علوم

"قلة النوم" لها فوائد أيضا.. تعرف عليها

نشر
Heba Alhamarna
&
ينصح أغلب العلماء بالنوم ما بين 7 إلى 9 ساعات ليلا من أجل استعادة النشاط والحفاظ على الصحة، ويسود اعتقاد، كما لو كان قانونا لا يقبل النفي، أن النوم لفترة أقل تترتب عليه مشكلات صحية على المدى القصير والطويل وأعراض مثل ضعف الذاكرة والخرف وأمراض القلب، ولكن في السنوات الأخيرة، توصل العلماء إلى وجود "فصيلة" من البشر لا تحتاج للنوم لفترات طويلة، ولا تتأثر صحتها بقلة ساعات النوم.

4 ساعات تكفي

يقول العلماء إن هذه الفئة من البشر مجهزون جينيا للنوم من 4 إلى 6 ساعات فقط ليلا دون أن يؤثر ذلك على صحتهم أو يترك لديهم شعورا بالإرهاق في اليوم التالي، وتتوقف المسألة لدى هذه المجموعة على جودة النوم وليس طول ساعاته.
ويأمل الباحثون إلى معرفة الأسباب التي تجعل هؤلاء الأشخاص أقل احتياجا للنوم مقارنة بغيرهم، حتى يستطيعون فهم طبيعة النوم لدى الإنسان بشكل أفضل.
ويقول الباحث لويس بتسيك، أخصائي طب الأعصاب بجامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو: "حقيقة الأمر أننا لا نفهم ماهية النوم ناهيك عن أسباب الاحتياج إليه، وهي مسألة مثيرة للدهشة لا سيما وأن البشر ينامون في المعتاد ثلث أعمارهم".
وكان العلماء في الماضي يعتقدون أن النوم هو أكثر من مجرد فترة للراحة وكانوا يصفونه بأنه مرحلة لخفض طاقة الجسم استعدادا لاستعادة النشاط مجددا في اليوم التالي.

النوم "إهدار للوقت"

كان العالم توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي يصف النوم بأنه "إهدار للوقت" بل و"إرث من زمن رجل الكهف"، وكان يزعم أنه لا ينام أكثر من 4 ساعات ليلا، ولكن العلماء في العصر الحديث وصفوا النوم بأنه عملية "نشطة ومركبة" يتم خلالها:
  • تعبئة مخازن الطاقة في الجسم.
  • التخلص من السموم.
  • تجديد الروابط العصبية.
  • تثبيت الذكريات.
وأن الحرمان من النوم تترتب عليه مشاكل صحية جسيمة.
وترتبط معرفة البشر بالنوم بشكل أساسي بنموذج علمي طرحه الباحث المجري السويدي، ألكسندر بوربيلي، في سبعينيات القرن الماضي، حيث قال إن النوم يقترن بعمليتين منفصلتين وهما:
  • الإيقاع اليوماوي، ويقصد به الساعة البيولوجية للجسم: يرتبط بتغيرات الضوء في البيئة وأوقات الليل والنهار.
  • التوازن بين النوم والاستيقاظ Sleep Homeostasis، وهي التفاعلات الجسمانية التي تتحكم في توقيت وطول ساعات النوم: يرتبط بضغوط جسمانية داخلية تتزايد أثناء الاستيقاظ وتنخفض أثناء النوم.
ويؤكد الباحث لويس بتسيك في تصريحات للموقع الإلكتروني Knowable Magazine المتخصص في الأبحاث الطبية: "كنا نعرف دائما أن البشر ينقسمون ما بين عصافير صباحية وبوم ليلي، وأن الغالبية العظمى تقع في منطقة متوسط ما بين الشريحتين".
وأضاف أن الفئة التي لا تحتاج للنوم لفترات طويلة كانت دائما موجودة، "ولكنهم غير ملحوظين لأنهم عادة لا يذهبون للطبيب".

لعنة قلة النوم

اكتشف العلماء "شريحة البشر الذين لا يحتاجون للنوم لفترات طويلة"، عندما توجهت امرأة مسنة للطبيب بتسيك وزميله ينج هيو فو أخصائي علوم الوراثة وهي تشكو من إصابتها بما وصفته بـ"لعنة" قلة النوم.
وكانت تستيقظ في ساعات مبكرة للغاية وتعاني على حد وصفها من "برودة الجو والظلام والوحدة"، وأوضحت أن حفيدتها ورثت عنها نفس عادات النوم لساعات محدودة.

عدد ساعات النوم متربط بطفرة جينية

يقول الباحث ينج هيو فو إنه تم اكتشاف طفرة جينية معينة لدى هذه المرأة، وبمجرد نشر نتائج البحث، بدأ الآلاف من هذه الشريحة التي تستيقظ مبكرا للغاية يكشفون عن أنفسهم. وربط الباحثان بتسيك وينج هيو فو، هذه الظاهرة باسم طفرة في أحد الجينات، يعرف باسم DEC 2.

كيف تم دراسة هذه الطفرة؟

عن طريق تقنيات الهندسة الوراثية، قام الباحثان بإحداث تعديلات في نفس الجين لدى الفئران، وترتب على ذلك أن تلك الفئران أصبحت هي الأخرى أقل احتياجا للنوم مقارنة بأقرانها.
وتبين للباحثين أن إحدى وظائف هذا الجين هي التحكم في مستويات أحد الهرمونات التي تفرز في المخ ويعرف باسم "أوريكسين"، ويتمثل دور هذا الجين في تنشيط اليقظة.
ونقصه يؤدي إلى حالة مرضية تعرف باسم Narcolepsy، أي "التغفيق"، وهي اضطراب في النوم يؤدي إلى الشعور بالنعاس الشديد أثناء النهار.
وكشفت التحليلات أن الأشخاص الذين لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة تتزايد لديهم معدلات إفراز هرمون "أوريكسين".
ومع استمرار التجارب، اكتشف الفريق البحثي 7 جينات مختلفة ترتبط بقلة ساعات النوم، وركز الباحثون على جين معين يطلق عليه اسم ADRB 1، وهو ينشط في جذع المخ وتتمثل وظيفته في ضبط عملية النوم.
وعندما استطاع الباحثون عبر تقنية خاصة تنشيط هذه المنطقة من المخ التي تسمى Dorsal Pons، اتضح أن الفئران التي لديها طفرة في هذا الجين كانت تستيقظ بشكل أسهل وتظل مستيقظة لفترات أطول.
ووجد الباحثون أيضا أن حدوث طفرة في الجين المعروف باسم NPSR 1 يؤدي إلى قلة ساعات النوم دون أي مشكلات في الذاكرة بعكس ما قد يحدث مع غالبية البشر في حالة انخفاض عدد ساعات النوم التي يحصلون عليها.
أثبتت الاختبارات على فئران التجارب، أن هذه الشريحة من البشر تتميز بأنهم:
  • محصنون ضد الأمراض التي تحدث بسبب قلة النوم.
  • حالتهم الصحية تكون جيدة بشكل استثنائي.
  • يتميزون بالطموح والتفاؤل والطاقة.
  • يكتسبون مرونة نفسية لمقاومة التوتر وقدرة عالية لتحمل الألم.
  • ربما تكون أعمارهم أطول مقارنة بغيرهم.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة