كليتشدار أوغلو ينافس أردوغان على خطب ود العرب.. نريد اتحادا

ما تزال أسهم فرز نتائج الانتخابات تشير لرئيس البلاد الحالي، رجب طيب أردوغان صاحب التاريخ الملتبس مع المنطقة العربية، بداية من اندلاع ثورات الربيع العربي في العام ٢٠١١، إذ اصطفت تركيا مع جماعات الإسلام السياسي في محاولة للعب دور عراب هذه الحركات، ما أثار حفيظة الدول العربية التي قاومت تمدد هذا التيار.

في العام ٢٠١١ دعم أردوغان المعارضة المسلحة السورية وبالتدريج استقبلت بلاده ملايين اللاجئين الفارين من القتال، ولم تتوقف الحكومة التركية عند هذه النقطة بل انخرطت عسكريًا في سوريا٫ واحتلت مناطق عدة في الشمال السوري.

بحسب صحيفة فايننشال تايمز باتت تركيا تسيطر بقواتها على مساحة من الشمال السوري تبلغ ٥٪ من أراضيها وتضم ربع تعداد سكانها.

بحلول عام ٢٠١٣ تدهورت العلاقات بين القاهرة وأنقرة بمجرد إزاحة الرئيس الأسبق محمد مُرسي من السلطة عقب مظاهرات ٣٠ يونيو الشعبية، أمر اعتبرته تركيا انقلابا عسكريا على حليفها الأيديولوجي في المنطقة والمنتمي لجماعة الإخوان، بحسب تحليل من مركز أتلانتك البحثي.

وجاء التورط العسكري لتركيا في ليبيا إضافة لتوقيع عدة اتفاقيات شكك في شرعيتها ليسهما في تعقيد الموقف، ما دفع مصر إلى اعتباره تهديدًا لحدودها الغربية، ولوح الرئيس عبد الفتاح السيسي باستخدام الجيش في عملية عسكرية خارج البلاد، خلال زيارة قاعدة عسكرية في يونيو من العام ذاته.

غالبية دول الخليج العربي بدورها شهدت تعثر علاقتها بتركيا ـ أردوغان، فاقمها انحياز تركيا إلى قطر عقب قرار "الخماسي" بمقاطعة الدوحة في العام ٢٠١٧.

بيد أن السنوات القليلة الماضية أعاد أردوغان رسم سياساته تجاه جيرانه العرب في ضوء ضغوط المعارضة، خاصة مع اتفاق العلا عام ٢٠٢١ الذي أنهى حالة الجمود بين الدوحة وعواصم مجلس التعاون الخليجي ومصر، ففي فبراير من العام ذاته زار أردوغان الإمارات العربية المتحدة للمرة الأولي منذ أعوام طوال، كما سعى لترميم علاقاته مع الجانب السوري بعد ما يزيد عن عقد من الخلاف، فضلًا عن تطبيع العلاقات مع الجانب المصري.

قد يشكل فوز أردوغان في الانتخابات الحالية فرصة لتمديد فترة المصالحة التركية العربية، وفقًا لمعهد دول الخليج العربي في واشنطن، الذي يرجح أن حالة السلام الحالية بعد عقد من الحرب الإقليمية الباردة إنما يعكس عدم رغبة الدول في دفع فاتورة السياسات العدوانية الباهظة.

من المتوقع أن تزيد تركيا من تعاونها في قطاع الصناعات الدفاعية والاقتصاد مع دول الخليج العربي. إذ اتخذت حكومة الإمارات خطوات فعلية لتعزيز العلاقات مع تركيا في أعقاب المصالحة، وذلك عبر شراء دفعة من طائرات الدرون التركية وهو النهج المتوقع أن تتبعه المملكة العربية السعودية أيضا التي باتت تعمد إلى تنويع شركائها الأمنيين.

العلاقات التركية القطرية على متانتها، قد تكون الخاسر الأكبر في حال فوز زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أعلن سابقًا نيته خفض حجم التعاون بين أنقرة والدوحة في حال فوزه في السباق الانتخابي كما أنه لطالما انتقد العلاقات التركية القطرية خاصة مع شراء الدوحة حصة في بورصة إسطنبول قدرت بـ١٠٪ في العام ٢٠٢٠.

يرّجح تقرير معهد دول الخليج العربي، إلى أن كليتشدار أوغلو لن يقدم على عداوة مع الإمارات أو السعودية، وأن يحافظ على تطبيع العلاقات الأخير الذي أطلقه أردوغان.

من الممكن توقع بوادر سياسة كليتشدار أوغلو الخارجية بإعادة رسم ملامح مواقف المعارضة السابقة وموقع التحالف الوطني المشترك، إذ تصدر المعارضة رؤية مستقبلية تحترم خلالها وحدة وسيادة واستقلال دول الشرق الأوسط وتتعهد عدم التدخل في شؤونها الداخلية، بحسب أحدث تقارير معهد الشرق الأوسط في واشنطن، وهو أحد المراكز البحثية المتخصصة في المنطقة.

من جهة أخرى تلوّح المعارضة أيضًا ببناء سياسة خارجية مبنية على المصلحة الوطنية لا المواءمات الأيديولوجية، في إشارة لانتقاد لطالما وجهه كليتشدار أوغلو لسياسة أردوغان في ليبيا وسوريا، مرجحًا أنها مدفوعة بنهج حلفائه من جماعة الإخوان، وهي النبرة التي خففها كليتشدار أوغلو لاحقا نظرًا لوجود حزبين في تحالفه السياسي ربطتها علاقات سابقة بتنظيم الإخوان.

يعد كمال كليتشدار أوغلو الناخبين أيضًا بوضع نقطة النهاية في ملف اللاجئين السوريين عبر إعادتهم خلال عامين، الأمر الذي يستدعي إعادة تطبيع سريعة في العلاقات السورية التركية. ووفقًا لأحد تحليلات مجلة فورين بوليسي لا يستبعد ستيفن إيه كوك، أن تكون دمشق هي وجهة منافس أردوغان الأولى في حال فوزه بالانتخابات.

كان زعيم المعارضة التركية أعلن عزمه تأسيس منظمة شرق أوسطية جديدة في حال فوزه بالقعد الرئاسي بحسب صحيفة Hurriyet Daily News التركية، ليطلق عليها "منظمة السلام والتعاون في الشرق الأوسط" وتضم عضويتها تركيا وإيران والعراق وسوريا.

مواصلا شرح الهدف من هذه المنظمة الجديدة " لماذا لا يمكن أن تتحد تركيا وإيران والعراق وسوريا؟" مضيفا "يمكن حل كل المشكلات بمجرد أن يسود السلم والتكافل الاجتماعي".