كسرت ساقك؟.. مسدس غراء مطوَّر قد يغيّر مستقبل جراحة العظام

تخيّل أنك تعرّضت لكسر مفاجئ في ساقك بعد حادث، وتجد نفسك في غرفة العمليات بانتظار صفائح معدنية أو طعوم عظمية مأخوذة من متبرعين. لكن بدلاً من ذلك، يخرج الجرّاح أداة تشبه مسدس الغراء، ليطبع مباشرة داخل الكسر غرسة ثلاثية الأبعاد مصممة بدقة لتناسب شكل العظم.

هذا المشهد أصبح اليوم واقعاً، بعدما كشف فريق بحثي من جامعة Sungkyunkwan في كوريا الجنوبية عن ابتكار علمي جديد يتمثل في "مسدس غراء" جراحي قادر على إصلاح الكسور عبر الطباعة الحيوية في موقع الإصابة. ونشرت نتائج الدراسة في مجلة Device العلمية، مؤكدة أن هذا الابتكار قد يغيّر مستقبل جراحة العظام.

ليست الأداة الجديدة مجرد مسدس غراء عادي، بل جهاز مطوَّر يعمل بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد المباشرة، ما يسمح للجراحين بتصنيع الغرسة فوراً داخل مكان الكسر دون الحاجة إلى تجهيزات مسبقة أو نماذج رقمية.

تتكون المادة التي تُستخدم في هذه العملية من خيط يجمع بين مكوّنين رئيسيين: هيدروكسي أباتيت، وهو عنصر طبيعي في العظام يساعد على التئامها، وبولي كابرو لاكتون، وهو بوليمر حيوي قابل للتحلل يتميز بدرجة انصهار منخفضة، ما يمنع إتلاف الأنسجة أثناء الطباعة الجراحية.

بحسب الباحثين، يتيح هذا المسدس للجراح طباعة غرسة دقيقة تتناسب مع شكل الكسر حتى لو كان معقداً أو غير منتظم. وتستغرق العملية بضع دقائق فقط، ما يقلل زمن الجراحة ويزيد من كفاءتها.

إضافة إلى ذلك، دمج الفريق البحثي مضادات حيوية مثل فانكومايسين وجنتاميسين داخل الغرسة، لتُطلق تدريجياً على مدى أسابيع طويلة، مما يحمي المريض من العدوى، التي تعد من أخطر مضاعفات عمليات العظام.

كما أظهرت التجارب أن الغرسة لا تكتفي بتثبيت الكسر، بل تساهم في تحفيز نمو عظم جديد تدريجياً، إذ تتحلل مادتها مع الوقت لتحل محلها أنسجة طبيعية.

تعتبر النتائج التي تم التوصل إليها من خلال التجارب على الأرانب مشجعة للغاية، بحسب الباحثين المشاركين في الدراسة، حيث أثبتت الغرسات المطبوعة قدرتها على الاندماج الحيوي مع العظم ودعم نمو أنسجة جديدة.

غير أن الباحث جونغ سيونغ لي أوضح لمجلة نيوزويك أن اعتماد التقنية في المستشفيات يتطلب المرور بعدة مراحل إضافية، تشمل تجارب على حيوانات أكبر، ووضع بروتوكولات تعقيم قياسية، إضافة إلى استكمال الدراسات للحصول على الموافقات التنظيمية.

وقال لي: "إذا تم استيفاء هذه الشروط، فإننا نتوقع أن يصبح هذا النهج حلاً عملياً وفورياً لإصلاح الكسور مباشرة في غرفة العمليات".

لا يقلل هذا المسدس المبتكر فقط الاعتماد على المعادن أو العظام المأخوذة من متبرعين، بل يقدم أيضاً وسيلة شخصية وسريعة ومضادة للبكتيريا لإصلاح الكسور، وهو ما قد يغيّر جذرياً من تقنيات علاج العظام في المستقبل.