سياسة

من العزلة إلى التحالف.. واشنطن تفتح الباب أمام دمشق بشروط

نشر
blinx
يستقبل البيت الأبيض، في 10 نوفمبر، أحمد الشرع في أول زيارة رسمية لرئيس سوري إلى واشنطن، في حدث وصفته صحيفة وول ستريت جورنال بأنه "تاريخي" ويمثل بداية مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين.
ويأتي هذا اللقاء المرتقب بعد تصويت في مجلس الأمن الدولي الخميس على قرار أميركي يقضي برفع العقوبات عن الشرع ووزير الداخلية أنس حسن خطاب، تمهيدا للزيارة. وقد حظي القرار بتأييد 14 عضوا وامتناع الصين عن التصويت.
ورغم أن الإجراء رمزي إلى حد كبير، إذ كانت تتخذ خطوات مماثلة كلما اضطر الشرع للسفر بصفته رئيسا للبلاد، فقد اعتبرته دمشق خطوة إيجابية نحو "دعم سوريا وشعبها"، كما قال وزير الخارجية أسعد الشيباني في منشور على منصة إكس، شاكرا الولايات المتحدة والدول الصديقة على تأييد القرار.
في المقابل، أعرب المندوب الصيني فو كونغ عن قلق بلاده من "وجود مقاتلين إرهابيين أجانب في سوريا قد يستغلون هشاشة الوضع الأمني"، منتقدا ما اعتبره "تقييما غير مكتمل للوضع الميداني" من جانب المجلس.
تأتي هذه التطورات في سياق حراك دبلوماسي واسع، إذ يسعى البيت الأبيض إلى حشد تأييد سياسي وشعبي لخطوة رفع العقوبات جزئيا عن دمشق وإعادة إدماجها في النظام الدولي، شرط أن تُعلن سوريا، كما أشار تقرير مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، انضمامها الرسمي إلى التحالف الدولي ضد تنظيم داعش، وتقدّم التزامات واضحة في مجالات حقوق الإنسان والتعاون الأمني الإقليمي.

جدل العقوبات وتأثيرها على الاستثمار

ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أنّ البيت الأبيض قدّم إلى الكونغرس مقترحا لرفع العقوبات الأممية المفروضة على سوريا ضمن صفقة سياسية متزامنة مع زيارة الرئيس أحمد الشرع.
ويتضمّن المشروع، الذي يناقش ضمن قانون تفويض الدفاع، رفع حظر السفر وتجميد الأصول وحظر السلاح عن دمشق، مقابل التزامات سورية بمحاربة الإرهاب وتسهيل المساعدات الإنسانية.
لكنّ الصحيفة أوضحت أنّ استمرار العقوبات الحالية يردع الاستثمارات الأجنبية ويُبقي سوريا في عزلة اقتصادية خانقة، إذ تتجنب المصارف وشركات التأمين التعامل مع المؤسسات السورية خشية الملاحقة الأميركية، ما يعطل مشاريع البنية التحتية ويجمّد خطط إعادة الإعمار.

الشروط الأميركية الجديدة أمام دمشق

يفيد النص التوافقي الذي أقرّه مجلس الشيوخ لرفع نهائي للعقوبات على أن الرئيس الأميركي سيكون ملزما، لمدة ٤ سنوات، بتقديم تقارير عن أداء الحكومة السورية في ملفات محددة: حماية حقوق الإنسان، مكافحة الإرهاب، تطهير الجيش من المقاتلين الأجانب، وتحسين العلاقات مع إسرائيل.
وإذا تخلفت دمشق عن هذه الالتزامات، فسيحتاج الكونغرس إلى تشريع جديد لإعادة فرض العقوبات، بينما تحتفظ الإدارة الأميركية بحق فرض إجراءات على الأفراد أو الكيانات المتورطة في الإرهاب أو الانتهاكات الحقوقية.
كما تطالب واشنطن الشرع خلال زيارته بتأكيد التزامه بمواصلة المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بشأن ترتيبات أمن الحدود وخطوات بناء الثقة.
ورغم أن اتفاق السلام مع سوريا غير مطروح حاليا، إلا أن إحراز تقدم في هذا المسار يُعد حاسما لإقناع الكونغرس بالموافقة على تخفيف العقوبات وإدماج سوريا تدريجيا في المؤسسات الدولية، وفقا لمجلس العلاقات الخارجية.

الرؤية السورية.. انفتاح على العالم بدعم عربي

قال المستشار الإعلامي في الرئاسة السورية الدكتور أحمد زيدان لوكالة سانا إنّ زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن تمثل "حدثا تاريخيا" وخطوة نحو "التخفيف من معاناة الشعب السوري" وعودة سوريا إلى موقعها الطبيعي على الساحة الدولية.
وتؤكد دمشق أنّ الزيارة تأتي ضمن انفتاح دبلوماسي أوسع يشمل لاحقا زيارات إلى الصين وأميركا اللاتينية، في سياق "بداية فصل جديد من العلاقات الدولية بعد سنوات العزلة"، وفق تعبير زيدان.

قاعدة أميركية في دمشق ودلالاتها

في وقت يقترب لقاء الشرع مع ترامب، تستعد الولايات المتحدة لإقامة وجود عسكري في قاعدة جوية قرب دمشق لدعم اتفاق أمني يجري التفاوض عليه بين سوريا وإسرائيل برعاية أميركية، بحسب تقارير لوكالة رويترز وصحيفة جيروزالم بوست.
ووفق التقريرين، تهدف الخطوة إلى تمكين مراقبة الحدود وتأمين الإمدادات الإنسانية، وتعتبر مؤشرا على تحول استراتيجي في السياسة الأميركية تجاه سوريا.
أشارت جيروزالِم بوست إلى أن القاعدة "قد تكون بالضبط ما تحتاجه سوريا وإسرائيل الآن"، فهي تمنح دمشق غطاء دوليا وتطمينات أمنية، وتتيح لإسرائيل الاطمئنان إلى ضبط النشاطات الإيرانية على حدودها.
ويرى محلّلون في الصحيفة أنّ وجودا أميركيا "محدودا ومشتركا" قرب العاصمة السورية يمكن أن يشكل نواة لاتفاق سلام إقليمي جديد يعيد تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة