الريال ينهار وغضب الشارع يتوسع.. إيران تواجه "أسوأ كوابيسها"
اندلعت احتجاجات في مختلف المدن الإيرانية، بما في ذلك طهران، نتيجة السخط الشعبي على الحكومة وتفاقم الأزمة الاقتصادية. وقد فقدت العملة الإيرانية (الريال) نحو 60% من قيمتها منذ حرب يونيو مع إسرائيل، ووصلت إلى مستوى قياسي منخفض بلغ 1.445 مليون ريال مقابل الدولار.
وتسببت حرب يونيو في كشف ثغرات كبيرة في الدفاعات الإيرانية وإخفاقات في الاستخبارات، ما أدى إلى زيادة السخط الشعبي تجاه الحكومة، التي تواجه أصلاً ضغوطاً اقتصادية وسياسية متزايدة، بحسب وول ستريت جورنال.
وفي ظل استمرار الاحتجاجات، أعرب عضو لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإيراني، أحمد بخشايش أردستاني، عن قلقه من تحوّل المطالب الاقتصادية إلى سياسية واتساع رقعة الاحتجاجات.
وقال إن استمرار الاضطراب في السوق سيؤدي إلى ارتفاع أسعار أخرى، مضيفاً: "هذا الوضع يخلق حالة من السخط، وقد يدفع الناس إلى النزول إلى الشوارع".
كيف يبدو الوضع في الشارع؟
أظهرت لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجات يوم الاثنين عند أحد المراكز التجارية الراقية قرب البازار الكبير في طهران، حيث هتف المتظاهرون بكلمة "آزادي" التي تعني "الحرية" بالفارسية.
كما أظهرت لقطات أخرى قوات الأمن ترتدي زي الشغب وتطلق الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.
بحلول مساء الاثنين، امتدت الاحتجاجات إلى مناطق أخرى من العاصمة وإلى مدن متعددة في البلاد.
وشارك التجار في احتجاجات داخل وحول السوق الكبير، كما شهد حي يفت آباد في غرب طهران مظاهرات مسائية.
وعلى جزيرة قشم الواقعة على ساحل، هتف المحتجون في الليل "الموت للطاغية"، بينما أيدهم المارة بإطلاق أبواق السيارات. وفي همدان، غرب إيران، طالبت الاحتجاجات بعودة أسرة بهلوي التي حكمت إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979.
وتعكس هذه الاحتجاجات سخطاً واسع النطاق تجاه الحكومة، خاصة في ظل حملة القمع المستمرة ضد المعارضين، التي شهدت اعتقالات واسعة وتنفيذ أكبر عدد من الإعدامات هذا العام منذ أربعة عقود، في محاولة لمنع انتفاضة شعبية.
ويشكل انهيار الريال ضربة قوية للاقتصاد الإيراني، حيث أثر بشكل مباشر على مدخرات المواطنين وزاد من تكلفة المعيشة.
وقد بلغت العملة الإيرانية مستوى قياسياً منخفضاً عند 1.445 مليون ريال مقابل الدولار يوم الاثنين، مما يعكس أزمة اقتصادية عميقة تشمل تضخماً مرتفعاً وعقوبات دولية.
وتواجه إيران أزمات داخلية متعددة، بما في ذلك نقص المياه في طهران وانقطاع الكهرباء في مناطق عدة. كما أدت زيادة أسعار الوقود هذا الشهر إلى تحذيرات من تكرار احتجاجات 2019 الدامية، التي أسفرت عن مئات القتلى، وكانت الأكثر دموية منذ عام 1979.
وفي سياق أول رد رسمي، دعا الرئيس مسعود بزشكيان للاستماع إلى "المطالب المشروعة" للمتظاهرين، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية ليل الاثنين، بعد يومين من إغلاق أصحاب محلات متاجرهم في طهران احتجاجا على تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع كلفة المعيشة.
وقال بزشكيان على منصة إكس إنه طلب "من وزير الداخلية الاستماع إلى مطالب المحتجين المشروعة من خلال الحوار مع ممثليهم، حتى تتمكن الحكومة من التصرف بمسؤولية وبكل ما أوتيت من قوة لحل المشاكل والاستجابة لها" بحسب وكالة "إرنا".
وأضاف بسحب الوكالة "معيشة الشعب همّنا اليومي. لدينا إجراءات أساسية لإصلاح النظام النقدي والمصرفي، والحفاظ على القدرة الشرائية للشعب على رأس أولوياتنا".
في ضربة أخرى للاقتصاد، استقال محافظ البنك المركزي الإيراني محمد رضا فارزين يوم الاثنين، في ظل استمرار العقوبات الدولية المشددة، التي تمثل السبب الرئيسي للأزمة الاقتصادية.
وجرت محادثات هذا العام بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي الإيراني، لكنها لم تسفر عن أي تقدم، وتوقفت منذ حرب يونيو مع إسرائيل التي دمرت أجزاء من البرنامج النووي والصاروخي الإيراني والدفاعات الجوية.
على الصعيد الإقليمي، تواجه إيران ضغوطاً متزايدة من إسرائيل التي تهدد باتخاذ إجراءات عسكرية ضدها إذا واصلت تطوير صواريخها الباليستية.
وأشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال اجتماع مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، الاثنين، إلى دعمه لضربة إسرائيلية محتملة في حال استمرار إيران في برامج الصواريخ.