سياسة

من تيندر إلى خطة ترامب.. ضابط أميركي وضابط إسرائيلي في كريات غات

نشر
blinx
في كريات غات، المدينة الصناعية الواقعة على بُعد 25 كيلومترا من حدود غزة، تحوّل اسم ستيفن، الضابط الأميركي البالغ 35 عاما، إلى أكثر ما يتداوله السكان على مواقع التواصل.
لم يكن الأمر يتعلّق فقط بصورة انتشرت له بزيّه العسكري على تطبيق المواعدة، "تيندر"، بل بما ترمز إليه قصته من تغيّر مفاجئ في ملامح المدينة، بعد أن أصبحت مقرّا لمركز التنسيق العسكري الأميركي يُدار من داخل مستودع صناعي تحوّل خلال أيّام إلى مقرّ دولي لمتابعة تنفيذ خطة السلام في غزة، وزيارات متكررة لمسؤولين رفيعي المستوى من واشنطن وإسرائيل.
تقول السلطات المحلية إنّ وجودهم مؤقت ومرتبط بخطة السلام، لكن بالنسبة لسكان المدينة، غيّر دخول الجنود حياتهم اليومية كلّ شيء، من حركة المطاعم والأسواق إلى النقاش حول ما إذا كانت كريات غات قد أصبحت جزءا من المشهد الدولي الجديد في الشرق الأوسط.

من مستودع شحن إلى مركز قيادة

وفقا لتقرير وول ستريت جورنال، يقع مركز التنسيق المدني والعسكري الأميركي في مستودع ضخم على أطراف كريات غات كان يُستخدم سابقا كمركز شحن لوجستي قبل أن يُعاد تأهيله ليصبح "العصب التنفيذي لخطة ترامب للسلام في غزة".
يضمّ الموقع نحو 200 جندي أميركي يعملون إلى جانب الجيش الإسرائيلي وشركاء دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار وتنسيق المساعدات الإنسانية والأمنية.
وتشير الصحيفة إلى أنّ القاعة الرئيسية داخل المستودع قُسمت بعشرات الألواح البيضاء وعُلقت على جدرانها لافتة كتب عليها: "يوم جميل جديد يشرق.. والآن يبدأ الإعمار الرئيس دونالد ج. ترامب".
وخلال زيارة للموقع، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إنّ العمل في هذا المركز هو "الركيزة الأساسية لإبقاء الخطة متماسكة"، مضيفا: "لا توجد خطة بديلة، هذه هي الخطة الوحيدة".
وتؤكد الصحيفة أنّ المقر يضمّ أيضا وحدات تابعة للقيادة المركزية الأميركية، CENTCOM، تشرف على عمليات المراقبة الجوية وتبادل البيانات مع الجانب الإسرائيلي حول تحركات الفصائل المسلحة في القطاع.

نتنياهو: نزع سلاح حماس هدف مشترك مع ترامب

زار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المقر العسكري الجديد في كريات غات برفقة رئيس الأركان إيال زامير وقائد القيادة المركزية الأميركية الأميرال براد كوبر.
وخلال الزيارة، قال نتنياهو إنّ "نزع سلاح حماس وتجريد غزة من السلاح سيُنجزان"، مؤكدا أنّ ذلك "هو الهدف الذي تم الاتفاق عليه مع الرئيس دونالد ترامب لضمان أمن إسرائيل".
وأضاف أنّ بلاده تعمل على تحقيق هذا الهدف "على مراحل"، بالتوازي مع "خطوات سياسية وأمنية أخرى" يجري تنسيقها مع واشنطن.
وتشير جيروزالم بوست إلى أنّ زيارة نتنياهو جاءت بعد سلسلة زيارات لمسؤولين أميركيين كبار، بينهم نائب الرئيس جي. دي. فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو والسفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فايغن، في إشارة إلى الأهمية التي توليها الإدارة الأميركية لهذا الموقع كمركز ميداني لخطة السلام.
من جهته، قال رئيس بلدية كريات غات كفير سويسا في حديث لقناة 12 الإسرائيلية إنّ وجود الجنود الأميركيين "يضع المدينة على الخريطة"، موضحا أنّها باتت "موقعا استراتيجيا يجمع بين الأمن والتنمية الاقتصادية"، ومشيرا إلى أنّ اتفاقا عمرانيا جديدا سيُوقع بحضور نتنياهو لبناء 21 ألف وحدة سكنية في حي "كرمي غات"، ما يجعل المدينة من بين أكبر عشر مدن إسرائيلية.

المدينة بين الحماسة والقلق

في شوارع كريات غات، أصبح وجود الجنود الأميركيين مشهدا يوميا: يتجوّلون بلباسهم الميداني بين مطاعم الشاورما ومحلات الأحذية الرياضية.
قال أحد التجار لموقع والا إنّهم "يبدون كأنهم خرجوا من فيلم هوليوودي"، بينما أوضحت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أنّ المقاهي وخدمات التوصيل تعمل على مدار الساعة لتلبية الطلب المتزايد منذ وصولهم.
لكن خلف الترحيب الشعبي، يتنامى قلق من أن يجعل الوجود الأميركي المدينة هدفا محتملا لأي هجوم إيراني أو ردّ من فصائل المقاومة، كما أشار بعض السكان في مقابلات مع ماكو، خاصة مع قرب الموقع من الحدود الجنوبية.
ويعتقد عدد من سكان كريات غات أنهم يعيشون تحت احتلال أجنبي فعلي، ما دفعهم إلى الدعوة، من خلال تدوينة على إكس، لتظاهرة يوم الخميس 30 أكتوبر 2025 أمام المركز المدني-العسكري في المدينة احتجاجا على وجود القوات الأميركية، تحت شعار "كفى! الشعب يريد استعادة بلده"، مطالبين باستعادة السيادة الكاملة على الحدود ورفض "الجيش الأجنبي" و"الحكم الأجنبي المتنكّر في شكل مساعدات"، مع دعوة لحمل الأعلام والتجمع عند 4 مساء هاتفين: "نعم للسيادة، لا للاحتلال".
وفي المقابل، يأمل التجار أن ينعش هذا الوجود الاقتصاد المحلي بعد تراجع إنتاج مصنع "إنتل" في المدينة خلال الأشهر الماضية، فيما يرى البعض أنّها فرصة لترويج صورة جديدة لكريات غات كعاصمة صناعية وأمنية في الجنوب الإسرائيلي.
بين مشروع سياسي ضخم يقوده البيت الأبيض وفضول شعبي أشعلته قصة ضابط أميركي على "تيندر"، تختصر كريات غات المشهد الإسرائيلي الجديد كمدينة صغيرة انتقلت خلال أيام من هامش الخريطة إلى مركز لعمليات دولية تراقب غزة وتعيد رسم خرائط النفوذ في المنطقة، حيث تمتزج رائحة الحمص بصوت الطائرات المسيّرة والواقع الميداني بظلال السياسة الأميركية.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة