سياسة

الإيموجي والمال السهل.. أطفال بلجيكا في قبضة مافيا المخدرات

نشر
blinx
قالت صحيفة إل باييس الإسبانية إنّ موانئ بلجيكا، وتحديدا ميناء أنتويرب، تحولت إلى مسرح خفي لمعركة غير متكافئة بين أجهزة الأمن وشبكات الجريمة المنظمة، حيث لم يعد المهربون يعتمدون فقط على السفن والحاويات، بل على أطفال ومراهقين يجري استدراجهم بعناية ليصبحوا أدوات في سلاسل تهريب المخدرات في أوروبا.
يكشف التقرير كيف يجري تجنيد القاصرين عبر المال السريع والرموز التعبيرية والتهديدات، في واقع أقرب إلى لعبة قاتلة لا يدرك ضحاياها قواعدها إلا بعد فوات الأوان.

ميناء عملاق وأطفال في الظل

بحسب إل باييس، يشكّل ميناء أنتويرب ثاني أكبر ميناء في أوروبا، ونقطة الدخول الرئيسية للكوكايين القادم من أميركا الجنوبية، حيث صادرت السلطات البلجيكية أكثر من 500 طن من المخدرات بين عامي 2019 و2024، وهو رقم يفوق أي دولة أوروبية أخرى.
داخل هذا الفضاء الكبير، الذي تمرّ عبره نحو 14 مليون حاوية سنويا، تعمل شبكات التهريب على تشغيل ما يعرف محليا باسم "المستخرجين"، وهم أشخاص يكلّفون بإخراج شحنات المخدرات من الحاويات قبل تفتيشها.
الجديد في هذه العملية، كما يوضح التقرير، هو الانخفاض الحادّ في أعمار هؤلاء المستخرجين. فبعد أن كانت المهمة حكرا على شبان في العشرينات، بات القاصرون يشكلون نسبة متزايدة من المتورطين.
في عام واحد فقط، تضاعف عدد القاصرين الموقوفين في أنتويرب، حيث أوقف أكثر من 200 شخص خلال عام واحد، كان 40 منهم دون سن الـ١٨.
يؤكد محامون يعملون في المدينة أنّ بعض القضايا تخصّ أطفالا في الـ١٣ أو الـ١٤، ما يعكس مدى تغلغل الجريمة المنظمة في النسيج الاجتماعي الأوروبي.

من الإيموجي إلى الابتزاز

تشرح إل باييس أنّ بوابة التجنيد لم تعد الشارع أو العلاقات المباشرة، بل الهاتف المحمول، إذ تستخدم شبكات الجريمة تطبيقات مثل سناب شات وتلغرام، حيث تختفي الرسائل بسرعة أو يصعب تتبعها، لتوجيه عروض مغرية إلى المراهقين.
تصاغ الرسائل بلغة قريبة من عالمهم، مليئة بالإيموجي والميمات، وتعرض "مهمات" تشبه ألعاب الفيديو، مع وعود بمال سهل وسريع.
يوضح تقرير ليوروبول، الذي تستند إليه الصحيفة، أنّ هذه الجماعات تُقلّد أساليب المؤثرين الرقميين، فتخلق صورة زائفة لحياة فاخرة وسريعة، مستغلة عوامل مثل البطالة بين الشباب، التي تبلغ في بلجيكا نحو 14.5٪ بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما، مقابل معدل عام لا يتجاوز 5.9٪.
لكن مرحلة الإغراء لا تدوم طويلا، لأنه بمجرد أن يوافق القاصر، يبدأ الانتقال التدريجي إلى التهديد. يتلقى بعضهم تحذيرات مباشرة، والبعض الآخر يكتشف أن عائلته باتت تحت المراقبة.
نقل محامون للصحيفة شهادات قاصرين قالوا إنهم لم يعودوا قادرين على التراجع، بعد أن تحول "المال السهل" إلى فخ مغلق.

وقود رخيص لجريمة عالية الربح

تكشف إل باييس أن اعتماد شبكات التهريب على القاصرين ليس صدفة، بل استراتيجية محسوبة، إذ يمنع القانون البلجيكي سجن القاصرين، ويكتفي بإيداعهم في مراكز إصلاحية، ما يقلل المخاطر القانونية على قادة العصابات.
كما أنّ هؤلاء القاصرين قابلون للاستبدال بسهولة، وهو ما يلخصه أحد المحامين بالقول إن اعتقال طفل واحد يعني وجود ١٠ آخرين جاهزين لملء الفراغ.
في المقابل، تدر هذه العمليات أرباح ضخمة. فبينما قد يحصل قاصر يعمل كمراقب على 100 إلى 150 يورو يوميا، يمكن لمن يشارك في عمليات الستخراج داخل الميناء أن يتقاضى آلاف اليوروهات في مهمة واحدة.
تحدثت بعض الشهادات عن مبالغ وصلت إلى 40 ألف يورو، غير أن الثمن الحقيقي قد يكون الحياة نفسها. يسرد التقرير حوادث مروعة لما يعرف بـ"حاويات طروادة"، حيث يختبئ القاصرون داخل حاويات مغلقة لأيام عدة بانتظار إشارة لاستخراج المخدرات.
في إحدى الحالات، عثر على ٦ أشخاص عالقين داخل حاوية لمدة أسبوع كامل، وفي حادثة أخرى في روتردام، اكتشف 19 شخصا داخل حاوية واحدة، بينهم ٦ قاصرين.
تشير إل باييس إلى أن ما يجري في موانئ بلجيكا ليس مجرد قضية تهريب مخدرات، بل مؤشر خطير على تحول الاطفال إلى أدوات في اقتصاد إجرامي عابر للحدود.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة