ماذا يأكل نجمك المفضل في البريمييرليغ؟

مع استلام المدرب الفرنسي أرسين فينغر زمام الأمور الفنية في أرسنال الإنكليزي في 1996، كان أول قرار اتخذه، بحسب الغارديان، هو منع اللاعبين من تناول الشوكولاتة، وهو أمر اضطره إلى الدخول في مواجهة معهم، إذ استغل نجوم أرسنال، بحسب فينغر نفسه، سفره معهم في حافلة واحدة إلى مواجهة بلاكبيرن ليغنوا معا "نريد العودة لتناول شوكولاتتنا، شوكولاتة مارس".

رويدا رويدا، بدأ الجميع في إدراك أهمية استراتيجية فينغر تلك، والتي توصل إليها نتاج إطلاع عميق نظير إجادته لـ 5 لغات، هي الفرنسية، والألمانية، والإنكليزية، والإيطالية، والإسبانية، في وقت بدأ فيه في ذلك الوقت تعلم اللغة اليابانية، قبل أن يحصد أرسنال ثمار ذلك في مطلع القرن الحالي، متوجا بعدد من الألقاب، كان أبرزها لقب 2004، الذي حصده المدفعجية دون هزيمة.

وما أن أثمرت رقابة فينغر على نمط غذاء اللاعبين نتائجا داخل الملعب، حتى بدأت الأندية الإنكليزية في الاهتمام بذلك، ليجد البريطاني دون ماكلارين الذي يعتبر أو بروفيسور متخصص في غذاء الرياضيين، نفسه مطلوبا في عدة أندية من أجل تقديم استشارات تتعلق بالكيفية السليمة لإعداد وجبات لنجومها.

وتعاون ماكلارين مع أندية عدة في الفترة من 1990 وحتى 2015، وهي ليفربول وإيفرتون، ومانشستر سيتي وبولتون.

على غرار فينغر، شكل انضمام يورغن كلوب لتدريب ليفربول في 2015، طفرة جديدة في مجال الحمية الغذائية الصحية للاعبين، إذ كان أول قرارات المدرب الألماني الشغوف بدور العلم في كرة القدم، التعاقد مع خبيرة التغذية منى نمر.

كانت نمر تشغل رئيسة قسم التغذية في بايرن ميونيخ، وعملت مع المدرب الألماني بيب غوارديولا لمدة 3 أعوام، قبل انضمام الأخير إلى مانشستر سيتي.

عملت منى نمر على وضع خطة متكاملة لوجبات غذائية صحية، ولم تكتف بذلك في التدريبات أو مباريات الفريق في أنفيلد، بل كانت تعد وجبات يتم تناولها في الحافلة للمواجهات الداخلية وفي الطائرة في المواجهات الخارجية إلى جانب الفنادق.

ولمعرفتها برغبة البعض في الطهي بنفسه، أو الأكل في منزله، أخبرت منى نمر الجميع جهوزيتها منح اللاعبين نفسهم أو أقاربهم دروساً في طبخ الأكل الصحي، وقالت عن ذلك لصحيفة الغارديان "أعرف أن البعض يفضل الطهي لنفسه، والآخر الأكل في المنزل، لذا خصصت وقتا لتعليمهم جميعاً طبخ الوجبات الصحية، هذا أمر مهم للغاية، كما أننا أصدرنا كتاباً يشرح الوجبات التي نوصي بها".

اليوم، باتت جميع الفرق تتعاقد مع مسؤول تغذية بدوام كامل، بحسب مكلارين، كما باتوا يسافرون مع الفريق وأحيانا يسبقونه للأشراف على ترتيبات غذاء اللاعبين.

وبحسب ديلي ميل، فإن مدرب مانشستر يونايتد الحالي إيريك تين هاغ ظل منذ قدومه في الموسم الماضي يتشدد مع اللاعبين في الالتزام بقائمة الطعام الخاصة بالنادي، والتي يعدها مسؤول التغذية.

ويمنع المدرب اللاعبين منعا باتا من تناول الكحول خلال أسابيع المباريات، كما لا يسمح كذلك لهم بالأكل خارج النادي أو البيت، الذي يلتزم بالوصفة، كما أن لديه طريقته الخاصة في التحقق من ذلك.

عن مقارنة الوضع الحالي بالأيام الخالية في البريمييرليغ، يقول مكلارين "كانت هناك صالات طعام صغيرة لا توجد بها مساحة كافية للطهي، عادة ما تتواجد سيدة مع مساعدة، لكنها بدون خيارات كثيرة لما يمكنها طهيه، لقد كان الأمر أشبه بتنفيذ بروتوكول غير مفيد، وما أن تنتهى التدريبات والمباريات، حتى يتسابق نجوم الفريق نحو المطاعم القريبة لتناول وجباتهم".

وعن أهمية الالتزام بالحمية الغذائية وتأثيرها على أداء اللاعبين، يضيف مكلارين "نسبة تأثير التغذية على اللاعبين تصل إلى 10%، وقد تنعكس هذه النسبة إيجابا بحال أحسنت الاهتمام بها، وسلبا بنفس القدر بحال أهملتها".

هناك شبه اتفاق عام بين مسؤولي التغذية في أندية البريمييرليغ على نوعية الوجبات وعناصرها. توجد بالطبع بعض الاختلافات، التي تتعلق بالكمية، وحاجة كل لاعب منها، وأيضا توقيتها، إذ يحرص بعض المدربين في الدوري الإنكليزي على تناول لاعبيهم وجبتهم قبل بدء التدريب أو المباراة بساعتين، لضمان هضم سلس، يساعدهم في الركض دون إزعاج.

بالنسبة لوجبة الإفطار الشائعة في البريمييرليغ حاليا، والتي تسبق التدريب، يكون عادة بين العاشرة والـ11 صباحا، يختار اللاعب واحدا من بين هذه الاختيارات بجانب العصير، ونصف ليتر من المياه، والقهوة:

• حبوب الإفطار.

• عصيدة الشوفان.

• الزبادي أو البيض.

وجبة الغداء، وتتكون من:

الدجاج أو السمك، إضافة إلى كمية غنية بالكربوهيدرات بالنسبة للنباتيين مثل المعكرونة أو الأرز أو البطاطا وكذلك تشكيلة من الخضار الطازج.

وتتيح بعض الأندية كذلك شرائح لحم فيليه وسمك سلمون مع صوص ترياكي، حسب الطلب.

أما بالنسبة للعشاء، فهي واحدة من بين اختيارات وجبة الغداء، ويتناولها اللاعبون في منازلهم، مع إمكانية حذف أو إجراء تعديلات عليها، ولكن بعد استشارة مسؤول التغذية، كما توفر بعض الأندية خدمة توصيل الوجبات إلى منازل اللاعبين.

في أيام المباريات، عند وصول اللاعبين إلى غرفة تغيير الملابس قبل انطلاق المباراة، يوفر قسم التغذية وجبة خفيفة، تحتوي على قطعة موزة وكعكة الأرز، وقطعة حلوى، وعصير شمندر، إلى جانب رشفات من القهوة، ومشروبات الفاكهة المخلوطة.

أما بعد المباريات، وحيث يكون النجوم قد أحرقوا سعرات حرارية كبيرة نتيجة الجهد، فتسمح غالبية أطقم التغذية بطلبيات بيتزا بمواصفات خاصة، وعادة ما تحمل البيتزا رمزية احتفالية، ومكافأة للاعبين بعد تحقيق انتصار أو نتيجة مميزة.

وفي نوفمبر 2021 وبعدما سحق المنتخب الإنكليزي نظيره سان مارينو 10ـ صفر، أحضر مدرب المنتخب غاريث ساوثغيت جبلا من صناديق البيتزا في غرفة الملابس.

قبل ظهور الدوري السعودي كقوة عالمية، حيث يسيطر الآن على حديث الميركاتو العالمي، كان البريمييرليغ يقف وحيدا على قمة أعلى الرواتب.

وانطلاقا من هذه المداخيل الضخمة للاعبين، وشغفهم بحياة الرفاهية، وجد عدد من نجوم البريمييرليغ ضالتهم في الطباخ الشهير جوني مارش، صاحب الأطباق الصحية والفخمة.

وتعاقد كل من نجمي مانشستر سيتي الحالي كيفين دي بروين، والسابق إلكاي غوندوغان، ونجم مانشستر يونايتد الحالي لوك شو، والسابقين بول بوغبا وفيل جونز مع الطباخ مارش، والذي يعرف بأنه تتلمذ على يد الطباخ الأكثر شهرة رايموند بلان، قبل أن يتحول الأخير للطبخ للمليونيرات فقط، بحسب الغارديان.

ويعد دي بروين أحد أبرز المساهمين في تقديم الشيف جوني مارش للشهرة، إذ اكتشفه عندما تعاقد مع نادي مانشستر سيتي قبل عامين لإعداد وجبة الكريسماس لدي بروين، وكان أن قدم له وجبة معكرونة الكاربونارا الإيطالية الشهيرة.

من هذا الوقت، بات الشيف مطلوباً بشدة من قبل اللاعبين، وذلك لسببين، الأول مذاق طعامه، والثاني تقيده بالسعرات الحرارية، والتوصيات التي يمنحها خبراء التغذية في الأندية، حيث يعمل بتنسيق معهم.

وفي فبراير 2020، كتب الطباخ جوني مارش مقالاً مطولاً في صحيفة ميرور، قال فيه إن المحتويات الصحية التي يحضر بها وجبة دي بروين هي سبب تألق النجم البلجيكي مع سيتي حالياً، وأيضاً ابتعاده عن الإصابات طوال الموسم المنقضي، حتى قبيل نهايته بشوط واحد. ورأى أن الأمر يتم بتنسيق تام مع رئيس قسم التغذية في السيتي توم بارتي.

وفي 2018، استضاف نجم مانشستر يونايتد السابق غاري نيفيل الطباخ جوني مارش، وحدثه عن عدة طبخات يجريها لكيفين دي بروين، قبل أن يطلب منه، مازحا، أن يقوم في الموسم الجديد بطبخ أشياء مختلفة حتى تؤثر على مستواه العالي، وتسمح ليونايتد بالفوز على السيتي.

رأى خبير التغذية في نادي ليستر سيتي الهابط من البريمييرليغ حديثا، وأيضاً في عدد من أندية الكريكيت في إنجلترا كريس روزميس، أن أبرز مظاهر التطور في الحميات الغذائية في الكرة الإنجليزية، هو ليس إعداد وجبات صحية للجميع، وإنما التوغل أكثر في التخصص، مثل إعداد وجبات لكل مركز بعينه.

وتابع روزميس في تصريحات للغارديان "الوجبات تخصص لكل لاعب حسب مركزه، على سبيل المثال يتم تكثيف عناصر الطاقة في وجبات اللاعبين الذين يغطون مساحات أكبر في الملعب، مثل الأظهرة ولاعبي الوسط الدفاعي، في حين تقل العناصر المليئة بالطاقة للاعبي متوسط الدفاع والحراس، والذين غالباً ما تركز وجباتهم على السعرات الحرارية".

وأضاف "في ظل ارتفاع حدّة الدوري الإنكليزي، فإن غالبية اللاعبين يتناولون 5 وجبات في اليوم، تبدأ بالإفطار ثم التدريب الصباحي، وبعده وجبة الغداء، ومن ثم وجبة خفيفة في المساء، وبعده وجبة العشاء الرئيسية، وختاماً وجبة خفيفة، فاكهة أو مشروب صحي، قبل الخلود للنوم".