علوم
.
في يناير 2022، وبعد هدوء عاصفة إطلاق دوري السوبر الأوروبي في 2021، خرج رئيس نادي ريال مدريد وأكثر المتحمسين للبطولة المقترحة فلورنتينو بيريز مدافعا عن الفكرة، وقال لبرنامج تلفزيوني إسباني "بدون تغيير.. صدقوني نحن نتهاوى".
ولاحقا خرجت دراسة علمية بحقائق صادمة مفادها أن "الجيل Z" لا يهتم كثيرا بكرة القدم، إذ أكد نحو 33% من المستطلعين من الفئة ذاتها عدم مشاهدتهم مطلقا للساحرة المستديرة، فكيف يبدو مستقبل اللعبة الشعبية الاولى في العالم.
بالعودة لبيريز، المرعوب من نتائج دراسات وتوقعات لمستقبل كرة القدم،فإنه قال في حواره مع التشيرنغيتو وقتها : "الشباب من أعمار 16 ـ 24، لم يعودوا مهتمين بكرة القدم، 40% منهم فقدوا شغفهم بالكرة بسبب أن هنالك الكثير من المباريات، هذا ما تؤكده الإحصاءات، المراهقين والشباب الآن باتوا أكثر اهتماما بألعاب الفيديو، علينا أن نتحرك ونعمل شيئا ليستعيدوا شغفهم بكرة القدم".
الآن، بعد مرور عامين على حوار بيريز الشهير، يبدو أن أمل التغيير (دوري السوبر) قد تلاشى مع انسحاب أحد الأضلاع الثلاثة يوفنتوس، وتبقي الريال وبرشلونة مدافعين عنه، فيما لا تزال تحذيراته قائمة بخصوص فئة "الجيل Z"، وهي الفئة التي تنال اهتمام الكثير من القطاعات حاليا، على رأسها الرياضة.
ويعرف "الجيل Z"، بأنه الفئة التالية لجيل الألفية، وتتميز هذه الفئة العمرية بأنها مولودة على عصر التكنولوجيا، التي تالفها وتندمج مع آخر صيحاتها.
موقع "مورينينغ سكاوت" أجرى دراسة إحصائية مؤخرا لعادات مشاهدة الرياضة على ألف شخص من "الجيل Z" في الولايات المتحدة الأميركية، ومثلهم من الراشدين، محاولا تتبع اهتماماتهم تجاه الرياضة، وخرج بنتائج مثيرة، إذ أكد 33% منهم عدم مشاهدته للرياضة مطلقا، مقارنة مع 24% من البالغين.
33% من الجيل زد قال إنه لا يتابع كرة القدم في
في سياق البحث وتتبع توجهات "الجيل Z" أجرت رابطة الدوري الإسباني (الليغا) دراسة مشابهة على هذه الفئة العمرية المهمة والمؤثرة، وخرجت بنتيجة مفادها أن غالبيتهم "متعددو المهام" فيما يتعلق بمشاهدة مباريات كرة القدم.
وفسرت الدراسة التعدد بأنهم لا يرتدون قمصان فرقهم المفضلة، ليجلسوا أمام التلفاز والتشجيع بحماس، وإنما لديهم عادات مختلفة خلال المباراة، مثل تصفح حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وإعداد طعامهم، أو لعب مباراة فيديو، أو ممارسة مهمة افتراضية أخرى.
وتعني هذه حقيقة واحدة، أن كرة القدم لدى هذا الجيل ليست بذات الشعبية والزخم، إذ هنالك أمور أخرى تتقدم عليها، أو تساويها، في قائمة أولويات الجيل الجديد.
كرة القدم كـ"صنعة" و"بزنس"، تعيش عصرها الذهبي، خصوصا فيما يتعلق ببند الإيرادات الضخمة.
وتعتمد أندية وروابط دوريات كرة القدم في رفع مداخيلها حاليا، على بندي البث التلفزيوني، الذي يعتبر حاليا الدجاجة التي تبيض ذهبا للأندية، والإيرادات من أيام المباريات، إلى جانب البند التجاري من رعاية واتفاقيات ترويجية أخرى.
وعلى سبيل المثال تجني أندية الدوري الإنكليزي الممتاز 6.310 مليار يورو عن 3 مواسم لبث البطولة تلفزيونيا، مقابل 4.485 مليار يورو لبث الليغا عن 3 مواسم، و1.080 مليار يورو) لبث البوندسليغا لمدة مماثلة، و587 مليون يور لبث الكالشيو، و480 يورو لبث الليغ1.
أما التأثير المباشر، فسيقع مستقبلا، إذ يتوقع أن تحجم القنوات التي تشترى تلك الحقوق عن دفع مبالغ كبيرة، والسبب هو عزوف الشباب من "الجيل Z" عن المشاهدة، وتركز اهتمامهم فقط على لحظة بث المباراة، فيما تدفع تلك القنوات الكثير من الأموال لبث محتوى رياضي أكثر، بخلاف المباريات المباشرة، يتيح لها توزيع الإعلانات بسلاسة، ويضمن لها جلب أكبر قدر منها.
في نهاية الأسبوع الماضي، نشر مركز كابجيميني للدراسات ومقره في باريس، دراسة أكدت نتائجها أن 77% من "الجيل Z" و75% من جيل الالفية، أبدوا تفضيلهم لمشاهدة الأحداث الرياضية بعيدا عن الملاعب، مقارنة مع 53% من أشخاص عمرهم 70 عاما، يفضلون الذهاب إلى الملاعب والحلبات والمضامير لمتابعة الاحداث الرياضية الحية.
لا زالت كرة القدم تستحوذ على مكانة هامة لدى هؤلاء الشباب
وأرجع المركز هذا الامر إلى التطور الكبير في تجربة البث التلفزيوني، ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تضج بها أجهزة الجيل الجديد.
ويهدد هذا الامر مداخيل الأندية من أيام المباريات والتذاكر، مستقبلا.
"فكرة أن الشباب يفتقدون للحماس والشغف لكرة القدم، هو أمر فيه تبسيط مخل، لا زالت كرة القدم تستحوذ على مكانة هامة لدى هؤلاء الشباب، لكن يجب البحث عن الكيفية التي يتم عبرها تسويق هذه اللعبة لهم"، هكذا علق لويس ويلتشير الرئيس التنفيذي لشركة دجيتال ميديا المنظمة لدوري الملوك السبعة في كرة القدم، وهو دوري جديد اخترعه لاعب برشلونة السابق جيرارد بيكيه، ويضم سبعة محاربين في كل فريق، منهم نجوم اعتزلوا الكرة.
وأضاف ويلتيشير لموقع سبورت بيزنس "أعتقد أن الحل موجود، وهو وسائل التواصل الاجتماعي، يوتيوب وانستاغرام وتويتر وتيك توك، لم تكن موجودة، عندما كان مواليد 1980 يبلغون من العمر 10 أعوام، لذا يجب علينا الدفع في هذا الاتجاه، والاستفادة منها".
وفي هذا السياق، كان دوري الملوك السبعة الذي انطلق في مارس الماضي في ملعب كامب، اجتذب 1.4 مليون متابعا، عند بثه على منصتي يوتيوب وتويتش، وكذلك على حساب المؤثر الإسباني الشهير على منصة تـ"ويتش" إيباي لانوس، فيما حضر النهائي 92 ألف مشجعا على ملعب كامب نو في برشلونة، رغم أنه دوري غريب في فكرته.
ويوضح هذا الرقم حجم الفرص التي توفرها السوشيال ميديا، لكن ستكون المشكلة الحقيقة، في كون هذه المنصات مجانية، ويحتاج التفاوض معها لبث الأحداث مقابل مبالغ ضخمة الكثير من الجهد.
وما بين توجهات "الجيل Z" وعاداته، واعتماد الأندية على أموال التلفزيون، تبدو الأعوام المقبلة حاسمة في مستقبل استهلاك منتج كرة القدم والرياضة عموما، ومدى تأثير ذلك على شهرة ألعاب مثل الساحرة المستديرة اللعبة الشعبية الأولى في العالم.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة