أمن‎

غزة تدفع إسرائيل لشن حرب على القناة ١٣

نشر

.

Muhammad Shehada

بينما كانت الصحفية تاليا كوهين تجهز تقريراً للقناة 13 الإسرائيلية من أحد شوارع تل أبيب، اقترب منها أحد المشاة وخطف منها الميكروفون، ثم هاجمها برذاذ الفلفل وصاح بها "أنتم أسوأ من الجزيرة". هذه الحادثة جزء من موجة عدوانية كبيرة استهدفت القناة 13 والسبب: حديث المحطة التلفزيونية عن القتلى الفلسطينيين في الغارات الإسرائيلية على غزة. فماذا يحدث؟

فيتو من هآرتس

"إسرائيل تقصف المدنيين في غزة. لكن الإسرائيليين لا يريدون معرفة ذلك" هكذا وصفت صحيفة هآرتس أحد أقدم الصحف الإسرائيلية الوضع خلال التصعيد المستمر على قطاع غزة المحاصر.

التصعيد بدء بضربات جوية إسرائيلية استهدفت ثلاثة من كبار قيادات حركة الجهاد الإسلامي منتصف الليل في عمارات سكنية مأهولة، أو "أضرار جانبية" كما يسميها الجيش الإسرائيلي، للوصول إلى الهدف المطلوب. قتلت الغارات الإسرائيلية حتى اللحظة نحو 27 فلسطينياً بينما أصيب أكثر من 74.

الرواية التي تحاول الحكومة والإعلام الإسرائيليين إيصالها للجمهور الإسرائيلي هي أن الجيش يقوم بـ "ضربات جوية جراحية دقيقة" تستهدف فقط قيادات عسكرية للفصائل المسلحة يشكلون "تهديداً على أمن إسرائيل"، وأن السبب في وجود ضحايا مدنيين هو استخدامهم كـ "دروع بشرية" من قبل الفصائل المسلحة الفلسطينية.

.. ووزارة الدعاية تعمل بجهد

"تعمل وزارة الدعاية بجهد كبير في الساعات الأخيرة في محاولة لتشويه الرواية الفلسطينية في وسائل الإعلام الدولية والتي تقول إن إسرائيل قتلت أطفالاً فلسطينيين لمجرد أنها شعرت بذلك"، هكذا لخصت وزيرة الدعاية الإسرائيلية جاليت ديستيل أتابريان المعركة الإعلامية التي تقوم بها حكومتها لتبرير قصف غزة.

القناة ١٣ تتهم نتنياهو بقتل الأطفال

"بضوء أخضر من رئيس الوزراء: نساء وأطفال ماتوا ليلاً في غزة" هذه الكلمات كان محتوى شريط إخباري عابر على القناة 13، لكنها كانت كفيلة لأن تهوي بها للقاع وتتعرض في دقائق مستمرة من الانتقادات الواسعة.

نسبة المشاهدات انحدرت بشكل فوري لأقل من 6% بعد تناقل صورة للشريط الإخباري، وانهال المشاهدون الإسرائيليون بسيل من الشتائم والاتهامات على حسابات المحطة.

"هذا الإعلام هو العدو الأكبر لدولة إسرائيل"، "لقد تجاوزوا اليوم خطاً أحمر، لا حق لهم في البقاء"، "خيانة صارخة"، "قناة الجزيرة ١٣، الإسرائيلية"، هذه بعض التغريدات الإسرائيلية التي لاقت تفعلاً واسعاً وسط دعوات لمقاطعة القناة 13 ومعاقبتها.

.. ووزير الاتصالات يهدد بالعقاب

الحكومة الإسرائيلية انضمت رسمياً لموجة التحريض والهجوم على المحطة التي ذكرت الضحايا الفلسطينيين. وزير الاتصالات هدد بإضعاف تنافسية المحطة واصفاً إياها "بفرع لحركة مقاطعة إسرائيل"، بينما هاجمتهم وزيرة الدعاية الإسرائيلية بالقول بأن "القناة 13 تتحالف مع الأشرار". ورئيس الكنسيت السابق مائير ليوش أضاف "لم يعد الأمر مجرد أمر مخزي أو مقزز. هذه قناة تتحدث برسائل العدو كاملة".

تحت الضغط، سارعت القناة 13 لإصدار بيان قالت فيه "صيغ العنوان الذي ظهر في الشاشة الرئيسية بشكل غير لائق وبطريقة غير صحيحة ومضللة. نعتذر لمشاهدينا على هذا".

لكن الهجمات لم تتوقف.

"حماية مواطني إسرائيل من عدو بربري قاتل هو الأمر الأكثر أخلاقية. من العار أنه بالإضافة لمحاربة العدو ونشر رسالتنا للعالم، يتعين علينا أيضًا التعامل مع منشورات مثل تلك التي رأيناها على القناة 13. منشورات تخدم منظمات نزع الشرعية وتنال من الإيمان بطهارة وصلاح الطريق" هكذا شرح نائب الكنيست عن حزب الليكود الحاكم أرييل كالنر سبب الهجمة التي تعرضت لها المحطة بعد تحدثها عن الضحايا الفلسطينيين.

تخشى الحكومة الإسرائيلية من أن الحديث عن الضحايا من المدنيين الفلسطينيين قد يقوض من عزيمة الجيش في المعركة أو يصيب الجنود بالتردد من تنفيذ الأوامر والهجمات، ما يؤدي على المدى البعيد في إضعاف الإقبال على الخدمة العسكرية. بالإضافة إلى حرص إسرائيل على صورة جيشها عالمياً، وتسويقه كأحد أكثر الجيوش أخلاقية.

انتشار الرواية بقتل المدنيين بشكل متعمد قد يؤثر أيضاً بالسلب على مبيعات الأسلحة الإسرائيلية التي تعتبرها "مجرّبة ميدانياً"، وتعطي هذه الرواية زخماً للمطالب الفلسطينية بمعاقبة ومقاطعة إسرائيل والضغط عليها.

هل للأمر سابقة؟

"يا رب. ما الذي فعلنه. بناتي ماتوا" بصوت مختنق بالبكاء كرر الطبيب الفلسطيني عز الدين أبو العيش هذه الكلمات باللغة العبرية على القناة 12 على التلفزيون الإسرائيلي عام 2009 عندما اجتاحت القوات البرية الإسرائيلية قطاع غزة وأصابت قذيفة مدفعية منزله وقتلت عدداً من أبنائه وأقاربه. المحطة طلبت استضافته للقاء عبر الهاتف قبيل قصف منزله بلحظات ولم يتوقع المذيعون وقتها أن تأخذ المقابلة هذا المنحى.

"آلاف الإسرائيليين أصابهم الغضب لدرجة الجنون بسبب أننا أعطيناه الفرصة للحديث عن معاناته"، هكذا لخّصت المذيعة الإسرائيلية التي استضافت اللقاء رد فعل الإسرائيليين الذين انهالوا على المحطة بالانتقادات. بل وتعدى الأمر ذلك، حينما قام عشرات الإسرائيليين بمهاجمة المستشفى الذي تم إخلاء الطبيب الفلسطيني إليه وقاطعوا مؤتمراً صحفياً كان يتحدث فيه عما أصابه وعائلته.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة