئة".
"نحن بعدنا عايشين بالحرب".. الجنوب بلا عودة كاملة
قالت رويترز إنّ عشرات الآلاف من سكان الجنوب اللبناني لم يعودوا إلى بلداتهم المدمّرة، وإنّ بعضهم ما زال يعيش داخل مدارس في صور، رغم وقف إطلاق النار الذي كان من المفترض أن يتيح لهم العودة إلى منازلهم.
وتنقل الوكالة عن نساء نزحن من القرى الحدودية أنّ الضربات الإسرائيلية مستمرة، وأن فرص إعادة الإعمار شبه معدومة.
وتقول مزارعة من الناقورة إن الغارات "دمرت أي منزل كان لا يزال قائما أو أرضا لا تزال في حالة جيدة"، فيما تؤكد أخرى تعمل في مطبخ مجتمعي أنّ "الحرب ما خلصت".
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، ما يزال أكثر من 64 ألف شخص نازحين في لبنان، بعضهم فرّ مجددا بعد تصاعد الهجمات الإسرائيلية في ما يُعرف بـ"حرب 66 يوما".
وتُظهر صور الأقمار الصناعية التي راجعتها الوكالة أضرارا جديدة في بلدات حدودية مثل الناقورة وحولا، حيث تقول ناشطة محلّية إنّ "الحرب بعدها مستمرة، ووجع الحرب بعده مستمر"، مشيرة إلى أن الناس "بحاجة أولا إلى الأمن قبل أي تعويض أو إعمار".