ترامب.. "رجل السلام" يهدد بالحرب
قبل أيام فقط من تصريحات تؤكد، على لسان مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، أن الولايات المتحدة طوت صفحة "تغيير الأنظمة"، خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخطاب مغاير يلوح فيه بالقوة ضد دولتين في أفريقيا وأميركا اللاتينية.
عاد الرئيس الذي تفاخر بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط وإبرام اتفاقات لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، ولو بالقوة، ليتحدث بلهجة حربية تجاه نيجيريا وفنزويلا، في خطوة أربكت المشهد الدبلوماسي وأثارت تساؤلات حول ثبات نهجه الجديد القائم على "السلام أولا".
فبينما تتحدث واشنطن عن مرحلة من "الاستقرار والازدهار"، يفتح ترامب الباب أمام مواجهة محتملة في نيجيريا بدعوى حماية المسيحيين، ويؤكد أن "أيام مادورو معدودة"، لتعود نغمة التهديد إلى صدارة السياسة الخارجية الأميركية بعد فترة قصيرة من الحديث عن نهاية الحروب.
نيجيريا.. تهديد عسكري بذريعة حماية المسيحيين
ذكرت صحيفة
واشنطن بوست أنّ ترامب نشر على منصة تروث سوشيال رسالة أعلن من خلالها أنه أمر وزارة الحرب بالتحضير لـ "عمل محتمل" ضد نيجيريا، قائلا: "إذا هاجمنا، فسيكون الهجوم سريعا، عنيفا".
أثارت التصريحات موجة من القلق والارتباك داخل نيجيريا، إذ قال المستشار الرئاسي دانيال بوالا إنّ الحكومة "تعتبر تصريحات ترامب جزءا من أسلوبه التفاوضي"، مشيرا إلى أنّ "القتال ضد الإرهاب قضية عالمية"، لكنه نفى أن يكون هناك استهداف منهجي للمسيحيين في البلاد.
من جهته، حذر السيناتور النيجيري السابق شيهو ساني من أنّ أي تدخل عسكري أميركي "سيُشعل أزمة دينية وعرقية"، فيما قال الباحث مالك صموئيل إنّ "الرئيس الأميركي بنى موقفه على رواية غير دقيقة"، موضحا أن ضحايا العنف في البلاد يشملون المسلمين والمسيحيين على حد سواء.
أما لاد سيروات، الخبير في مشروع ACLED لرصد النزاعات، فأكد أنّ "البيانات لا تدعم الادعاءات بوجود حملة ممنهجة ضد المسيحيين"، مشيرا إلى أنّ العنف في نيجيريا "عشوائي ويضرب المجتمعات كافة".
فنزويلا.. "أيام مادورو معدودة"
في المقابل، نقلت صحيفة
الغارديان عن مقابلة أجراها ترامب مع شبكة CBS قوله إنّ "أيام الرئيس نيكولاس مادورو معدودة"، لكنه أضاف: "لا أظن أننا سنذهب إلى الحرب مع فنزويلا".
تزامنت هذه التصريحات مع سلسلة من الضربات العسكرية التي نفذتها القوات الأميركية ضد زوارق في البحر الكاريبي بين سبتمبر ونوفمبر، وأودت بحياة 64 شخصا، في إطار ما وصفته واشنطن بأنه "حرب ضد كارتلات المخدرات".
وقالت وزارة الدفاع الفنزويلية إنّ تلك الضربات "تمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي"، بينما وصف الرئيس مادورو العمليات بأنها "إعدامات متسلسلة" تهدف إلى "إسقاط الحكومة تحت غطاء مكافحة الإرهاب".
وأشارت
سي إن إن إلى أن وزارة الدفاع الأميركية لم تقدّم دليلا علنيا على وجود مواد مخدّرة على متن الزوارق المستهدفة، وأن بعض أعضاء الكونغرس عبّروا عن قلقهم من تحول الحملة البحرية إلى "نزاع مسلّح غير معلن".
غابارد: "مرحلة تغيير الأنظمة انتهت"
في موازاة هذه التطورات، نقل موقع
ميليتيري عن مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد قولها خلال منتدى أمني في البحرين إنّ "الاستراتيجية الأميركية القديمة القائمة على تغيير الأنظمة أو بناء الأمم قد انتهت"، مؤكدة أنّ واشنطن "تركّز الآن على الاستقرار الإقليمي والازدهار الاقتصادي".
وأضافت غابارد أنّ المرحلة المقبلة "تهدف إلى تعزيز السلام عبر التعاون الاقتصادي بدلا من المواجهة العسكرية"، في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تنفذ ضربات بحرية وتلوّح بالتدخل في دولتين سياديتين.
ورغم أن البيت الأبيض لم يعلّق مباشرة على التباين بين خطاب غابارد وإجراءات ترامب، إلا أن تزامن التصريحات مع التصعيد العسكري أعاد الجدل حول ما إذا كانت واشنطن أنهت فعلا سياسة "تغيير الأنظمة"، أم أنها بصدد إعادة صياغتها بلغة مختلفة.