هل تمنع واشنطن الضربة.. أم يقترب انفجار الجبهة اللبنانية؟
خلال الأيام الأخيرة، تدفّقت إشارات متزامنة من غزة ولبنان وسوريا نحو مشهد واحد، المنطقة تقف على خط تماسّ متوتر، ولبنان تحديدا يقترب من لحظة قد تحدّد شكل الأشهر المقبلة.
بين اتهامات إسرائيل لحزب الله بإعادة بناء قدراته، ومخاوف بيروت من عملية عسكرية واسعة، وضغط أميركي متصاعد على الجيش اللبناني، يتحرّك المشهد بسرعة نحو واقع جديد تؤكده التقارير الإسرائيلية والدولية التي تحذّر من أنّ الجنوب قد يتحول مجددا إلى ساحة مواجهة مفتوحة.
هذا التوتر لا ينفصل عن خريطة أوسع، في غزة يعيد الجناح العسكري لحماس بناء قوته منذ وقف إطلاق النار، وفي سوريا يوجّه نتنياهو رسائل فوق الميدان، بينما تحاول الخروق اليومية في جنوب لبنان اختراق الخطوط الحمراء.
فهل تتجه إسرائيل لضربة كبيرة في لبنان؟ وهل تستطيع الضغوط الأميركية احتواء التصعيد؟ أم أنّ إعادة بناء القدرات العسكرية في الجنوب ستصبح شرارة الجولة المقبلة؟
حماس وحزب الله يعيدان ترميم قدراتهما.. و"التمويل الإيراني حاضر"
تفتح صحيفة جيروزاليم بوست المشهد من غزة. مسؤولون أمنيون إسرائيليون يؤكدون أنّ حماس تعيد بناء قدراتها وتعمل بتنسيق وثيق مع حزب الله وإيران لإحياء "محور إيران".
هذه القراءة لا تبقى محصورة في القطاع، بل تمتد إلى الجنوب اللبناني، حيث تشير الصحيفة إلى أن الحركة "تجمع المعلومات وتدرّب عناصر جديدة وتبحث عن فرص لشن هجوم مفاجئ".
في المقابل، تكشف واللا أنّ حماس وحزب الله في لبنان "يعيدان بناء البنى التحتية العسكرية، ويدرّبان المجندين، ويهربان الأسلحة نحو الجنوب والبقاع"، وكل ذلك بتمويل وتشجيع إيراني.
ووفق زعم هذه المصادر، فإنّ العمل على الجبهتين متواز ومترابط. بناء القدرات في غزة يسير إلى جانب إعادة الترميم في جنوب لبنان، ما يخلق بيئة استراتيجية واحدة تواجهها إسرائيل.
الجبهة الشمالية: هدوء هشّ.. وغضب يتصاعد خلف الستار
تصف جيروزاليم بوست الوضع في الجنوب اللبناني بأنّه "هدوء ظاهري"، بينما تنقل واللا أنّ الهدوء "نسبي"، وأن الأيام الأخيرة شهدت "زيادة في ضربات الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو".
أما القناة 13 الإسرائيلية فتنقل تقديرات أكثر حدّة، إذ تؤكد أنّ وتيرة إعادة بناء حزب الله أصبحت "تفرض" عملية عسكرية واسعة قريبا، مشيرة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي نفّذ "موجة غارات غير اعتيادية" في الجنوب، وأنّ قادة الجيش يتبنون "نهج فرض صارم" لمنع إعادة بناء القدرات.
وفي موازاة ذلك، تظهر خروقات يتهم بها كل طرف الآخر:
- إسرائيل تقول إن حزب الله "ينتهك تفاهمات وقف إطلاق النار" ويعيد بناء قدراته،
- بينما يؤكد لبنان، وفق وكالة فرانس برس ورويترز، أنّ إسرائيل "تخرق الاتفاق عبر الغارات والإبقاء على قوات داخل الأراضي اللبنانية".
خريطة القرى المستهدفة تتكرر: عيناتا، دير كيفا، شحور، طيرفلسيه، الطيري، بنت جبيل، بليدا، بيت ليف.
وهذه القرى أصبحت، وفق روايات الجيش الإسرائيلي، مسرحا لمستودعات أسلحة، أو مقارّ، أو "بنى تحتية" يقول الجيش إن حزب الله يستخدم بعضها داخل منازل مدنيين.
ضغط أميركي على لبنان.. وربط ليد إسرائيل
من جهة أخرى، يظهر العامل الأميركي بقوّة في التقارير الإسرائيلية:
- جيروزاليم بوست وواللا تؤكدان أنّ الولايات المتحدة "تكبح" ردًّا إسرائيليًا أكثر حدّة على خروقات حزب الله.
- هيئة البث الإسرائيلية تكشف أن واشنطن ألغت الزيارة المقررة لقائد الجيش اللبناني بسبب "خطاب قتالي" ضد إسرائيل.
- القناة 13 الإسرائيلية تضيف بوضوح أن المبعوث الأميركي أعطى الجيش اللبناني مهلة حتى نهاية نوفمبر لتغيير الوضع، وإلا فإن الولايات المتحدة ستتفهم عملية إسرائيلية.
هذا المسار يضع لبنان بين ضغطين:
- ضغط أميركي لتطبيق خطة نزع سلاح حزب الله. وضغط إسرائيلي يتهم بيروت بعدم تنفيذها.
في المقابل، حزب الله، وفق رويترز، يؤكد أنّ اتفاق الهدنة ينطبق فقط "جنوب الليطاني"، ويرفض توسيعه ليشمل كل لبنان.
المشهد الميداني، كما تصوّره فرانس برس ورويترز، يشير إلى تصعيد يومي تقريبًا:
- مقتل شخص وإصابة 11 آخرين في الطيري.
- مقتل 13 شخصا في مخيم عين الحلوة في واحدة من "أشدّ الغارات منذ حرب العام الماضي".
- مقتل أشخاص مدنيين في عيناتا وطيرفلسيه.
- إعلان الجيش الإسرائيلي قتل عناصر من حزب الله في بنت جبيل وبليدا.
خطة نزع السلاح.. الحكومة اللبنانية بين الضغط والرفض
تقول فرانس برس إن الحكومة اللبنانية، "بضغط أميركي"، أقرّت في أغسطس خطة من ٥ مراحل لنزع سلاح حزب الله. لكن الحزب رفضها بشكل قاطع ووصفها بأنها "خطيئة".
يوازي ذلك استعداد الرئيس اللبناني جوزيف عون للتفاوض مع إسرائيل "لوقف الغارات"، من دون أن تتلقى بيروت جوابا.