سياسة

قصة عمر العراقي.. رحلة لجوء من أميركا تنتهي في رواندا

نشر
blinx
لم يكن عمر عبد الستار أمين، اللاجئ العراقي الذي استقر في الولايات المتحدة عام 2014، يتخيّل أن تتحول رحلة بحثه عن الأمان إلى فصل قاس ومفاجئ من حياته.
بعد سنوات من التحقيقات والملاحقات القانونية، قرّرت واشنطن ترحيله ليس إلى بلده الأصلي العراق، بل إلى رواندا، في خطوة غير اعتيادية أثارت جدلا حادا حول سياسات ترحيل اللاجئين إلى دول ثالثة.
في عام 2021، أصدر القاضي الفدرالي إدموند إف. برينان مذكرة قانونية جاء فيها: "يُرفض طلب الحكومة إصدار شهادة تسليم، وبما أنه لا توجد تهم محلية معلّقة يمكن بموجبها تبرير استمرار احتجاز أمين، يُؤمر بالإفراج الفوري عنه".
شكّلت هذه المذكرة، المعنونة MEMORANDUM and ORDER DECLINING TO CERTIFY EXTRADITION، محطة مفصلية في قضيته، إذ أكدت المحكمة أن لا مبرر قانونياً لاستمرار احتجازه أو تسليمه.
ورغم صدور هذا القرار القضائي، مضت الإدارتان الأميركية، أولاً إدارة جو بايدن ثم إدارة دونالد ترامب، في إجراءات ترحيله، لتُنفّذ عملية الإبعاد في أبريل 2025 نحو رواندا، في إطار سياسة أوسع لترحيل المهاجرين إلى دول ثالثة لا تربطهم بها أي صلة.

ما وراء قانون سياسات الترحيل إلى دول ثالثة؟

في الأشهر الأخيرة، توسعت الولايات المتحدة في استخدام ما يسمى "الترحيل إلى دولة ثالثة"، وهي سياسة تقضي بإرسال المهاجرين إلى دول لا تربطهم بها أي علاقة.
وتمثل حالة عمر نموذجاً لذلك، إذ اختيرت رواندا كوجهة نهائية رغم أنه لا يحمل جنسيتها ولا تربطه بها أي صلة.
قالت السلطات الأميركية إن ترحيله يأتي استنادا إلى ترتيبات قانونية مع كيغالي، بينما وصف خبراء حقوقيون هذه الممارسة بأنها "ثغرة قانونية" تهدف إلى تسريع عمليات الإبعاد وتقليص قدرة اللاجئين على الدفاع عن أنفسهم.
وفق الوثائق القضائية، جرى ترحيل عمر بعد فشل بغداد في تسلمه، ما دفع واشنطن إلى البحث عن بلد "آمن" آخر، في إطار ترتيبات شراكة أمنية.
تثير هذه السياسة جدلاً واسعاً في الأوساط القانونية والحقوقية الأميركية، لأنها تتجاوز مبدأ "عدم الإعادة القسرية" المنصوص عليه في القانون الدولي.

رحلات سرية واتفاقات مع حكومات إفريقية

كشفت التحقيقات الصحفية أن إدارة الرئيس ترامب في ولايته الأولى، التي وضعت الأسس الأولى لهذه السياسة، ثم إدارة جو بايدن، واصلتا التفاوض مع عدد من الدول الأفريقية لاستقبال المرحلين. فبحسب إل باييس، ضغطت واشنطن على أكثر من 30 حكومة أفريقية، ونجحت في إقناع ٥ منها على الأقل بتوقيع تفاهمات، ومن بينها غانا، إسواتيني، جنوب السودان، رواندا، وأوغندا.
ويجري تنفيذ هذه العمليات في سرية تامة، إذ يُنقل المهاجرون على متن طائرات عسكرية من مراكز احتجاز في لويزيانا وغيرها، دون إبلاغهم بالوجهة النهائية، وغالبا ما يُمنعون من الاتصال بمحاميهم.
يُقيّد بعضهم بالأصفاد أو يُجبر على الصعود إلى الطائرة مرتدياً سترة تقييد الحركة. ويقول باحثون إن هذه السرية تهدف إلى خلق مناخ من الخوف والردع، وليس إلى معالجة ملفات اللجوء بصورة شفافة.

ترتيبات مالية وسياسية.. وبيئة "القسوة" المتعمدة

لا يخلو الترحيل إلى دول ثالثة من بعد مالي، إذ كشفت إل باييس أن بعض الدول المستقبلة تحصل على حوافز مالية أو أمنية مقابل قبول المهاجرين.
تجري هذه الترتيبات خلف الأبواب المغلقة، ما يجعل من الصعب مراقبتها أو محاسبة الأطراف المعنية. ويقول مزافر تشيشتي، الباحث في معهد سياسات الهجرة بواشنطن، إن الهدف من هذه السياسة "ليس الأعداد، بل خلق بيئة قاسية لردع المهاجرين ودفع بعضهم إلى ما تسميه الإدارة الأميركية بـ "الترحيل الذاتي".
قد تؤدي هذه البيئة، التي وُصفت بأنها "استراتيجية خوف"، إلى انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، خاصة أن كثيراً من المرحّلين لا يُتاح لهم حق الطعن أو المثول أمام قاض قبل الترحيل، فيما لا يعرف بعضهم البلد الذي نُقل إليه إلا بعد الهبوط.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة