لقاء مدني لبناني- إسرائيلي.. ماذا يعني ذلك؟
بين قرار رئاسة الجمهورية اللبنانية تكليف السفير السابق والمحامي سيمون كرم برئاسة الوفد اللبناني إلى اجتماعات "الميكانيزم" في الناقورة، وبين ما كشفته القناة ١٢ الإسرائيلية عن سعي إسرائيل لإقناع واشنطن بكسب "غطاء شرعي" لأي خطوة مقبلة ضدّ حزب الله، تتحرّك خطوط التهدئة والتصعيد بين بيروت وتل أبيب تحت أنظار الوساطة الأميركية والدعوات الدولية لوقف الأعمال القتالية في لبنان.
فبحسب مصادر لبنانية لقناة LBCI، تُوصَف خطوة تعيين كرم بأنها تساعد الأميركيين في "الضغط على نتنياهو لتهدئة الأمور في هذه المرحلة، بانتظار المسار الذي ستأخذه المفاوضات"، فيما تواكبها حركة دبلوماسية تقودها المبعوثة الأميركية إلى لبنان، مورغان أورتاغوس، التي تغادر إلى الأردن بعد اجتماع "الميكانيزم"، على أن تعود إلى بيروت ضمن وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الذي يزور لبنان في ٥ و٦ ديسمبر.
ونقلت رويترز عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن نتنياهو سيرسل ممثلا إلى اجتماع مع مسؤولين حكوميين في لبنان.
وتابع المكتب: "هذه محاولة أولية لإرساء أساس للعلاقة والتعاون الاقتصادي مع لبنان".
قرار رئاسي يكرّس سابقة مدنية في الميكانيزم
رئاسة الجمهورية اللبنانية ثبّتت اسم السفير السابق المحامي سيمون كرم في واجهة اجتماعات "الميكانيزم" (آلية وقف إطلاق النار ولجنة الإشراف على تطبيقه في الناقورة)، مع التأكيد، وفق صحف لبنانية، أن مشاركته تأتي "ضمن أول مشاركة لشخصيات مدنية في هذه اللجنة التي تضم ممثلين عن لبنان وإسرائيل".
وبحسب بيان أذاعته الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية نجاة شرف الدين عبر حساب الرئاسة على منصة إكس، قرّر رئيس الجمهورية، جوزيف عون، "التزاما بقسمه الدستوري، وعملا بصلاحياته الدستورية، من أجل الدفاع عن سيادة لبنان وسلامة أراضيه ومصالحه العليا"، تكليف السفير السابق المحامي سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني إلى اجتماعات "اللجنة التقنية العسكرية للبنان".
البيان نفسه أوضح أن اللجنة منشأة بموجب "إعلان وقف الأعمال العدائية" بتاريخ 27 نوفمبر 2024، وأن "القرار جاء تجاوباً مع المساعي المشكورة من قبل حكومة الولايات المتحدة الأميركية التي تتولى رئاسة اللجنة، وبعد الاطلاع من قبل الجانب الأميركي على موافقة الطرف الإسرائيلي ضمّ عضو غير عسكري إلى وفده المشارك في اللجنة".
كما شدّد البيان على أن القرار اتُّخذ "بعد التنسيق والتشاور مع رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، ورئيس الحكومة، نواف سلام"، وأنه "تم إبلاغ المعنيين بذلك". وعليه، يشارك السفير كرم بهذه الصفة في اجتماع اللجنة المقرر اليوم 3 ديسمبر 2025 في الناقورة، بحسب البيان الرئاسي.
صحف لبنانية.. "تطور مفاجئ وسط الأجواء الضاغطة"
الصحافة اللبنانية التقطت بدورها أبعاد هذه الخطوة. صحيفة النهار اللبنانية وصفت ما يجري بأنه "تطور مفاجئ" و"أمراً متقدماً جداً وسط الأجواء الضاغطة"، مشيرة إلى أن هذا التطور "يسلط الأضواء بقوة على مسار اجتماعات الميكانيزم بعد تطعيمها بممثلين مدنيين".
ونقلت الصحيفة عن مراسل محطة mtv في واشنطن، نقلاً عن مصادر أميركية، أن اجتماع لجنة الميكانيزم في الناقورة سيشهد، للمرة الأولى، مشاركة شخصيات مدنية، موضحة أن "السفير اللبناني السابق سيمون كرم سيشارك عن الجانب اللبناني، فيما يشارك يوري ريسنك من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ممثلا إسرائيل".
قناة mtv اللبنانية عادت وأكدت هذه المعطيات، مشيرة إلى أن مشاركة السفير السابق في واشنطن سيمون كرم ستكون عن الجانب اللبناني، في مقابل حضور يوري ريسِنك من مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ممثلاً إسرائيل، وذلك للمرة الأولى في اجتماعات هذه الآلية، ما يكرّس البعد "المدني" كعنصر جديد في تركيبة لجنة وُصفت سابقاً بأنها "تقنية عسكرية".
مصادر لبنانية.. تعيين كرم يساعد الأميركيين في الضغط على نتنياهو
أضاءت مصادر لبنانية لقناة LBCI على الوظيفة التفاوضية والسياسية التي يمكن أن يكتسبها هذا التعيين.
فقد أشارت هذه المصادر إلى أن "خطوة تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد المفاوض، خطوة تساعد الأميركيين في الضغط على نتنياهو لتهدئة الأمور في هذه المرحلة، بانتظار المسار الذي ستأخذه المفاوضات".
المصادر نفسها لفتت إلى أن "اجتماع الميكانيزم يبدأ عند العاشرة صباحاً"، وأن أورتاغوس "ستغادر بعده إلى الأردن لتعود إلى بيروت في عداد وفد سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن والذي يزور لبنان في ٥ و٦ ديسمبر"، في إشارة إلى تزامن تحرك "الميكانيزم" في الناقورة مع مسار دبلوماسي أوسع يشمل زيارة وفد من سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
رواية القناة ١٢.. حزب الله يتسلّح
على الضفة المقابلة، قدّمت القناة ١٢ الإسرائيلية صورة عن كيفية مقاربة تل أبيب لهذا المشهد. ففي تقريرها كشفت القناة أن مصادر إسرائيلية تحدثت عن عرض "حزمة من الأدلة" على المبعوثة الأميركية إلى لبنان، مورغان أورتاغوس، تزعم أنها توثّق مساعي حزب الله لإعادة بناء قدراته العسكرية وتعزيز ترسانته.
وبحسب القناة، جاء ذلك خلال سلسلة اجتماعات عقدتها أورتاغوس في إسرائيل، شملت رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وبحضور رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء شلومي بندر.
وبحسب المعلومات التي قدّمتها إسرائيل، فإن "الجيش اللبناني عاجز في فرض قيود على تحركات حزب الله أو كبح خروقاته".
ونقلت القناة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن "إسرائيل تحتاج إلى غطاء شرعي من الولايات المتحدة قبل اتخاذ أي خطوة مقبلة"، في تعبير مباشر عن سعي تل أبيب إلى ما تسميه "غطاء" أميركياً قبل أي تحرك جديد.
وخلال اللقاءات نفسها، أشارت القناة إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر تحدث عن أن الحزب "يواصل تسلّحه بوتيرة غير مسبوقة"، متهماً إيران بتمويله "عبر قنوات تمرّ عبر تركيا"، قائلاً: "يجب وقف هذا التدفق المالي".
نداء البابا: "الأسلحة تقتل.. أما التفاوض والوساطة والحوار فتبني"
في ختام زيارته التاريخية إلى بيروت، أطلق البابا لاوون الرابع عشر نداءً لـ"وقف الهجمات والأعمال القتالية"، على وقع "مخاوف محلية من تصعيد إسرائيل لضرباتها بعد عام من حرب دامية مع حزب الله"، داعياً في الوقت نفسه إلى تجاوز العنف والانقسامات في الشرق الأوسط، وفق فرانس برس.
وفي كلمته الأخيرة من مطار بيروت قبل مغادرته إلى روما، حيّا البابا "جميع مناطق لبنان" التي لم يتمكن من زيارتها، من طرابلس والشمال إلى البقاع و"الجنوب الذي يعيش بصورة خاصة حالة من الصراع وعدم الاستقرار". وأطلق نداء من كل قلبه، قائلاً: "لتتوقف الهجمات والأعمال العدائية. ولا يظنّ أحد بعد الآن أن القتال المسلح يجلب أية فائدة. فالأسلحة تقتل، أما التفاوض والوساطة والحوار فتبني. لنختر جميعا السلام وليكن السلام طريقنا، لا هدفا فقط"، من دون أن يأتي على ذكر إسرائيل بالاسم، بحسب فرانس برس.