"الصقر المقاتل" يقترب من أوكرانيا.. لماذا تلح كييف على "أف ١٦"؟

تُعرف الطائرات الأميركية F16 كطائرات مقاتلة مدمجة متعددة الأدوار، قادرة على تقديم أداء مشهود في القتال الجوي والهجمات الجو أرضية، ويعود الفضل في تصنيعها لشركة Lockheed Martin المتخصصة في الصناعات الدفاعية والأسلحة وأمن المعلومات.

في ساحة القتال، قد يتخطى مدى الطائرة ٢٠٠٢ ميل، كما تُزود بمدفع متعدد البراميل من طراز M-61A1 عيار عيار ٢٠ملم مع ٥٠٠ طلقة، كما أنها قد تحمل حتى ٦ صواريخ جو-جو، وذلك إضافة إلى الذخائر التقليدية والقرون المضادة إلكترونيًا.

حلقت الطائرة الأميركية في الجو لأول مرة في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وسرعان ما أثبتت كفاءة خلال حرب الخليج الثانية في العام ١٩٩١، فوفقًا للموقع الرسمي للقوات الجوية الأميركية، استخدمت الطائرة في مهاجمة مواقع إطلاق صواريخ ومطارات ومنشآت عسكرية.

وفي أعقاب هجوم ١١ سبتمبر أصبحت الطائرة مكونا رئيسيا في الحرب على الإرهاب وشنت آلاف الطلعات الجوية في كلًا من العراق وأفغانستان.

قبل أيام من الإعلان الأميركي، كان وزير الخارجية الأوكراني، دميترو أيفانوفيج كوليبا، قد خط مقالًا على صفحات مجلة فورين بوليسي، يعدد فيه الأسباب التي تجعل حصول بلاده على الطائرات الأميركية خطوة فارقة تطور العمليات العسكرية وتحقيق السيادة الجوية في سماء أوكرانيا.

في مقاله، يحدد كوليبا أن بلاده تتصدى لـ٧٥ ٪ فقط من الضربات الصاروخية الروسية وهجمات الطائرات بدون طيار، عن طريق أنظمة الدفاع الأرضية التي يوفرها حلفاء الغرب إضافة إلى طاقم الطائرات السوفيتية التي ما تزال أوكرانيا تعتمد عليها.

الطائرات الأميركية المتطورة قد تعمل من وجهة نظره كنظام واحد مع الدفاعات الجوية على الأرض مما يمكن القوات من إسقاط الصواريخ المعادية قبل الوصول لأهدافها، مشيرًا إلي أن الهجمات الروسية تقتل المدنيين والأطفال وتُدمر البنية التحتية.

وأضاف كوليبا: "ستسمح لنا طائرات F-16 بالتحكم في سمائنا وحماية قواتنا.. وزيادة فرص نجاة طيارينا في المعارك، لكن تزويدنا بالمزيد من طائرات ميج السوفيتية، لن يحقق تلك الأهداف".

غير أن مقال وزير الخارجية الأوكراني لم يتضمن الأهداف المنصبة على مصلة الشعب الأوكراني فقط، بل لوح بمكاسب أخرى قد تنعم بها الولايات المتحدة وشعوب أخرى حول العالم، كتأمين مرور الحبوب والصادرات الغذائية الأوكرانية عبر البحر الأسود مع إبقاء المقاتلات والسفن الحربية الروسية بعيدًا عن غلال العالم.

أما المزايا على المدى الطويل فلخصها كوليبا في مشاركة تجربة استخدام المقاتلات F16 ضد الروس مع سلاح الجو الأميركي لاحقًا، إضافة لاستخدام الطائرات ذاتها مستقبليًا لضمان الأمن على حدود القارة الأوروبية ووقف أي محاولات روسية لإعادة ترسيم الحدود.

على مدار العام الماضي، وتطور مجريات الصراع الروسي الأوكراني، لم تُبد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حماسة شديدة اتجاه إمداد الأوكرانيين بأسلحة شديدة التطور، إلا أنها اضطرت غير مرة للعدول عن رأيها، مما أتاح للجيش الأوكراني استخدام قاذفات الصواريخ HIMARS ودبابات Abrams وغيرها من الأسلحة.

وفقًا لأحد تقارير صحيفة نيويورك تايمز يشير مسؤولون أميركيون أن التردد في إتاحة طائرات F16 يعود في جزء منه إلى سعرها المرتفع، الذي يضغط بالفعل على ميزانية تمويل الحرب المتضائلة، بينما يعتبر تدريب الطيارين الأوكرانيين هاجس آخر لدى الولايات المتحدة.

في سياق التدريب على استخدام الصقر القاتل، كانت الولايات المتحدة قد اتخذت خطوات محدودة مارس الماضي، إذ استضافت طيارين أوكرانيين في إحدى قواعدها العسكرية بولاية أريزونا وقدمت لهم تدريبًا على استخدام مجموعة من الطائرات العسكرية الأميركية بما فيها F16.

إلا أن التدريب الوجيز تم عن طريق برامج محاكاة الطيران، بهدف رئيسي يتمثل في تحديد المدة الزمنية التي قد يحتاجها الطيارين لإتقان استخدام الطيارات الجديدة، وبحسب أحد تقارير CNN Politics لم يبد أن الولايات المتحدة آنذاك لديها خطة في لتوسيع نطاق مثل تلك التدريبات.

قبل أن تبدأ إدارة الرئيس بايدن التعاطي مع ملف المقاتلات بمرونة، كانت المملكة المتحدة قد أعلنت نيتها تشكيل تحالف دولي رفقة هولندا، يستهدف تدريب الطيارين الأوكرانيين على استخدام مقاتلات الجيل الرابع.

بيد أن تعديل الموقف الأميركي ترتب عليه دخول الولايات المتحدة في محادثات التدريب أيضًا، حيث أعلنت الولايات المتحدة أنها سوف تدعم الجهود الدولية المسخرة من أجل تدريب الطيارين الأوكرانيين على استخدام المقاتلات الحديثة ومن بينها F16.

ووفقًا لأحد تقارير صحيفة بوليتيكو، سوف يتطلب التدريب أشهر طوال، كما سوف يُعقد في موقع أوروبي غير معلوم، فيما تقع مسؤولية تحديد موعد استلام أوكرانيا للطائرات المقاتلة وعددها، على كاهل مجموعة الدول المتحالفة لتنفيذ هذا التدريب.

أما من حيث الإجراءات الفعلية لانتقال المقاتلات الأميركية إلى الأسطول الأوكراني، فحتى اليوم لم تتقدم أي من الدول الأوروبية بطلب رسمي لنقل طائرات F16 إلى الجبهة الأوكرانية، وتشير الصحيفة الأمريكية إلى أنه بمجرد تقديم الطلب، تبدأ سلسلة من الإجراءات الطويلة والمعقدة للاستجابة له، والتي قد تستغرق أشهر بدورها.