سياسة

خبير لبلينكس: فتوى تفجر خلاف نصف مليار بين وقف الأمة والإخوان

نشر
Camil Bou Rouphael
تحت لافتة "نصرة غزة" و"إغاثة اليتامى"، انفجرت قضية جدلية في عالم التبرعات، اتهامات بسرقة نحو نصف مليار دولار، وخلاف مكتوم بين حركة حماس والتنظيم الدولي لجماعة الإخوان، وشبكة مؤسسات دعوية وخيرية تتهمها الحركة بـ"الازدواجية" وغياب الشفافية.
في حديث خاص لبِلينكس، يكشف الباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي، ماهر فرغلي، خيوط هذه القصة، من منشور شاب حمساوي اسمه خالد حسن، إلى بيان حماس عام 2024، مرورا بدور مؤسسة "وقف الأمة" ومنظومة مؤسسات ترتبط بالتنظيم الدولي للإخوان، وصولا إلى تحذيره من "ضربة قاسية" لثقة الجمهور في حملات التبرع إذا لم تُفتح ملفات الشفافية والمحاسبة.
إلى جانب ذلك، تعزّز منشورات فرغلي على فيسبوك، صورة شبكة واسعة من الحملات التي يُقال إنها نجحت في جمع نحو نصف مليار دولار في حملة واحدة، بإشراف شخصيات إخوانية في إسطنبول، ودعم دعاة وإعلاميين واتحادات دينية مرتبطة بالتنظيم.

منشور شاب حمساوي يشعل "الفضيحة"

يقول ماهر فرغلي في حديثه لبِلينكس إنّ بداية القصة تعود إلى الشاب خالد حسن، الذي نشر منشورا ينتقد فيه مؤسسة "وقف الأمة". هذا المنشور استدعى، وفق فرغلي، تدخّل محمد مختار الشنقيطي في حوار جانبي مع خالد، قبل أن يتطور الأمر إلى اتهامات صريحة.
يضيف فرغلي أن الحوار مع الشنقيطي دفع خالد حسن إلى اتهام المؤسسة بأنّها "تأكل أموال اليتامى"، وأن الشاب نشر لاحقاً تفاصيل الحديث الذي دار بينه وبين الشنقيطي، الذي يصفه الباحث بأنه أحد أبرز الوجوه الإعلامية لجماعة الإخوان.
بحسب منشور لاحق لفرغلي على فيسبوك، اتّسعت القصة أكثر عندما استخدم عبارة حادّة: "الإخوان يسرقون نصف مليار دولار من أموال التبرعات لقطاع غزة في حملة واحدة"، مستنداً في ذلك إلى بيان سابق لحماس عام 2024، قال إن الإخوان في تركيا، عبر جمعية وقف الأمة، سرقوا نصف مليار دولار من أموال التبرعات باسم غزة.

من وقف الأمة إلى "كلّنا مريم" و"منبر الأقصى".. ٣ مؤسسات تحت المجهر

يشير فرغلي في حديثه لبِلينكس إلى أنّ كلام خالد حسن وتعليقات المتابعين أعادا إلى الواجهة بيانا أصدرته حركة حماس عام 2024، اتهمت فيه جهة مرتبطة بهذه المؤسسة بجمع تبرعات "خارج إطارها الشرعي".
ويؤكد فرغلي أن البيان لم يتحدث عن وقف الأمة وحدها، بل تناول صراحة ثلاث مؤسسات:
  • وقف الأمة
  • كلّنا مريم
  • منبر الأقصى
ويضيف أنّ هذه المؤسسات "تنضوي ضمن منظومة أوسع تابعة للتنظيم الدولي للإخوان"، ما يجعل القضية، برأيه، أبعد من مجرد حملة واحدة أو خطأ إداري معزول.
وبحسب منشور فرغلي على فيسبوك، فإنّ جمعية "وقف الأمة" أُسِّست على يد الإخوان، ويشرف عليها عدد من الأسماء، من بينها: سعيد أبو العبد، يزيد نوفل، فؤاد الزبيدي، عبد الله سمير، خلدون حجازي، أحمد العمري، زيد العيص، معظمهم يقيم في إسطنبول وينشط في حملات تبرع منذ سنوات.

فتاوى و"عاملون عليها".. بوابة اقتطاع التبرعات

يفصّل ماهر فرغلي في حديثه لبِلينكس البنية الفقهية التي يعتمد عليها الإخوان في تبرير اقتطاع جزء كبير من التبرعات.
فهم، بحسب قوله، "يستندون إلى مفهوم العاملين عليها"، بما يتيح، وفقاً لتفسيرهم، اقتطاع نسبة كبيرة من الأموال تحت بند "في سبيل الله".
ويحذّر فرغلي من أن هذا العنوان "فضفاض وواسع"، فهو "قد يشمل غزة، وقد يشمل نشر كتب الإخوان ومنشوراتهم"، مؤكداً أنّ هذا "يستند إلى فتاوى صادرة عن علمائهم"، ما يفتح الباب أمام خلط الإغاثي بالتنظيمي، والخيري بالدعوي والسياسي، من دون وجود حواجز واضحة بين المال الذي يُجمع لغزة والمال الذي يُصرف لخدمة مشاريع الجماعة.

شفافية غائبة وفضائح قديمة تمتدّ إلى أفغانستان

ينتقل فرغلي إلى المستوى المالي والإداري، فيشدّد في حديثه لبِلينكس على أن هذه المنظمات "تفتقر بالكامل إلى الشفافية".
ويعدّد مظاهر هذا الغياب بقوله إنّها:
  • لا تعلن حجم الأموال التي تجمعها سنوياً.
  • لا توضح أين تُنفق هذه الأموال.
  • لا تكشف ما تبقى منها أو ما صُرف، ولا على مَن صُرف.
ويضيف أن "غياب آلية للمحاسبة" يجعل أي مساءلة جدية شبه مستحيلة، ويحوّل التبرعات إلى "صندوق مغلق" لا يعرف المتبرع عن مصيره شيئا.
الأخطر، بحسب فرغلي، أنّ "قضايا الفساد داخل هذه المنظومة ليست جديدة"، فهي "ممتدة منذ ما قبل عام 2013"، مشيراً إلى أن الإخوان "حصلوا على ملايين الدولارات من تبرعاتٍ قُدِّمت سابقاً لأفغانستان"، في إشارة إلى نمط متكرر من استخدام القضايا الساخنة لاستقطاب التبرعات الضخمة.

2000 حملة ونصف مليار

إلى جانب ما ينقله فرغلي ومنشوراته، تشير إلى أن "وقف الأمة" ناشطة في جمع التبرعات منذ عام 2013، وأنها نجحت في إطلاق أكثر من 2000 حملة خلال السنوات الماضية.
الحملة الأخيرة، التي وُصفت بأنها "أكبر عملية جمع تبرعات للقطاع وأكثرها جدلاً"، جمعت نحو نصف مليار دولار في فترة قصيرة، وفق ما ينقله فرغلي في منشوره على فيسبوك عن بيان حماس لعام 2024.

حماس في مواجهة "الازدواجية".. خلاف على من يقرر مصير المال

في توصيفه لطبيعة الخلاف بين حماس والإخوان، يوضح ماهر فرغلي لبلينكس أن الأمر "ليس خلافاً على المبدأ، بل على آلية توزيع الأموال".
فمن وجهة نظره، ترى حماس أنّه "طالما يجري جمع التبرعات باسم غزة، فمن حقها أن ترى الأموال الداخلة وآلية تقسيمها".
المشكلة، كما يصفها، أنّ "الإخوان يجمعون الأموال باسم غزة، بينما لا تعلم حماس شيئاً عن حجمها أو مصارفها"، ما خلق حالة من "الازدواجية" في الخطاب والتمثيل، جعلت الحركة تحاول مرارا عبر وسطاء معالجة الإشكال دون جدوى، قبل أن تتبرأ مما وصفته بتلك "الازدواجية".
ويقول لبِلينكس إنّ إثارة هذه القضية أخذت حجماً كبيراً، لأنّ الإخوان "استغلّوا البعد الإنساني خلال العام الماضي وما سبقه بعد أحداث طوفان الأقصى"، وروّجوا في المقابل اتهامات بحق حكومات بأنها "لا تقدّم دعماً لغزة".
ويضيف أن "سرقة هذا الكم من الأموال عبر مؤسسة واحدة يُعدّ فضيحة كبرى"، مشيراً إلى أنّ الإخوان "لم يقدّموا حتى الآن أي ردّ على بيان حماس أو على الاتهامات الإعلامية المتصاعدة"، وأنّ صمتهم، في تقديره، "يؤكد أنهم يدركون تماماً وجود خطأ كبير".

ثقة المتبرعين على المحك.. أين ينتهي الخير وأين يبدأ الاستثمار السياسي؟

في ختام حديثه لبلينكس، يحذّر ماهر فرغلي من أن ما جرى "سيؤثر بلا شك على ثقة الجمهور في حملات التبرع".
ويؤكد ضرورة التمييز بين "العمل الخيري الطبيعي" لجمع التبرعات، وبين "استغلاله سياسيا" لتحقيق مكاسب تنظيمية.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة