علوم

من زئبق إلى ذهب.. الاندماج النووي يدخل عصر السحر

نشر
blinx
في خطوة وصفها البعض بـ"السحر العلمي"، أعلنت شركة ناشئة في مجال الطاقة الاندماجية عن تحقيق إنجاز طالما حلمت به البشرية منذ آلاف السنين: تحويل الزئبق إلى ذهب باستخدام تكنولوجيا الاندماج النووي.
العملية التي طالما ألهبت خيال الكيميائيين القدامى، من مصر القديمة إلى أوروبا في القرون الوسطى، عادت إلى الواجهة عبر مختبرات شركة Marathon Fusion الناشئة في سان فرانسيسكو، والتي أسّسها عام 2023 كلٌّ من كايل شيلر وآدم روتكوفسكي (30 عاماً)، بهدف تسخير الاندماج النووي لتوليد الطاقة ومعالجة تحدياته التقنية.

كيف يمكن تحقيق ذلك؟

في ورقة بحثية نشرتها جامعة كورنيل في 17 يوليو 2025، كشفت باحثون بشركة ماراثون عن آلية تستند إلى تفاعلات الاندماج النووي، تقترح استخدام النيوترونات الناتجة عن تلك التفاعلات في عملية تُعرف بـ"التحوّل النووي" لإنتاج الذهب.
صحيح أنّ العلماء تمكّنوا سابقاً من تركيب ذرات ذهب باستخدام المسرّعات الجزيئية، لكن تلك المحاولات كانت محدودة جداً ومكلفة للغاية.
تعتمد تجربة "ماراثون" على إدخال نظير الزئبق-198 في "بطانية التوليد" الخاصة بجهاز التوكاماك، وهو الجهاز الأكثر شيوعاً في تجارب الاندماج. وعند تعرّض هذا النظير لنيوترونات عالية الطاقة، يتحوّل إلى الزئبق-197، وهو نظير غير مستقر، يضمحلّ خلال 64 ساعة تقريباً إلى الذهب-197، وهو النظير الوحيد المستقر لهذا المعدن الثمين.

قيمة الذهب تعادل قيمة الكهرباء

يؤكد شيلر روتكوفسكي أن هذا النهج لا يعوق توليد الطاقة أو إنتاج التريتيوم (الوقود الاندماجي)، بل يمكن أن يسمح بإنتاج ما يصل إلى 5000 كغ من الذهب سنوياً لكل غيغا واط من الطاقة الكهربائية. ووفقاً للأسعار الحالية، فإنّ قيمة هذا الذهب تعادل تقريباً قيمة الكهرباء المنتجة، ما يعني مضاعفة عائدات محطات الطاقة الاندماجية مستقبلاً.
يقول روتكوفسكي، الذي عمل سابقاً في "سبيس إكس": "النقطة الجوهرية هنا أننا نستطيع استخدام تفاعلات النيوترونات السريعة لإنتاج كميات كبيرة من الذهب، مع الحفاظ في الوقت نفسه على دورة الوقود".
وفي تجارب علمية مشابهة، أعلن باحثون بمركز "سيرن" الأوروبي مطلع عام 2025 عن رصد تحوّل ذرات من الرصاص إلى ذهب خلال تصادمات شبه ضوئية داخل مصادم الهدرونات الكبير.

هل هذا واعد فعلاً؟

رغم أنّ الورقة لم تخضع بعد للتحكيم العلمي، حسب ما ذكرته صحيفة فايننشال تايمز، فقد لاقت اهتماماً واسعاً بين المتخصصين. يقول الدكتور أحمد ديالو، فيزيائي البلازما في المختبر الوطني للطاقة ببرينستون التابع لوزارة الطاقة الأميركية: "نظرياً تبدو النتائج مذهلة، وكل من تحدّثت إليه حتى الآن متحمس ومتشوّق لرؤية أين ستقود هذه الفكرة".
ومع ذلك، هناك تحديات لا يمكن تجاهلها، أبرزها احتمال إنتاج نظائر غير مستقرة من الذهب نتيجة تفاعل أنواع أخرى من الزئبق، مما يعني أنّ بعض الذهب الناتج قد يكون مشعاً جزئياً. وقدّر روتكوفسكي أن يتطلّب ذلك تخزين الذهب من 14 إلى 18 سنة قبل أن يتم تصنيفه آمناً كلياً.
إضافة إلى الذهب، يمكن استخدام التقنية لإنتاج معادن ثمينة أخرى، غير أنّ "ماراثون" تعتقد أن حجم سوق الذهب، الذي يبلغ حالياً نحو 3500 طن سنوياً، يمكنه امتصاص إنتاج محطات الاندماج من دون التأثير سلباً على الأسعار.

حمل التطبيق

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة