كيف تتحول "قوة غزة الدولية" إلى ساحة مواجهة أميركية-روسية؟
في لحظة بدت واشنطن واثقة من تمرير مشروع قرارها بشأن قوة دولية لتأمين غزة بعد الحرب، باغتت موسكو الجميع بطرح مضادّ قلب موازين التفاوض في مجلس الأمن، وفتح الباب أمام صراع نفوذ مكشوف بين القوتين.
منذ أن تقدّمت الولايات المتحدة بمشروعها، عملت روسيا، ومعها الصين، على تعطيله، قبل أن تطلق
نسخة مضادة تحمل رؤيتها لـ"تسوية متوازنة"، وتستبعد معظم العناصر الجوهرية في الخطة الأميركية.
مشروع واشنطن.. قوة دولية وحكومة انتقالية
بحسب
The Times of Israel، تهدف الخطة الأميركية إلى إنشاء قوة تثبيت دولية تنتشر في غزة حتى نهاية 2027 لتأمين مرحلة ما بعد الحرب، وتعمل بالتوازي مع مجلس السلام يشرف على حكومة فلسطينية انتقالية "خالية من حماس".
وتضيف الصحيفة أنّ الولايات المتحدة أرادت أن يمنح مجلس الأمن تفويضا واسعا لهذه القوة، بما يشجع الدول المترددة على إرسال قوات. لكن الخطة واجهت اعتراضا حادا من روسيا والصين، واعتبرت موسكو أنّ "مجلس السلام" المقترح يخلق بنية حكم غير متوافق عليها، ولا يمنح السلطة الفلسطينية أي دور فعلي.
موسكو تردّ بخطة مضادة.. لا نزع سلاح ولا خط أصفر
وفقا لوثيقة حصلت عليها قناة
N12 الإسرائيلية، وزعت روسيا مشروع قرار بديل "مستوحى" من النص الأميركي، لكنه يعيد تشكيله بالكامل.
أبرز ما جاء في المشروع الروسي:
- إسقاط مطلب نزع سلاح غزة: لا تتضمن الخطة الروسية أي إشارة إلى نزع سلاح القطاع أو تفكيك حماس، وهو بند جوهري في الرؤية الأميركية والإسرائيلية.
- رفض الخط الأصفر والمنطقة العازلة: تؤكد موسكو أنّ مجلس الأمن "يرفض أي تغيير ديمغرافي أو جغرافي في غزة"، بما يشمل إلغاء المنطقة العازلة والانسحاب الإسرائيلي من الخط الأصفر الذي يفصل المناطق الخاضعة لسيطرة إسرائيل عن تلك التي تسيطر عليها حماس.
- نقل سلطة الإشراف من واشنطن إلى الأمم المتحدة: بدلا من "مجلس السلام" الذي تطرحه واشنطن، تطلب موسكو من الأمين العام للأمم المتحدة اقتراح خيارات لنشر قوة دولية، وبذلك تنزع من الولايات المتحدة القدرة على صياغة المرحلة الانتقالية.
- تأكيد أوضح على الدولة الفلسطينية: تُبرز الوثيقة الروسية تمسكها بـ"حل الدولتين" ووحدة الضفة وغزة تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية، في تباين واضح مع الصياغة الأميركية التي بدت أكثر ضبابية، كما ذكرت Times of Israel.
دوافع موسكو.. توازن استراتيجي أم تعطيل لخطة ترامب؟
بحسب تقارير
Walla و
Palestine Chronicle، ترى موسكو أن المشروع الأميركي "غير متوازن" ويعيد إنتاج هيمنة أميركية-إسرائيلية على مستقبل غزة.
وتؤكّد رسائل البعثة الروسية أن خطتها تهدف إلى "نهج متوازن ومقبول وموحد" ينهي القتال عبر توافق دولي أوسع.
لكن خلف هذا الخطاب، يرى دبلوماسيون أن الخطوة الروسية تعطّل جوهر خطة ترامب لليوم التالي للحرب، بل تهدد بتأجيل التصويت في مجلس الأمن وربما نسف العملية برمتها.
وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن موسكو "عملت خلال الأيام الماضية على إبطاء المفاوضات ثم أوقفت المسار تماما" عندما رأت أن التصويت على المشروع الأميركي يقترب.
اتهمت البعثة الأميركية موسكو بأنها "تزرع الانقسام في لحظة حساسة"، مؤكدة أنّ لذلك "عواقب خطيرة وملموسة على الفلسطينيين في غزة".
وتقول واشنطن إن روسيا والصين تعارضان الخطة الأميركية رغم دعم دول عربية لها، وأن التعطيل "قد يُفشل التقدم المحقق في وقف إطلاق النار ومسار إعادة الإعمار".
وفي المقابل، ترى موسكو وبكين أن المشروع الأميركي لا يحدد مسارا واضحا "لإنهاء الاحتلال ولا ضمانات للسيادة الفلسطينية"، وأن مجلس السلام يمنح واشنطن نفوذا أحاديا على مستقبل غزة.