الشرع بين المنطقة العازلة والانتخابات.. أي سوريا غدا؟
حذّر الرئيس السوري، أحمد الشرع، من أنّ مساعي إسرائيل لإقامة منطقة عازلة في جنوب سوريا قد تدفع بلاده إلى "مكان خطر"، محذّراً من العبث باتفاق فضّ الاشتباك الموقّع عام 1974، في وقت تتكثّف فيه العمليات العسكرية الإسرائيلية قرب الجولان.
جاءت مواقف الشرع خلال جلسة حوارية ضمن أعمال منتدى الدوحة 2025 المنعقد في العاصمة القطرية تحت شعار "ترسيخ العدالة.. من الوعود إلى الواقع الملموس"، حيث شارك في نقاش حول مستقبل سوريا ودورها الإقليمي.
وقال الشرع إن سوريا دخلت مرحلة انتقالية جديدة، موضحاً أنّه "تم عقد مؤتمر حوار وطني شامل انبثق عنه إعلان دستوري موقت، منح رئيس الجمهورية صلاحية الاستمرار لخمسة أعوام تُقرّ خلالها جملة من القوانين ويُكتب الدستور الذي سيشكّل المرجعية الأساسية لنظام الحكم، على أن تتوَّج هذه المرحلة بعد أربع سنوات بانتخابات مؤكدة".
تحذير من "منطقة عازلة" والمسّ باتفاق 1974
الشرع شدّد على أن سوريا أصرت طوال العقود الماضية على احترام اتفاق 1974 الذي "صمد أكثر من 50 سنة" وحظي بـ"إجماع دولي وإجماع مجلس الأمن"، معتبراً أنه كان "اتفاقاً ناجحاً بشكل أو بآخر".
وقال إن البحث عن ترتيبات جديدة من نوع "منطقة عازلة" في الجنوب السوري يثير تساؤلات خطيرة، متسائلا: من سيحمي هذه المنطقة إن لم يكن هناك وجود للجيش السوري؟ وأضاف أنّ العبث بالاتفاق القائم والسعي إلى صيغ أخرى "ربما يدخلنا في مكان خطر".
من العزلة إلى محاولة تثبيت نموذج للاستقرار
وخلال الجلسة، استعاد الشرع مسار العقود الـ٦ الماضية، قائلا إن سوريا عاشت مراحل خطيرة من العزلة والحصار الاقتصادي، وإن سياسات النظام السابق دفعت العديد من الأطراف الدولية إلى الانكفاء عنها.
وأشار إلى أنه "في مثل هذه الأيام كنا نتهيأ للدخول إلى دمشق، والآن استعادت سوريا الكثير من علاقاتها الدولية"، معتبراً أن كل الخطوات الحالية "تَصبّ في مصلحة سوريا واستعادة دورها وموقعها الإقليمي والدولي المهم"، وأن البلاد انتقلت من كونها "مصدّرة للأزمات" إلى أن تصبح نموذجا محتملا للاستقرار الإقليمي، مع انفتاح دولي "للاستفادة من موقعها وتأثيرها في إرساء دعائم الاستقرار في المنطقة".
"إسرائيل بين تصدير الأزمات والتصعيد العسكري"
اتهم الشرع إسرائيل بالسعي إلى "تصدير الأزمات إلى الدول الأخرى والهروب من المجازر التي ترتكبها في قطاع غزة"، وتبرير كل شيء بالمخاوف الأمنية، مقابل ما وصفه برسائل إيجابية أرسلتها دمشق.
لكنّه قال إن إسرائيل قابلت هذه الرسائل "بعنف شديد"، مشيراً إلى أنها شنّت على سوريا أكثر من ألف غارة ونفّذت 400 توغّل، كان آخرها المجزرة في بلدة بيت جن بريف دمشق". وبحسب حصيلة نقلتها فرانس برس، أسفر آخر هذه الهجمات عن مقتل 13 شخصاً.
مفاوضات وضغط دولي حول الانسحاب والاتفاقات
الشرع كشف وجود مفاوضات مع إسرائيل، مع "انخراط" الولايات المتحدة فيها، مؤكداً أن "جميع الدول الفاعلة" تدعم مطلب دمشق بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي التي احتلتها بعد الثامن من ديسمبر 2024، وأن سوريا تعمل مع هذه الدول للضغط على تل أبيب في هذا الاتجاه.
وجدّد إصرار بلاده على التزام إسرائيل باتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، مع التشكيك في الطرح الخاص بمنطقة منزوعة السلاح، متسائلاً: "أي اتفاق يجب أن يضمن مصالح سوريا، فهي من تتعرض للهجمات الإسرائيلية، فمن الأولى أن يطالب بمنطقة عازلة وانسحاب؟".
رواية داخلية عن "أفضل الظروف" ومسار اقتصادي
داخلياً، أكد الرئيس السوري أن الناس "لا يشعرون بالخوف في سوريا"، وأن "الملايين ينزلون إلى الشوارع تعبيراً عن فرحهم بإسقاط النظام" السابق، مضيفاً أن البلاد تعيش اليوم "أفضل ظروفها".