"مصادرة سبسطية" وبؤرة جديدة.. كيف تغيّر إسرائيل خريطة الضفة؟
كشف تقرير نشرته
بوليتيكو عن خطوة إسرائيلية واسعة في الضفة الغربية، تتمثل في عزم السلطات الإسرائيلية مصادرة أجزاء كبيرة من موقع سبسطية الأثري، في وقت تزامن الإعلان مع ظهور بؤرة استيطانية جديدة قرب بيت لحم، وسط ضغوط دولية متزايدة على تل أبيب للحد من عنف المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتضع التطورات المتسارعة المنطقة أمام مرحلة ميدانية جديدة، تتحرك فيها إسرائيل في مسار واحد يجمع بين التوسع الاستيطاني وإعادة تشكيل السيطرة على أحد أهم المواقع التراثية والجيوب الجغرافية الحساسة.
مصادرة واسعة في سبسطية.. وتحويل الموقع إلى مشروع سياحي
بحسب وثيقة رسمية حصلت عليها الأسوشييتد برس، أعلنت الإدارة المدنية الإسرائيلية نيتها مصادرة مساحات شاسعة من أراضي سبسطية، التي تعد أحد أبرز المواقع الأثرية في الضفة الغربية.
وقدرت منظمة "السلام الآن" مساحة الأراضي المستهدفة بنحو 450 فدانا، معتبرة أنها أكبر عملية استيلاء على أرض ذات قيمة أثرية تقوم بها إسرائيل.
وتشير المنظمات الحقوقية التي تحدثت للتقرير إلى أن الأراضي المعلن عن مصادرتها تعود للفلسطينيين، وأنّ الموقع يضمّ آلاف أشجار الزيتون.
وتبرز أهمية المكان في كونه يعتقد أنه يضم آثار عاصمة مملكة السامرة القديمة، فضلا عن ارتباطه الديني لدى المسيحيين والمسلمين باعتباره ينسب إلى مكان دفن يوحنا المعمدان.
ووفقا لـ"السلام الآن" ومجموعة حقوقية أخرى، كانت إسرائيل قد أعلنت عام 2023 خططا لتحويل سبسطية إلى معلم سياحي كبير، مع تخصيص 9.24 ملايين دولار لتطوير الموقع وبدء عمليات التنقيب. ويمنح الأمر العسكري الصادر في 12 نوفمبر السكان الفلسطينيين فترة 14 يوما للاعتراض على قرار المصادرة.
ظهور بؤرة استيطانية جديدة قرب بيت لحم
يتزامن هذا التصعيد مع إعلان مستوطنين إسرائيليين إقامة بؤرة استيطانية جديدة بالقرب من بيت لحم، بحسب ما نقله بوليتيكو عن مصادر في المجلس الاستيطاني بمنطقة غوش عتصيون.
وقال رئيس المجلس، يارون روزنتال، إن الخطوة تمثل "عودة إلى مدينة راحيل وداود"، وإن المجتمع الاستيطاني الجديد من شأنه "تعزيز الرابط" بين غوش عتصيون والقدس.
ووفقا للتقرير، يظهر أنّ البؤرة الجديدة جاءت كردّ على هجوم فلسطيني أسفر قبل يومين عن مقتل إسرائيلي وإصابة ٣ آخرين عند مفترق طرق قريب. وروج المستوطنون لصور تظهر منازل مؤقتة وجرافات تعمل في الموقع، الذي كان سابقا قاعدة عسكرية إسرائيلية.
وعلى الجانب الإسرائيلي، دعا روزنتال إلى رد "قوي" على الهجمات، رابطا ما سماه "الإرهاب" بأمل الفلسطينيين بإقامة دولتهم، ومعتبرا أن الاستيطان هو الوسيلة "لإحباط هذا الأمل".
اعتقالات وتصعيد حقوقي.. واتهامات بارتكاب جرائم حرب
يتناول تقرير بوليتيكو أيضا تطورات حقوقية متزامنة، من بينها اعتقال ناشط فلسطيني كان يوثق اعتداءات المستوطنين. فقد ذكرت محاميته أنّ الناشط أيمن غريب عودة نقل إلى المستشفى بعد احتجازه في قاعدة عسكرية في الأغوار من دون الإفصاح عن مكانه أو وضعه الصحي، بينما أكدت "الشاباك" أنه موقوف بتهمة "التحريض".
وفي تطور آخر لافت، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الدفاع، يوآف غالانت، يجب أن يخضعوا لتحقيقات دولية للاشتباه في ارتكابهم جرائم حرب.
وأشارت المنظمة إلى أنّ الجيش الإسرائيلي قام هذا العام بطرد أكثر من 32 ألف فلسطيني من ٣ مخيمات لاجئين في الضفة الغربية، وأنّ عمليات الاقتحام والدمار الواسع في تلك المخيمات شكّلت أكبر موجة تهجير منذ 1967.
وقالت المنظمة إنّها حللت صورا فضائية تظهر تدمير أو تضرر أكثر من 850 منزلا ومبنى، فيما أكّد الجيش الإسرائيلي أن هذه العمليات جاءت "للقضاء على البنية التحتية للفصائل المسلحة" في أعقاب هجوم 7 أكتوبر. ومع ذلك، خلص التقرير إلى أنّ السلطات الإسرائيلية لم تقدم تفسيرا لأسباب منع السكان من العودة أو لعدم توفيرها أي مساعدات إنسانية للمهجّرين.