حملة 2026.. كيف يبدأ نتنياهو معركته الانتخابية من "مارالاغو"؟
عندما يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في منتجع مارالاغو الإثنين، فلن يكون اللقاء مجرد لقاء دبلوماسي عادي.
بالنسبة لنتنياهو، يشكّل هذا اللقاء الافتتاح الفعلي لمعركته من أجل إعادة انتخابه في 2026، حيث يُتوقع أن يلعب الرئيس الأميركي دورًا محوريًا فيها، بحسب تقرير
لموقع سي إن إن، الأحد.
من المقرر أن تجري إسرائيل الانتخابات في أكتوبر 2026، غير أن هذا الجدول الزمني قد يتغير قبل ذلك. فهناك تهديدان فوريان يلوحان في الأفق أمام ائتلاف نتنياهو: أزمة تجنيد الحريديم (اليهود الأرثوذكس) والموعد النهائي لإقرار ميزانية مارس 2026.
ويمكن لأي منهما تقديم موعد انتخابات.
وتُظهر استطلاعات الرأي المتكررة منذ أكتوبر 2023 أن ائتلافه لا يصل إلى عتبة الأغلبية البرلمانية البالغة 61 مقعدًا في الكنيست اللازمة للحكم، إذ يتراوح بين 49 و54 مقعدًا.
العنصر الأساسي في خطة نتنياهو
يبدو أن استراتيجية إعادة انتخابه تقوم على معادلة بسيطة: الابتعاد قدر الإمكان عن فشل 7 أكتوبر، والاعتماد على ترامب للمساعدة في إعادة صياغة هذه الرواية عند صناديق الاقتراع.
وقال نداف شتراوخِلر، وهو مستشار سياسي عمل سابقًا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لشبكة سي إن إن "الرئيس الأميركي سيكون عنصرًا مركزيًا، إن لم يكن العنصر الأبرز، في استراتيجية إعادة انتخاب نتنياهو، مثلما حدث في انتخابات 2019 و2020، عندما غطّى حزب الليكود شوارع إسرائيل بلافتات تُظهر ترامب ونتنياهو يتصافحان.
وفي الآونة الأخيرة، دعم ترامب حملة العفو عن نتنياهو، موجّهًا نداءً علنيًا إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ خلال خطاب ألقاه في الكنيست في أكتوبر احتفالًا بوقف إطلاق النار في غزة.
وأطلق هذا الموقف حملة مدعومة من الليكود انتهت بتقديم نتنياهو طلبًا رسميًا للعفو. وفي مقطع فيديو أرفقه بطلبه، أشار نتنياهو إلى دعم ترامب، مؤكدًا أنه "سيمكّن الزعيمين من دفع مصالح حيوية في وقت تلوح فيه فرصة عابرة".
ويرى شتراوخلر أن خطاب الكنيست هذا شكّل "فعليًا إطلاق حملته الانتخابية، بإدارة أفضل مدير حملات في العالم، دونالد ترامب".
وقال شتراوخِلر "من المرجح أن يظهر ترامب مجددًا على ملصقات حملة نتنياهو كما حدث في السابق. حضوره سيخيّم على الحملة، لكن المسألة تتعلق بالجودة لا بالكم".
وبالفعل، يقول مصدر مطّلع في الليكود على التخطيط إن نتنياهو ناقش بالفعل استضافة ترامب في إسرائيل خلال حملته الانتخابية، في زيارة ثانية منذ عودته إلى البيت الأبيض.
شعبية ترامب تتفوق على نتنياهو في إسرائيل
وتفسّر الأرقام ذلك، فقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب في سبتمبر 2025 حول الحياة في إسرائيل أن نسبة الرضا عن القيادة الأميركية بين الإسرائيليين بلغت 76%، مقابل 40% فقط للحكومة الإسرائيلية.
كما عزز اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي نُسب إلى وساطة ترامب وحزمه، صورة الرئيس الأميركي داخل إسرائيل.
وقال شتراوخِلر "أهم ما يشغل نتنياهو هو إرثه. رسالته ستكون أنه حقق الكثير، لكن مهمته لم تنتهِ بعد، فما زال هناك التهديد الإيراني، وما زالت هناك اتفاقات سلام ينبغي إنجازها".
وتبرز انقسامات في ساحات إقليمية أخرى. ففي سوريا، يتناقض احتضان ترامب لنظام الشرع مع إصرار إسرائيل على الحفاظ على منطقة عازلة.
وفي لبنان، تدفع واشنطن نحو الدبلوماسية، بينما تشكك القدس في قدرة بيروت على كبح حزب الله دون حملة عسكرية جديدة.
هل يرفض ترامب توجيه ضربة لإيران؟
وتظل إيران بؤرة توتر رئيسية، إذ تراقب إسرائيل عن كثب تخصيب طهران النووي وتزداد قلقًا من أنشطتها المتنامية في مجال الصواريخ الباليستية. وقد روّج الزعيمان لما سُمّي "حرب الأيام الـ12" بوصفها إنجازًا، لكن طموحات إيران النووية والصاروخية لم تتباطأ كثيرًا.
ويشكك مسؤولون إسرائيليون في أن يسارع ترامب إلى منح الضوء الأخضر لعملية عسكرية إسرائيلية كبرى أخرى ضد إيران، لا سيما بعد التداعيات التي أعقبت الضربة الإسرائيلية المثيرة للجدل في سبتمبر ضد قيادة حماس في الدوحة.
المرحلة الثانية من اتفاق غزة
وتبقى غزة الساحة الأكثر شحنًا سياسيًا، حيث يسعى ترامب إلى إحراز تقدم في المرحلة التالية، بينما يواجه نتنياهو قيودًا من ائتلافه اليميني الرافض لأي انسحابات إضافية. وتشير مصادر إسرائيلية إلى أن نتنياهو قد يسعى للحصول على موافقة لتنفيذ عملية عسكرية أخرى داخل غزة قبل القبول بالمضي قدمًا في وقف إطلاق النار، كعرض قوة أخير لإرضاء شركائه قبل تقديم تنازلات إضافية.
ويقول مسؤول إسرائيلي سابق "نتنياهو لا يعمل في فراغ، فجاريد كوشنر وشخصيات محورية أخرى تحيط بترامب، يشعرون بإحباط متزايد من تأخير نتنياهو تنفيذ خطة وقف إطلاق النار في غزة، ويتوجسون من أي مناورة قد تقوض الاستقرار الإقليمي الأوسع".
وتشير هذه المصادر إلى أن مقاربة نتنياهو قد تقوم على تجميع حزمة ارتباطات شاملة: تقدم في غزة مقابل ضمانات أمنية في مواجهة إيران ولبنان، ومراعاة الجداول السياسية الداخلية، وربما دعم حملة العفو عنه.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع لشبكة سي إن إن "نتنياهو دائمًا ما يعمل بمنطق الربط. يقدّم تحركًا على جبهة مقابل تعويض على جبهة أخرى. ومن المرجح أن يسلّم المرحلة الثانية لترامب، والسؤال الأساسي هو ماذا سيحصل في المقابل، دعم أميركي لضربة أخرى ضد المنشآت النووية الإيرانية، مثلًا، أو دعم لعمل عسكري في لبنان".
هل يتجاوز ترامب ونتنياهو الخلافات؟
يقول شتراوخِلر لشبكة سي إن إن "أعتقد أن تحالفهما قوي جدًا وقائم على فهم ورؤى مشتركة. قد تكون هناك خلافات أو احتكاكات، لكنهما ينظران إلى الأمور من زاوية واحدة وقادران على حلها. حتى الآن كانا منسّقين على الدوام، فنتنياهو أجّل العديد من الخطوات حتى فوز ترامب في الانتخابات، وهو يتوقع أن يتلقى الدعم نفسه في المقابل".
ويبقى ترامب على الأرجح أقوى ورقة في أوراق نتنياهو السياسية، لكن كما يُظهر التاريخ القريب، قد لا تكون تلك الورقة كافية لمنحه النصر الحاسم في معركة الانتخابات.