حقيقة اكتشاف "ظواهر من خارج كوكبنا"

في يوليو 2021 تأسس مشروع غاليليو، بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، بهدف البحث عن إجابات للظواهر الجوية المجهولة، وإذا ما كانت تعود لحضارات غير أرضية أو لا، مع مجموعة متميزة من العلماء والباحثين، بتكلفة 1.75 مليون دولار.

يستخدم المشروع شبكة من التلسكوبات الأرضية، للبحث عن أجسام بين النجوم تنتمي إلى أصل من خارج الأرض، ومتابعة أي جسم غريب قد تكون سفناً فضائية محتملة في مدار الأرض، فضلاً عن مركبات طائرة مجهولة الهوية في غلافنا الجوي.

المشروع البحثي الرائد تأسس تحت إشراف البروفيسور آفي لوب، مستشار الرئيس الأميركي السابق للعلوم والتكنولوجيا، الرئيس الأسبق لقسم علم الفلك بجامعة هارفارد (2011-2020)، الذي قال لموقع بلينكس: "نستهدف البحث العميق والتحقيق في الظواهر الشاذة غير المحددة Unidentified Aerial Phenomena (UAPs) التي من المحتمل أن تكون لأصول من خارج كوكب الأرض".

وأضاف مدير مشروع غاليليو: "التحقيق الذي نجريه يشمل تسجيل شهادات شهود العيان، بالإضافة إلى الدراسة المنهجية للسماء للتعرف على خلفية الأشياء المألوفة، بما في ذلك الأشياء الطبيعية مثل الطيور، والأشياء التي يصنعها الإنسان مثل الطائرات من دون طيار أو الطائرات أو البالونات".

وتابع: "نفرز من خلال أدوات إلكترونية شديدة التعقيد كل المشاهدات، ونبحث عن الأجسام الشاذّة النادرة التي لا تنتمي إلى فئات الأجسام الأرضية المعروفة".

ونبّه إلى أن المشروع يبحث عن الأشياء المادية، وليس الإشارات الكهرومغناطيسية المرتبطة بالمعدات التكنولوجية خارج كوكب الأرض.

كما كشف كذلك عن بناء مرصد جديد في جامعة هارفارد، لمراقبة السماء بشكل مستمر في نطاقات الأشعة تحت الحمراء والمرئية والراديو والصوت، قائلاً: "على مدى الشهرين الماضيين حددنا أكثر من 100 ألف جسم وظاهرة، ولكن حتى الآن لم يتم العثور على أي حالات يمكن أن تكون راجعة إلى أصل غير أرضي".

وتابع: "نحن بصدد تجميع مرصد ثانٍ في كولورادو، ونأمل أن نحصل على المزيد من الرصد في مواقع إضافية خلال العام الجاري".

لوب كشف عن قيادة مشروع غاليليو رحلة استكشافية إلى المحيط الهادئ، إذ أبحرت السفينة "سيلفر ستار" في 27 يونيو 2023، بحثاً عن مواد أول نيزك من بين النجوم، قائلاً: "أكملنا التحليل الأولي للمواد التي تم العثور عليها في أعماق المحيط الهادئ، وأظهر عناصر على طول مسار النيزك ذات تركيبة فريدة، ربما يكون من خارج النظام الشمسي".

وترجع أحداث هذه الواقعة إلى 8 يناير 2014، إذ كشفت أجهزة استشعار الأقمار الصناعية التابعة للحكومة الأميركية عن 3 انفجارات جوية في تتابع سريع على بعد نحو 84 كيلومتراً شمال جزيرة مانوس، خارج المياه الإقليمية لبابوا غينيا الجديدة.

وبينما أكدت الشواهد الأولية أن تلك الانفجارات راجعة إلى نيزك من خارج المجموعة الشمسية، إذ وصل الجسم الغريب إلى الأرض بسرعة تزيد على 45 كيلومتراً في الثانية، وهو ما استدعى في 1 مارس 2022، إصدار قيادة الفضاء الأميركية خطاباً رسمياً إلى ناسا يشهد باحتمال بنسبة 99.999% أن يكون الجسم من أصل بين النجوم.

وتابع لوب، وفقاً لكل ما تم رصده عن النيازك، فإن الجسم الغريب أقوى بكثير من أي من الأجسام الـ272 الأخرى الموجودة في كتالوج CNEOS للنيازك التي جمعتها وكالة ناسا، وهو مختلف عن النيازك الحديدية التي تأتي إلى الأرض من داخل النظام الشمسي.

بسؤال عالم الفلك الأميركي مؤلف كتاب "خارج الأرض: العلامة الأولى للحياة الذكية خارج الأرض"، عن الأجسام الجوية المجهولة التي يجري رصدها بين الحين والآخر، ولا يوجد تفسير محدد بشأنها، قال البروفيسور لوب: "هناك تفسيران محتملان لتلك الأجسام الجوية المجهولة، إما أنها من صنع البشر، وإما من صنع حضارات خارج كوكب الأرض".

وأوضح "لقد أنشأت البشرية أول مفاعل نووي منذ 80 عاماً، ومع ذلك لم يكن هناك دليل في ذلك الوقت على أن أول مفاعل أرضي جذب انتباه حضارات خارج الأرض، لأن الطبيعة تصنع أيضاً مفاعلات نووية بمقاييس أكبر بكثير على شكل النجوم والشموس، وبالتالي لم يكن لإنجاز البشر أي صدى في الكون على ما يبدو".

وتابع: "الأمر الذي ربما قد يكون شكّل فارقاً كبيراً وجذب إلينا الأنظار في محيطنا الكوني هو إنشاء نظم للذكاء الاصطناعي، الذي تزامن مع اتساع انتشار الظواهر الجوية المجهولة خلال الآونة الأخيرة".

ورجّح الأستاذ بجامعة هارفارد أن "تكون بعض تلك الأجسام الجوية المجهولة راجعة بصفة أو بأخرى إلى ذكاء اصطناعي من خارج الأرض"، متوقعا: "يمكن في مرحلة ما أن تنجح النظم الأرضية للذكاء الصناعي في التعرف على تلك النظم الأخرى (غير الأرضية)، في حين يكتفي المجتمع العلمي بالمشاهدة فقط"، لكنه عاد وأكد أن "هذه الفرضية ليست لها أدلة تدعمها حتى اللحظة".

وتابع لوب أن "معظم النجوم في الكون تشكلت قبل ظهور الشمس ببلايين السنين، وقد يستغرق الأمر أقل من مليار سنة للوصول بالصواريخ الكيميائية التي ننتجها الآن لاجتياز مجرة درب التبانة التي نعيش فيها فحسب".

وأشار إلى أن "السؤال الأساسي هنا حول تلك الأجسام المجهولة هو إذا كانت معدات أو أجهزة تزورنا من خارج الأرض في إطار البحث عن البيانات وجمعها".

لكنه شدد في النهاية، على أن الوقت وحده كفيل بحل تلك المعضلات المرتبطة بالأجسام الجوية المجهولة التي تزورنا من بين الحين والآخر، كاشفاً عن أنه يعكف مع مجموعة من العلماء على بعض الأوراق العلمية حول تلك الظواهر التي ستقدم للنشر في الأوساط العلمية، بهدف مراجعتها في المجتمع العلمي خلال الأشهر القليلة المقبلة.