صحيح أن النشاط الزلزالي في المغرب ليس بنفس أهمية بلدان ومناطق أخرى في العالم مثل اليابان وكاليفورنيا، واليونان، وتركيا، إلا إنه لا يمكن إهماله، فقد حصلت بعض الزلازل التاريخية والقوية التي زادت عن 6 درجات بمقياس ريختر.

ومنها على سبيل المثال، زلزال دمّر أغادير عام 1960 وقرى عدة، وتسبب في مقتل 12 ألف شخص. وفي وقت لاحق، حدثت زلازل كبيرة أخرى، في الحسيمة عام 2004 في شمال المغرب، تسببت في مقتل 629 شخصا.

الآليات التي تحكم التوزيع المكاني لهذه الزلازل وتكرارها لا تزال غير مفهومة بشكل جيد، حسب ورقة بحثية للجيولوجيين تاج الدين الشرقاوي وأحمد الحسني، بعنوان الزلازل والمخاطر الزلزالية في المغرب بين 1901 و2010.

وتورد الورقة أنه على الأرجح النشاط الزلزالي لشمال المغرب وجبل الأطلس يعكس في المقام الأول التشوه الناجم عن الاصطدام المستمرّ بين صفيحتي القارتين أفريقيا وأوروبا.

أظهرت العديد من الدراسات أن الصفيحة الأفريقية تقترب من الصفيحة الأوراسية بمعدل ثابت على خط طول تونس، وتنخفض بالقرب من مضيق جبل طارق مع اتجاه الغرب الغربي.

يحظى المغرب باهتمام جيولوجي كبير لأنّه يظهر سلسلة شبه كاملة من التضاريس تألفت من العصور القديمة. موقعها في شمال غرب أفريقيا، فهذا النشاط الزلزالي هو نتيجة لتاريخها الجيولوجي، حيث كانت على اتصال مع صفيحتين أميركا وأوراسيا، وبحرين الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط.

فالبنية الجيولوجية للمغرب معقدة وتتكون من فترات متناوبة من التشوهات التكتونية (الصخور التي تشكل القشرة الأرضية) التي شكلت المناطق المختلفة وولّدت أحزمة جبلية.

تنفصل هذه المجالات عن بعضها البعض بواسطة مجموعة من الصدوع التي كان نشاطها مهما عبر التاريخ الجيولوجي للمنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يشتمل كل مجال على تشوهات عادة ما تكون انزلاقية والتي ساهمت أيضا بحركتها في عدم استقرار التربة، حسب الورقة البحثية.

ويوضح الوضع الجغرافي للمغرب، عند الحدود بين الصفيحتين الأفريقية والأوراسية، أن النشاط الزلزالي في العديد من المناطق المغربية يحكمه بالدرجة الأولى تقارب هاتين الصفيحتين.

تم تحديد الحدود بين الصفيحتين على نطاق واسع بين جزر الأزور وغرب مضيق جبل طارق؛ وتقع فيها زلازل تزيد قوتها عن 6 درجات (على سبيل المثال زلزال لشبونة عام 1755. ولا يزال موقع مصدر زلزال 1755 غير مؤكد.

يُظهر هذا التوزيع للزلازل في المغرب مدى تعقيد حدود الصفائح في المنطقة. ويوصف النشاط الزلزالي للمغرب بالمقارنة مع بلدان البحر الأبيض المتوسط الأخرى (الجزائر وإيطاليا واليونان وتركيا وغيرها)، بالنشاط المعتدل الذي يرتبط إلى حد كبير بالتقارب بين أفريقيا وأوراسيا.

ومع ذلك، في كل عام هناك زلازل يشعر بها السكان وتسبب في بعض الحالات أضرارا محلية تكون كبيرة في بعض الأحيان. ولا يزال في الذاكرة زلزال أغادير الكارثي الذي خلف 12 ألف قتيل، وزلزال الحسيمة وضحاياه 629 شخصا.

تظهر مراجعة الوثائق التاريخية أن زلازل أكبر بكثير حدثت في الماضي في المغرب، وأن مدن مثل فاس ومكناس ومليلية وتلك الواقعة على طول ساحل المحيط الأطلسي بين طنجة وأغادير تعرضت لأضرار الزلازل مرات عدة، وفق الورقة البحثية.

تسببت العديد من الزلازل بالمغرب في سقوط آلاف الضحايا وأضرار جسيمة، لأسباب متعددة، منها المباني المتهالكة، والبناء في المناطق المعرضة للخطر، وعدم مطابقتها لمعايير البناء الحديثة، وغيرها العديد من الأسباب، حسب الورقة البحثية.

ومراجعة الخريطة الزلزالية المغربية والمناطق المجاورة بين 1901 و2010 تظهر أن النشاط الزلزالي يتركز في منطقة الريف، خصوصا في منطقة الحسيمة، في الأطلس المتوسط والعالي وفي الريف الغربي.

في مراكش انهارت بعض المنازل في المدينة القديمة المزدحمة ويعمل الناس جاهدين لرفع الأنقاض بأيديهم بينما ينتظرون وصول المعدات الثقيلة حسبما ذكر أحد السكان. وأظهرت لقطات لسور المدينة الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى شقوقا كبيرة في أحد أقسامه وسقوط أجزاء منه وتناثر الأنقاض في الشارع، حسب رويترز.

إبراهيم هيمي، من سكان مراكش، روى لرويترز أنه رأى سيارات إسعاف تخرج من البلدة القديمة وأن العديد من واجهات المباني تضررت. وأضاف أن الخوف يسيطر على الكثير من أولئك الذين ظلوا في الخارج تحسبا لوقوع زلزال آخر.