سياسة

ارتباطات بحزب الله؟.. فضيحة مخدرات تعصف بالإدارة الفرنسية

نشر
blinx
كشفت صحيفة لوموند عن تفاصيل وصفتها بـ"الصادمة" في قضية "عملية ترايدنت"، التي تحوّل فيها المخبر اللبناني "إلياس" من أحد أهم المصادر لدى الأجهزة الفرنسية والأميركية إلى محور فضيحة جنائية تمتد بين تهريب الكوكايين، وسوء إدارة العمليات السرية، وتقاطعات حساسة مع ملفات يُشتبه بارتباطها بحزب الله.
وتظهر وثائق القضية وجود تداخل في الأدوار بين بعض عناصر الشرطة والمخبرين، إضافة إلى ملاحظات تتعلق بطريقة تدبير المصادر وتسجيلها، من بينها استخدام مخبرين غير مُدرجين رسميا، وهي معطيات وردت في ملف التحقيق وأثارت أسئلة حول كيفية إدارة العملية.

مخبر من الدرجة الأولى يتحول إلى محور فضيحة

شكل إلياس، وهو لبناني خمسيني يرتبط ببيئة اجتماعية محافظة، أحد أهم المخبرين لدى الأجهزة الفرنسية والأميركية لأكثر من ٢٠ عاما.
يوصف بأنه "ظاهرة"، وبأنه القادر على اختراق شبكات معقدة تمتد من أوروبا إلى أفريقيا والشرق الأوسط.
صعد دوره بشكل لافت سنة 2010 حين أصبح مصدرا معتمدا لدى قسم العمليات الخاصة في وكالة مكافحة المخدرات الأميركية، DEA، بعد تقديم معلومات دقيقة عن مسارات تهريب المخدرات وغسل الأموال.
شارك إلياس في عمليات دولية بارزة، من بينها عملية "سيدار" سنة 2016، التي كشفت شبكة واسعة لتبييض أموال الكارتلات الكولومبية عبر وسطاء مرتبطين بحزب الله، بحسب وثائق التحقيق.

عملية "سيدار".. كشف شبكة دولية لغسل الأموال وتهريب الكوكايين

تشير وثائق الـDEA إلى أن عملية "سيدار" كشفت شبكة دولية لغسل الأموال وتهريب الكوكايين مرتبطة بما تصفه الوكالة بـ"قسم الشؤون التجارية" التابع لحزب الله.

وقد بيّن التحقيق، الذي شاركت فيه أجهزة أمنية من ٧ دول، أنّ الشبكة أقامت صلات مع كارتلات كولومبية لتأمين شحنات كبيرة من الكوكايين إلى أوروبا والولايات المتحدة، مقابل خدمات تبييض أموال تمر عبر لبنان.

وأدّت العملية إلى توقيف شخصيات بارزة وفرض عقوبات مالية أميركية على أفراد وكيانات متهمة بدعم الشبكة. وتعد هذه القضية إحدى أبرز العمليات التي شارك فيها المخبر اللبناني "إلياس"، حيث قدّم معلومات اعتبرتها الـDEA دقيقة وأساسية في تتبع مسارات الأموال والمخدرات.

"عملية ترايدنت".. من مهمة مشتركة إلى انهيار كامل

في نهاية 2022، لجأت وحدات مكافحة المخدرات الفرنسية في مرسيليا إليه مجددا لإسقاط تاجر مخدرات نافذ يعرف باسم "ميمو".
جمعت العملية بين القضاء الفرنسي، مكتب "أوفاست"، والـDEA، وسمحت باستقدام نحو 400 كيلوغرام من الكوكايين إلى مرسيليا ضمن "عملية مراقبة"، بهدف تفكيك الشبكات المحلية.
لكن العملية انهارت سريعا بعد رفض شبكة "ميمو" المُضي قدما، احتفظت الشرطة بالمخدرات في شاحنة بطريقة مخالفة للقواعد، وبدأت محاولات إغراء شبكات أخرى.
وفي ظروف فوضوية، اختفت كميات من الكوكايين، وباعت أطراف متعددة، منهم مخبرون، أجزاء من الشحنة لشبكات في مدن فرنسية مختلفة.
وتحوّل إلياس من عنصر اختراق إلى مشتبه به، إذ تشير وثائق التحقيق إلى احتمال بيعه كميات من المخدرات لحسابه، وهو ما ينفيه، مؤكدا أنه تحرك دائما "تحت أوامر الشرطة".
تفاقمت القضية مع ظهور شخصية غامضة تعرف باسم "روبير"، الذي لعب دورا مركزيا في عملية التفريغ والبيع داخل مرسيليا، قبل أن يتبيّن أنه مخبر غير مسجل، ما أثار تساؤلات خطيرة حول إدارة المصادر وتلاعب محتمل داخل الأجهزة.

تقاطعات خطرة مع ملفات حزب الله وضغوط قضائية وسياسية

تستمد قضية إلياس حساسيتها من البعد الدولي المرتبط بها. فخلال سنوات تعاونه مع الأميركيين، زودهم بمعلومات ساهمت في كشف قنوات مالية تربط كارتلات المخدرات بشبكات يُشتبه بعلاقتها بحزب الله، كما ورد في ملفات عملية "سيدار".
وقد جعل هذا البعد الجيوسياسي إلياس عنصرا ذا قيمة عالية، لكن أيضا شخصية معرضة للخطر، حسب قوله خلال التحقيقات: "أخشى على حياتي.. لم يكن أمامي خيار".
تبقى "ترايدنت" واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ مكافحة المخدرات في فرنسا، حيث تتداخل فيها العوامل الجنائية والاستخباراتية والجيوسياسية، لتكشف حدود الثقة في المخبرين وخطورة الاعتماد عليهم في ملفات دولية شديدة الحساسية.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة