المخاوف لم تقتصر على المسلمين فقط، إذ أنها أثارت مخاوف العديد من ممارسي ديانات أخرى. ففي مقابلة على راديو جي، وهو راديو موجه للمجتمع اليهودي بفرنسا، عبّر كريستوفر كامباديلي، السكرتير الأول السابق للحزب الاشتراكي، عن استيائه أيضا.

في نفس المقابلة، طلب كامباديلي من وزير الداخلية جيرالد دارمانان تسليط الضوء على هذه الرسالة، داعيا إياه توضيح "إذا كان الطلب توجيها عاما أو كان مجرد قرار للشرطة المحلية، باسمها، ويستهدف طلاب المدينة".

هجوم على الجمهورية بحسب النائب الاشتراكي السابق، الذي تحدث لراديو جي "ما الذي دفع الشرطة إلى اتخاذ قرار بالاتصال برؤساء المؤسسات التعليمية لمعرفة نسبة التغيب؟ على ماذا يبحثون؟ هذا ما نحتاج إلى معرفته. يجب أن نلقي الضوء على هذه القضية، فهي جزء من الاختلالات والتفكك الجمهوري الذي نشهده في الوقت الحالي".

مسؤولون تعليمون آخرون تلقوا نفس الرسالة الغريبة، منهم رئيس أكاديمية تولوز، مصطفى فورار، الذي أكد أن مدراء المؤسسات تلقوا تعليمات بعدم الرد على هذه الرسالة، كما أكد ذلك المدير الأكاديمي لخدمات التربية الوطنية بإقليم غارون العليا، استنادا لصحيفة لو جورنال دو ديمانش الفرنسية.

الاستخبارات بررت ما حدث بأنها حريصة على دراسة تأثير بعض الأعياد الدينية على أداء الخدمات العامة، ولا سيما داخل المجال المدرسي ولهذا السبب قد تلجأ الوزارة إلى طلب نسبة الغياب مثل الذي لوحظ في يوم الاحتفال بعيد الفطر.

يفيد موقع وزارة التربية الوطنية أنه في عام 2004، صدرت قائمة لـ 13 عيدا دينيا يُسمح فيها للطلاب المسلمين واليهود والبوذيين والأرمن بالغياب، ويعتبر عيد الفطر واحدا من هذه الأعياد.

وزارة التعليم نفسها تعترف بذلك على لسان الوزير "من الطبيعي أن يتمكن الأطفال اليهود والمسلمون من المشاركة في احتفال ديني كبير، والذي غالبا ما يكون أيضًا مناسبة للم شمل الأسرة".

تستنكر ماري سيسيل بيريلات، الأمينة العامة للاتحاد الفيدرالي، هذه الخطوة وتعتبرتها استهدافا دينيا للمسلمين. تقول لموقع لا ديبيش دو ميدي إن الاستطلاع عن نسبة الغياب يوم عيد الفطر يظهر أن الاستخبارات الإقليمية ترى الدين الإسلامي "مسألة تهدد الأمن الداخلي للدولة".

يشكل المسلمون 10٪ من سكان فرنسا والتي تُعدّ من أكبر الأقليات الدينية في دولة عضو بالاتحاد الأوروبي، وبسبب هذا النمو، تُستهدف هذه الفئة في كثير من الحوادث العنصرية، ومن بينها:

التمييز ضد الطلاب المسلمين: كانت هناك تقارير عن التمييز ضد الطلاب المسلمين في المدارس الفرنسية. تشمل الأمثلة حالات تم فيها منع الطلاب من ارتداء الحجاب أو الرموز الدينية الأخرى، حيث يحظر القانون الفرنسي ارتداء الرموز الدينية الواضحة في المدارس العامة.

التنميط والمضايقات العنصرية: أبلغ بعض الطلاب، ولا سيما الطلاب من أصول أفريقية أو عربية، عن تجارب التنميط العنصري والمضايقات داخل المدارس. وتحدثوا عن تعرضهم للشتائم والإقصاء على أساس العرق.

نقص التمثيل والوعي الثقافي: ترصد تقارير أن نظام التعليم الفرنسي لا يعالج بشكل كاف مساهمات الأقليات في التاريخ الفرنسي الحديث الذي يدرسه الطلاب أو في النقاش العام، لا سيما الأقليات التي تنحدر أصولها من المستعمرات الفرنسية السابقة. يمكن أن يساهم هذا النقص في التمثيل والوعي الثقافي في الشعور بالإقصاء والتهميش بين الطلاب من خلفيات متنوعة.

• تمييز عنصري في الصباح الباكر:

استيقظ الشاب ثيو لوهاكا في أحد صباحات العام ٢٠١٧، نزل إلى الشارع ليجد دورية تقوم بعملية تحقق روتينية، لكن ما حدث فيها تحول إلى عنف واعتداءات على الشاب، بسبب أصوله العرقية. أثارت الحادثة احتجاجات واسعة النطاق وأشعلت جدلاً عامًا حول التمييز العنصري والعنف الشرطي.

• ثم تحيز في المدرسة:

في العام 2019، واجهت إحدى المدارس في منطقة باريس انتقادات بعدما تبين أن تلاميذ ذوي أصول أفريقية يتم توجيههم بصفة منتظمة إلى فصول ذات مستوى أدنى، بغض النظر عن قدراتهم الأكاديمية. ألقت هذه الحادثة الضوء على مسألة التحيز العرقي وتصنيف الطلاب داخل نظام التعليم.

• تمييز بعد التخرج من المدرسة

ظهرا، قد يفكر لوهاكا، أو أي مواطن فرنسي ملوّن، في التقديم إلى وظيفة، لكن فرصة قبوله تكاد تكون شبه منعدمة. ليس لمشكلة شخصية ارتكبها هذا الشاب، وإنما هذا ما أثبتته دراسة صادرة عام ٢٠٢٠، عن المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية والمعهد الوطني للدراسات الديموغرافية، التي أظهرت وجود تمييز عنصري كبير في ممارسات التوظيف. أظهرت الدراسة أن المتقدمين للوظائف ذوي أسماء غير فرنسية وأصول أفريقية تلقوا أقل عدد من استدعاءات المقابلة مقارنة بأولئك ذوي أسماء تبدو فرنسية.

• استبعاد اجتماعي في الليل:

العديد من الحالات تشير إلى استبعاد اجتماعي وتمييز العنصري في الأماكن العامة في فرنسا. على سبيل المثال، في العام 2018، انتشر فيديو على نطاق واسع يظهر امرأة سوداء تتعرض للتحرش العنصري والاعتداء الجسدي على حافلة في باريس. أثارت الحادثة غضبا ونقاشات حول استمرار العنصرية في الحياة اليومية.