كيف يواجه نجوم التنس الضغوط النفسية والبدنية؟

حتى عام 2021 كانت قضية الضغوط النفسية والبدنية بعيدة عن دائرة الضوء، قبل أن تفجرها لاعبة التنس الألمانية ناومي أوساكا بقوة، عندما رفضت في صيف ذلك العام التحدث لوسائل الإعلام في المؤتمرات الصحافية، قبل أن تهددها رابطة التنس بالاستبعاد.

ولم تنتظر أوساكا كثيرا، إذ سرعان ما أعلنت انسحابها من البطولة، وأرجعت الأمر إلى معاناتها من الاكتئاب، الذي لازمها منذ تتويجها بلقب أميركا المفتوحة في 2018، واستمرارها بالفوز بـ 3 ألقاب كبيرة بعد ذلك في كل من أستراليا المفتوحة مرتين (2019 ـ 2021)، وأميركيا المفتوحة (2020).

وأخيرا، اعتبر نجم التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش أن العامل الذهني يأخذ حيزا كبيرا ومهما في تحضيراته، مشيرا إلى تأثيره الكبير على أدائه.

وقال الصربي في تصريحات: "فيما يتعلق بالعامل الذهني، أعترف بأن هناك الكثير من الضغوط التي اتعامل معها الآن، وهي أكبر بكثير ما كان الأمر عليه قبل 10 أعوام، لكن الحياة هكذا، يجب أن تتأقلم، وتوازن بين الجانب البدني والذهني في التدريبات".

على خلاف ديكوفيتش الذي بدا متزنا نوعا، اعترفت لاعبة التنس الروسية داريا كاساتكينا بصعوبات كبيرة تواجهها على الصعيدين النفسي والبدني، قبل أن تعصف بها من بطولة أميركا المفتوحة من الدور الرابع.

وأوضحت كاساتكينا في تصريحات: " نحن محطمون فعليا الآن.. محطمون تماما"، في إشارة إلى الضغوط النفسية والبدنية.

وأضافت: " في بطولات غراند سلام خصوصا.. يوجد دائما ضغوط، تشعر بها قبل أيام من البطولة، وفي كل جولة، والوضع باستمرار يسير من سيء إلى أسوأ".

واستطردت: "نعم هي جزء من اللعبة ومن عروضنا فيها، وجميع نجوم التنس هم في نفس المكانة منها".

في مايو 2022، كان الجميع في دورة روما للتنس ينتظر فوز البلاروسية أرينا سابالينكا باللقب، بسبب مستواها المتصاعد، لكنها خيبت الآمال، رغم الهالة التي صاحبتها منذ بداية البطولة.

وعانت البيلاروسية من إصابة أسفل الظهر في مباراتها بنصف نهائي البطولة أمام البولندية شفيونتيك، لتخسر بعدها المباراة وتودع البطولة.

بعد البطولة ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بالجدل حول الأسباب الحقيقة للإصابة المباغتة للاعبة، وهل هي بسبب أرضية ملاعب روما؟ أم من الضغوط البدنية والنفسية.

وبدورها، جذبت التساؤلات المستمرة من قبل جماهير السوشيال ميديا أسطورة التنس الأميركية السابقة كريس إيفرت، والتي أدلت برأيها في الأمر.

وقالت إيفرت المتوجة بـ18 لقبا في بطولات الغراند سلام إنها توافق تماما على الفرضية التي ترجع الإصابة إلى الضغوط الذهنية والبدنية، قبل أن تؤكد أن كل مباراة في التنس عبارة عن معركة ذهنية وبدنية للاعبين.

بدوره، قال قائد فريق الولايات المتحدة المشارك في كأس ديفيز لتنس المنتخبات بوب براين إنه بفعل الضغوط النفسية، يبدو الكثير من اللاعبين مرهقين للدرجة التي يفقدون فيها السيطرة، قبل أن يعرضهم ذلك للإصابات كما يؤثر بشكل مباشر في أدائهم.

تعود الضغوط البدنية إلى المشاركة الطويلة من قبل اللاعبين في البطولات، إذ يبدأ موسمهم في نهاية ديسمبر من كل عام وينتهي في نوفمبر، في وقت لا تتخطى فيه إجازتهم الشهر وأحيانا أقل من ذلك.

أما الإرهاق والضغوط الذهنية، فسببها التدريبات الشاقة، وكذلك الوحدة خلال تلك التدريبات، عكس الألعاب الجماعية، وهو ما يسبب احتراقا نفسيا مؤثرا.

وهنالك تأثيرات إعلامية، ومخاوف من الخسائر والتراجع في التصنيف، إذ يتحول كل ذلك لاحقا إلى ضغوط نفسية.

وهنالك قاسم مشترك في كلا المعاناتين (البدنية والذهنية)، وهو حاجة اللاعبين إلى التقدم باستمرار في البطولات من أجل حصد المزيد من المال لتغطية النفقات العالية، جراء السفر المستمر، وأماكن التدريب والجهاز التدريبي نفسه.

وبحسب أسوشيتد برس، لا يحظى نحوم التنس بأي رواتب، إذ يطاردون جوائز البطولات، وجذب الرعاة، وكلاهما يحتاج إلى المزيد من الجهد، ما يتسبب في الضغوط والمعاناة.

لجهة التأثير الكبير للضغوط النفسية، يلجأ عدد من لاعبي التنس إلى التعاقد مع استشاريين نفسيين بدوام كامل، يسافرون معهم في جميع رحلاتهم، من اجل مساعدتهم على تجاوز الضغوط.

والبعض الآخر، يقوم بترتيب جدول مشاركاته، وذلك بإسقاط بعض البطولات ذات نقاط التنصيف والجوائز القليلة من القائمة، حتى يحظى براحة من رهق المشاركات المستمرة.

أما النجوم الصغار في التنس، فيتركون الأمر برمته للظروف، إذ لن يقدروا على راتب الاختصاصي النفسي، ولن تكون هنالك ضمانات للفوز ببطولات محددة، بعد استبعاد أخرى.