سياسة

آلاف المقاتلين بلا أرض.. لماذا يعود داعش للظهور في سوريا؟

نشر
blinx
بعد أكثر من عقد على صعود تنظيم داعش وسقوط خلافته المزعومة التي أعلنها في سوريا والعراق، يعود اسم التنظيم إلى الواجهة مجددا مع تصاعد هجماته في الأراضي السورية.
فبحسب تقرير لصحيفة إل باييس، يستفيد التنظيم من المرحلة الانتقالية التي تعيشها سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، ومن الفراغات الأمنية والانقسامات العميقة، ليحاول استعادة موطئ قدمه عبر هجمات محدودة لكن مؤثرة، تؤكد أنه لم يختف يوما، بل أعاد تنظيم نفسه بصيغة أكثر سرية وخفاء.

"داعش لم يختف يوما"

في مقابلة مطولة نشرتها مجلة ذي أتلانتيك، قال الصحافي والباحث المتخصص في شؤون التنظيمات المتشددة غرايم وود إن تنظيم داعش "لم يختفِ فعليا"، بل خرج من دائرة الاهتمام الإعلامي بعد خسارته السيطرة الإقليمية في سوريا والعراق. وشبه وود التنظيم بـ "شمعة عيد ميلاد ذاتية الاشتعال، تنطفئ ثم تعاود الاشتعال من جديد".
وأوضح وود أن التنظيم انتقل من نموذج "الدولة" إلى نموذج التمرد المسلح، مع الحفاظ على فكر أيديولوجي بسيط وسهل الانتقال، يسمح باستمراره كمصدر إلهام لمتعاطفين في مناطق مختلفة من العالم.
وأضاف أن التنظيم اعتمد منذ 2014 على ضم جماعات محلية قائمة إلى شبكته، عبر مبايعات شكلية، من بينها جماعة "أبو سياف" في جنوب الفلبين، التي زارها منفدو هجمات بونداي بأستراليا.
وبحسب وود، فإن هذه الشبكات الإقليمية تتيح للتنظيم الاستمرار في التدريب والتجنيد والدعاية حتى في غياب "المركزية". وأشار إلى أن المهاجمين في بوندي بيتش سافروا إلى منطقة لا تزال تشهد نشاطا لجماعات مرتبطة بالتنظيم، ما يعكس استمرار هذه المسارات بعد سنوات من هزيمة التنظيم عسكريا في الشرق الأوسط.
وأكد وود أن ما تغيّر ليس وجود التنظيم، بل استراتيجيته وأولوياته، حيث بات يركز على هجمات صغيرة ومتفرقة خارج مناطق سيطرته السابقة، في وقت لم يعد فيه "مكان جغرافي" يمكن للمتعاطفين السفر إليه كما كان الحال بين عامي 2014 و2017.

من المركزية إلى التمرد السري

ذكرت صحيفة إل باييس أن تنظيم داعش تمكن خلال العقد الماضي، مستفيدا من فوضى الحرب السورية، من السيطرة على أكثر من ثلث الأراضي السورية وأجزاء واسعة من العراق، وجذب عشرات آلاف المقاتلين من مختلف القارات. لكن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، نجح في إسقاطه خلال خمس سنوات.
وبحسب التقرير، فإن التنظيم لم يختف بعد هزيمته العسكرية، بل تحول إلى تنظيم تمرد سري يتركز نشاطه حاليا في المناطق الصحراوية الواسعة.
وتقدّر مصادر مختلفة، نقلت عنها إل باييس، عدد مقاتليه اليوم بما يتراوح بين 2500 و5000 عنصر في سوريا والعراق، مع احتفاظه بقدرات تنفيذية محدودة ولكن فعالة.

هجمات جديدة في سياق سوري هش

أشارت إل باييس إلى أن التنظيم كثف هجماته منذ نهاية الحرب وسقوط نظام الأسد قبل عام، مستغلا ما وصفه باحثون بـ"بلد منقسم بعمق".
ولفت التقرير إلى هجوم وقع في 13 ديسمبر 2025، وأسفر عن مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومترجم، في أول هجوم قاتل ضد القوات الأميركية منذ سقوط النظام، والأعنف منذ عام 2019.
وأوضح التقرير أن الهجوم استهدف دورية سورية-أميركية مشتركة قرب مدينة تدمر، ما دفع واشنطن إلى شن ضربات واسعة النطاق ضد مواقع التنظيم، من دون الكشف عن تفاصيل نتائجها.
وذكرت الصحيفة أن التنظيم يتركز نشاطه حاليا في محيط الرقة ودير الزور، حيث لا يزال يحتفظ بقدرة عملياتية محدودة لكن نشطة.

المال والسلاح والاختراقات الأمنية

بحسب إل باييس، لم يعد التنظيم يسيطر على أراض أو آبار نفط كما كان في عام 2014، حين قدرت مجلة فوربس ثروته بنحو ملياري دولار، جمعها من بيع النفط في السوق السوداء، وفرض الإتاوات، وتهريب الآثار، وطلب الفدية.
إلا أن التقرير يشير إلى أن التنظيم لا يزال يمتلك أسلحة وأموالا نقدية وذهبا خبأها في الصحراء خلال فترة تراجعه.
كما نقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن التنظيم استفاد من الأيام الأولى للهجوم الذي أطاح بالنظام السابق للاستيلاء على أسلحة من الجيش السوري، وربما من مخازن حليفه الروسي.
وأضاف التقرير أن سرعة إعادة بناء الأجهزة الأمنية السورية الجديدة، ودمج مقاتلين من فصائل مختلفة، أدت إلى ثغرات في التدقيق والمراقبة، ما جعل هذه المؤسسات عرضة للاختراق، وفق تقييم خبراء في شؤون الأمن والإرهاب.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة