الفطريات.. حل لإنقاذ النباتات المهددة بالانقراض
تنشأ شراكة تعود إلى أكثر من 500 مليون عام بين نوع من الفطريات و90% من النباتات التي تعيش على كوكب الأرض. في هذه العلاقة التكافلية، تنمو الفطريات المعروفة باسم "المتعايشات الفطرية الجذرية" (Mycorrhizal Fungi) داخل جذور النباتات، وتساعدها في امتصاص الماء والمغذيات ومقاومة الآفات مقابل الحصول على الغذاء. ويصفها بعض العلماء بأنها "فريق عمل تحت الأرض" يشبه دور "الميكروبيوم" في جسم الإنسان.
استخدام الفطريات لإنقاذ النباتات
يسعى باحثون في علم النبات إلى الاستفادة من هذه الفطريات كوسيلة طبيعية لإنقاذ النباتات المهددة بالانقراض. ويقول جيم بيفر، المتخصص في علوم البيئة بجامعة كانساس الأميركية: "إذا ما تم تلقيح النباتات بهذه الفطريات بالطريقة الصحيحة، فقد يساعد ذلك في إعادة إحياء الأنواع النباتية والأنظمة البيئية دون الحاجة إلى الأسمدة أو المبيدات".
من جهتها، تؤكد الباحثة أدريانا كوراليس، المتخصصة في علوم الفطريات بجامعة روساري في كولومبيا، أنه لا يمكن النظر للنباتات فوق الأرض فقط دون الانتباه إلى التفاعلات التي تحدث تحت التربة. وتضيف: "في البيئات الطبيعية، تجد النباتات والفطريات بعضها البعض تلقائيا، لكن في البيئات المتدهورة، يحتاج الباحثون إلى لعب دور الوسيط بينهما".
نجاحات في استعادة الأنظمة البيئية
بدأ بيفر جهوده في عام 1998، عندما قاد فريقا بحثيا لإنقاذ المروج عبر نثر الفطريات في التربة التي تحتوي على بذور الحشائش الطويلة، مما أدى إلى مضاعفة الغطاء النباتي. على مدى السنوات التالية، توسعت التجربة لتشمل مناطق أوسع في الغرب الأوسط الأميركي.
كما نجح فريقه في زراعة 60 نوعا من الفطريات الجذرية وإعداد تركيبات مختلفة تناسب أنواعا متعددة من النباتات، مما أتاحها للمزارعين والشركات البيئية المهتمة بإنقاذ الأنواع المهددة.
تطبيقات عالمية لإنقاذ الغابات
تم توظيف هذه الفطريات لإنقاذ أشجار البلوط الأسود في كولومبيا، التي تراجعت أعدادها بسبب قطع الأشجار والتوسع الزراعي. كذلك، ساعدت في حماية أشجار الجاردينيا في هاواي، حيث تعرضت المناطق الخضراء هناك لمخاطر مثل حرائق الغابات والتغير المناخي.
توضح نيكول هينسون، خبيرة الفطريات في جامعة هاواي، أن بعض أنواع الجاردينيا العطرة، مثل Gardinia Brighamii، كادت أن تنقرض ولم يتبقَّ منها في البرية سوى 10 شجرات. وتضيف: "برغم كل الجهود السابقة، تبين أن جرعة من الفطريات الجذرية كانت الحل المفقود".
تحديات وتداعيات غير متوقعة
رغم الفوائد البيئية لهذه الفطريات، يشير العلماء إلى ضرورة توخي الحذر عند إدخالها في أنظمة بيئية جديدة. فقد أدى استخدامها إلى انتشار أنواع دخيلة من الصنوبر في أميركا الجنوبية وأستراليا الآسيوية، مما زاد من حرائق الغابات وأضرّ بالتنوع البيولوجي.
في جزر جالاباجوس، ساهمت هذه الفطريات في تعزيز نمو المحاصيل الزراعية على حساب النباتات الأصلية، ما غيّر طبيعة التربة هناك.
تؤكد جيسيكا دوشيسيلا، الباحثة في جامعة القوات المسلحة بالإكوادور، أن نجاح تلقيح النباتات يعتمد على دراسة البيئة الفطرية في المنطقة المستهدفة. تقول: "لا تلقيح بدون علم مسبق بخصائص التربة والبيئة".