المتحف المصري الكبير.. رمسيس يحتفل و"توت" ينتظر

مع صباح الأربعاء 16 أكتوبر، بات من حق المصريين والسياح دخول قاعات عرض المتحف المصري الكبير للمرة الأولى، مع بداية الافتتاح التجريبي الذي يشمل دخول قاعات عرض رئيسية ومناطق متعددة مفتوحة.

وقال عيسي زيدان، مدير عام الترميم ونقل الآثار بالمتحف المصري الكبير، في حديث لقناة القاهرة الإخبارية، إن الافتتاح الجزئي سيشهد دخول الجمهور للمرة الأولى لبعض القاعات الرئيسية في:

• عصر ما قبل الأسرات.
• الدولة القديمة والوسطى والحديثة.
• قاعات العصور اليونانية والرومانية والعصور المتأخرة.

وأشار عيسى إلى أن المتحف سيكون صرحا ثقافيا حضاريا تقدمه مصر للعالم، مضيفا: "التشغيل التجريبي هدفه الوقوف على المعوقات والسلبيات قبل أن تصدر القيادة السياسية قرارها بالافتتاح الرسمي، لنقدم خدمة سياحية استثنائية في المتحف".

وأشار زيدان إلى أن الافتتاح التجريبي سيشهد تمتع الجمهور بخدمات متحفية للمرة الأولى في مصر، مثل:

1. شاشات العرض داخل القاعات الرئيسية.
2. بطاقات التعريف بكل قطعة بأعلى مستوى تكنولوجي في العالم.
3. معلومات تعرض بطرق تفاعلية.

وشهد المتحف المصري على مدار سنوات، نقل آلاف القطع الأثرية من كل محافظات مصر، بداية من الإسكندرية في الشمال، وحتى أسوان في أقصى الجنوب، ليقدم تجربة استثنائية شاملة عن الحضارة المصرية القديمة "الفرعونية".

وعن صعوبات نقل القطع قبل الافتتاح التجريبي، يحكي عيسى "نقلنا بعض القطع بوزن 40 طنا، وواجهنا تحذيرات عالمية في نقل بعض القطع الذهبية الخاصة بالملك توت عنخ آمون من متحف التحرير بوسط القاهرة إلى المتحف الكبير، وكذلك بعض الآثار من منطقة الأهرامات، لكننا نجحنا في عملية النقل بفضل الفكر المصري المتميز".

وأعلن المتحف عن قائمة أسعار تذاكر الدخول خلال مرحلة التشغيل التجريبي والتي تتراوح بين 100 إلى 200 جنيه للمصريين (من 2.06 إلى 4.12 دولارات أميركية)، وبين 500 جنيها إلى ألف جنيها للزائر الأجنبي (من 10.3 إلى 20.6 دولارا أميركيا).

ووضعت وزارة السياحة أسعارا خاصة للجمهور العربي بشكل عام، والأجانب المقيمين في مصر، بنصف قيمة التذاكر للسياح والزائرين الأجانب، لتشجيع السياحة العربية والداخلية للأجانب.

ويستقبل المتحف المصري زواره طيلة أيام الأسبوع.

طُرحت فكرة إنشاء المتحف المصري الكبير منذ تسعينيات القرن الماضي، ووضع حجر الأساس للمرة الأولى في عام 2002، واختير له موقع مميز يطل على أهرامات الجيزة الثلاثة.

واعتبرت مصر مهمة إنشاء متحفها الكبير مشروعا قوميا على مدار السنوات الماضية، لتعلن بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو" والاتحاد الدولي للمهندسين المعماريين مسابقة دولية لأفضل تصميم للمتحف.

وفاز التصميم الحالي المقدم من شركة هينغهان بنغ للمهندسين المعمارين في أيرلندا، ليُعتمد بشكل رسمي، وتتلخص فكرته في التقاء أشعة الشمس الممتدة من قمم الأهرامات الـ3 عند مبنى المتحف المصري الذي يمثل كتلة مخروطية في تصميمه.

وانطلق البناء في شهر مايو عام 2005، وبدأ تمهيد الموقع وتجهيزه للعمل. وبعد عام واحد، أنشئ أكبر مركز لترميم الآثار بالشرق الأوسط، وتم تخصيصه لترميم وحفظ وصيانة وتأهيل القطع الأثرية المقرر عرضها بقاعات المتحف.

واكتمل تشييد المبنى عام 2021، بعد أن توقف العمل به أكثر من مرة بسبب الأحداث التي مرت بها مصر بعد 25 يناير 2011 وحتى استقرار الأوضاع وإعادة العمل التنموي من جديد.

ويضم المتحف الذي تبلغ مساحته أكثر من 300 ألف متر مربع، ما يزيد عن 24 ألف قطعة أثرية تروي تاريخ مصر منذ 700 ألف عام، كما يحتوي على أماكن عرض سينمائية ومناطق تجارية ضخمة، حيث أنشئ ليكون صرحا حضاريا وثقافيا وترفيهيا عالميا متكاملا.

ويضم المتحف أنشطة ثقافية وفعاليات هي الأولى من نوعها، مثل متحف الأطفال والمركز التعليمي وقاعات العرض المؤقتة والسينما ومركز المؤتمرات ومنطقة خاصة للمطاعم والمقاهي والمتنزهات.

ويعتبر المتحف المصري الكبير أكبر متحف في العالم يحتوي على آثار حضارة واحدة فقط، وفقا لوزارة السياحة والآثار المصرية، إذ لن يعرض المتحف أي آثار لا تخص الحضارة المصرية القديمة.

اكتشفت أهم مقبرة فرعونية في التاريخ عام 1922 على يد البريطاني هوارد كارتر ومعاونيه من البريطانيين والمصريين، حيث كان يرقد الملك المصري توت عنخ آمون، بين مقتنياته النادرة، بعد أن تسببت تقلبات المناخ في إخفاء المقبرة بالكامل، ما جعلها بعيدة عن أعين اللصوص.

وتعرضت أغلب مقابر ملوك مصر القديمة المكتشفة للسرقة على مر السنين، ليتم اكتشاف القليل من محتوياتها، لكن توت عنخ آمون كان محظوظا بعد أن طمر التراب مقبرته لتصبح بعيدة عن الأنظار حتى اكتشافها قبل أكثر من 100 عام.

ويُعد قناع توت عنخ آمون الذهبي أحد أهم قطع الآثار المصرية على الإطلاق، وكان يُعرض في المتحف المصري بالتحرير، وظهرت الكثير من الشائعات حوله، وأهمها محاولة سرقته خلال أحداث 25 يناير 2011 التي كانت تدور في محيط تخزينه.

وقررت وزارة السياحة والآثار نقل مقتنيات توت عنخ آمون وقناعه وتابوته الذهبيين إلى المتحف الكبير، مع آلاف القطع الأخرى التي تتعلق به.

وسيشهد المتحف الكبير عرض كل كنوز الملك توت عنخ آمون للمرة الأولى في التاريخ، والتي تزيد عن 5 آلاف و300 قطعة أثرية مميزة، بعضها سيُعرض للمرة الأولى.

ولن تكون مقتنيات توت عنخ آمون مُتاحة للجمهور خلال فترة الافتتاح التجريبي، إذ سينتظر "الملك الشاب" الافتتاح الرسمي للكشف عن بهائه النادر من جديد لزواره.

أعلنت محافظة الجيزة في شهر مارس، بدء حملة تطوير الطرق والمحاور المؤدية إلى المتحف المصري الكبير، استعدادا للافتتاح المرتقب، وحتى يصبح الوصول سهلا إلى الصرح المصري الجديد.

وقامت محافظة الجيزة بتجميل كل المباني المُطلة على الطريق الدائري ووضع لافتات ضخمة عليها معلومات عن مصر القديمة، وبعض القطع الأثرية الشهيرة المقرر عرضها بالمتحف المصري الكبير.

ووضعت محافظة الجيزة "QR code" أسفل كل لافتة على الطريق الدائري، وعند توجيه كاميرا الهاتف الذكي إليها، تفتح صفحة معلومات عن الملك أو الرمز المصري القديم، لتعريف الجمهور به عن قرب، وبأكثر من لغة، في محاكاة لإحدى طرق العرض في المتحف الكبير.

وتشهد المنطقة المحيطة بالمتحف الكبير حاليا في الجيزة الكثير من الإنشاءات لتجميل الطريق، والانتهاء من التوسعة المرورية التي بدأ العمل بها منذ أشهر للاستعداد للافتتاح.

وأشار رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي إلى أهمية إقامة فنادق عالمية حول منطقة المتحف الكبير، التي تشهد بالفعل عدة فنادق يقيم بها زوار أهرامات الجيزة التي تقع على بُعد أمتار من المتحف.

وتعمل مصر في الوقت ذاته على تطوير مطار "سفنكس" ليكون أقصر طريق للزائرين الأجانب، حيث يمكن الذهاب منه إلى المتحف الكبير ومنطقة الأهرامات في أقل من 30 دقيقة.