علوم

الكويكب 2024 YR4.. تهديد محتمل في 2032؟

نشر
blinx
"إشعار محتمل بتأثير كويكب على الأرض"... كان هذا عنوان لرسالة إلكترونية وصلت إلى قيادة الفضاء الأميركية. لم يكن مصدرها رادارات الإنذار المبكر ولا أجهزة الاستشعار الفضائية التابعة للجيش، بل جاء التحذير من مكتب صغير تابع للأمم المتحدة في فيينا يُعرف باسم "مكتب شؤون الفضاء الخارجي".
وقد تلقى أحد المشغلين في قاعدة سلاح الفضاء بجبال روكي قرب كولورادو سبرينغز، الرسالة التي تفيد بأنّ الكويكب 2024 YR4 قد يصطدم بالأرض بنسبة 1%.
خيم شعور بالذعر في القاعدة، بحسب ما أفاد به مسؤول سابق في سلاح الفضاء. للمرة الأولى، تم تفعيل نظام الإنذار الكوكبي للدفاع عن الأرض من الأجرام السماوية. قال المشغل لزميله وهو يحدّق في الشاشة: "نحن نتعرّض لهجوم من كويكب!".

الجرم 2024 YR4.. سمكة في الفضاء

كان الجرم المشار إليه في الرسالة يُدعى 2024 YR4 ، وهو اسم يمنحه له الاتحاد الفلكي الدولي نسبةً لتاريخ اكتشافه في نهاية عام 2024.
في تلك اللحظة، كان الكويكب يبعد حوالي 830,000 كيلومتر عن الأرض، ويدور حول الشمس بسرعة 13 كلم في الثانية. يتراوح قطره بين 40 و90 متراً، وكان يدور حول محوره مرة كل 19 دقيقة، ويتخذ شكلاً مستطيلاً قليلاً أقرب إلى رأس سمكة، وفقا لصحيفة فاينانشال تايمز.
في أنحاء العالم، ركّز أكثر من 60 مرصداً فلكياً أنظاره على 2024 YR4 بما في ذلك تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي الذي زوّد العلماء بصور حرارية دقيقة.
ومع تزايد كمية البيانات التي توفرها التليسكوبات، لاحظ العلماء أن احتمال الاصطدام في ارتفاع، حتى بلغ 1٪ بنهاية يناير، وهو الحدّ الذي يستوجب إشعار الأمم المتحدة. وبعدها بأسابيع، وصل الخطر إلى 3٪، ما جعل هذا الكويكب أكثر الأجرام السماوية قرباً من الأرض خطورة في التاريخ الحديث.
وبالرغم من هذه التحذيرات، تقدّر وكالة الفضاء الأوروبية أنّ احتمال اصطدام الكويكب بالأرض يبلغ 1.2%. وتتوافق هذه النتيجة مع تقديرات مستقلة أجراها مركز دراسات الأجرام القريبة من الأرض التابع لوكالة ناسا.

متى وأين قد يحدث الاصطدام؟

حدّد العلماء المسار المحتمل للكويكب في حال اصطدامه يوم 22 ديسمبر 2032، عبر ممر واسع يمتد من المحيط الهادئ الشرقي، مروراً بأمريكا الجنوبية والأطلسي، ووصولاً إلى نيجيريا، والقرن الأفريقي، وشبه الجزيرة العربية، حتى الهند وبنغلاديش.
إذا ما اصطدم بالأرض، فإنه قد يُطلق طاقة تعادل 7.7 ميغا طن من مادة الـ TNT، وهي قوة كافية لتدمير مدينة بأكملها، وفقا لمجلة نيو ساينتيست.

لماذا يجب مراقبة حركة الكويكبات؟

يعد رصد الكويكبات القريبة من الأرض مهمة ليست بالسهلة، فهي تظهر صغيرة وخافتة من الأرض، ومداراتها متقلبة بفعل قوى الجذب الكونية والإشعاع الشمسي.
وقد لا يلاحظها أحد حتى فوات الأوان، مثلما حدث عام 2013 حين انفجر كويكب غير مكتشف فوق تشيليابينسك الروسية، مسبّباً إصابات لآلاف الأشخاص.
ومع تزايد أعداد "الصخور الطائرة" المكتشفة، لا يزال أكثر من 93٪ من الكويكبات الصغيرة المهدِّدة للمدن غير مكتشفة. ورغم أن الكويكبات التي يزيد قطرها عن كيلومتر والتي يمكنها محو الحضارات قد تم رصد 95٪ منها، فإن كويكبات بحجم 50 متراً، القادرة على تدمير مدينة بأكملها، ما زالت مجهولة إلى حد كبير، وفقا لوكالة ناسا.

كيف تستجيب الحكومات لمثل هذا التهديد؟

حتى وقت قريب، لم تكن الحكومات تأخذ التهديد الكويكبي على محمل الجد. لكن مشاهد اصطدام مذنب "شوميكر-ليفي 9" بكوكب المشتري عام 1994 غيّرت هذا التوجّه.
بعد الحادث، كُلفت وكالة ناسا آنذاك برصد كل الكويكبات التي يزيد قطرها عن كيلومتر واحد. ومنذ 2016، تأسس "مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي" التابع لناسا، وتبعه مكتب مماثل لدى وكالة الفضاء الأوروبية. كما بدأت الصين مؤخراً بإنشاء منظومتها الدفاعية الكوكبية، بحسب موقع Space Insider.
وقد نفّذت ناسا عام 2022 أول تجربة عملية في الدفاع الكوكبي، عندما أطلقت مسباراً ليرتطم بكويكب قريب من الأرض يُدعى "ديمورفوس"، ما غيّر مداره فعلياً، في تجربة ناجحة لتغيير مسار كويكب لأول مرة.
وعلى الرغم من توفر الإمكانيات لتغيير مسارات الكواكب التي تهدد الأرض، يظل المشهد السياسي غامضا حول ما إذا كانت الدول المتقدمة ستتدخل مثلا في إعادة توجيه كويكبات قد تصطدم بدول مثل بانغلاديش أو الكونغو.
وفي ورقة بحثية، يدعو بافل دوفِك من جامعة هرادتس كرالوفه التشيكية إلى ضرورة تأسيس سلطة سياسية تتمتع بصلاحيات عالمية لتنسيق الدفاع عن الأرض، لأنها الوحيدة القادرة فعلياً على اتخاذ هذه القرارات الحاسمة.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة