المرأة الأفغانية حاضرة في مهرجان كان

أثناء عودة طالبان للسيطرة على السلطة، كانت لورانس تتابع وسائل الإعلام بمزيج من مشاعر العجز والغضب، وذلك إلى أن قررت تسخير شركة الإنتاج خاصتها Excellent Cadaver كمنصة تقص من خلالها شـخصية أفغانية قصتها، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية.

لذا تصف لورانس الوثائقي بأنه عمل ولد من المشاعر والضرورة.

وبحث لورانس وشريكتها المنتجة والمنتجة جوستين سياروتشي عن وجه أفغاني قادر على التعبير عن تداعيات على ظروف النساء القاسية، فما كان من الثنائي إلا التواصل مع المخرجة الأفغانية ساهرة ماني.

كانت ماني قد قدمت أعمال سابقة تناولت خلالها قضايا تخص النساء، كالوثائقي ألف فتاة مثلي الذي أُنتج في العام ٢٠١٩

واستعرض قصة امرأة تعرضت لاعتداء جنسي وتسعى لنيل العدالة.

وبالرغم من الطابع الوثائقي للعمل الذي نقل مواجهات مباشرة بين نساء أفغانيات وعناصر من حركة طالبان، أكدت المخرجة التي تقيم حاليًا في فرنسا، أن سلامة أطقم التصوير والأشخاص الذين ظهروا في الفيلم كانت أولوية قصوى.

وخلال العرض الأول لفيلمها ضمن فعاليات المهرجان قالت ماني: "يحمل هذا الفيلم رسالة من نساء أفغانستان، رسالة ناعمة. أرجوكم انقلوا صوتهن غير المسموع في ظل دكتاتورية طالبان

كما وصفت الظروف المعيشية للنساء الأفغانيات اليوم في تصريحات صحفية مؤكدة أنه لم يعد بإمكانهن مغادرة المنزل بدون الحجاب وأضافت:" الطريقة التي تغيرت بها حياتهن في ظل حكم طالبان هي حقيقة يومية بالنسبة لنا، إنها حياة في ظل حكم دكتاتوري وواقع مرير لا يمكننا تجاهلهما".

بالرغم من قسوة الظروف المعيشية في أفغانستان، فضلًا عن فصول الصراع والقتال المتتابعة منذ القرن الماضي، ازدهرت روافد إبداعية عديدة كصناعة السينما والأعمال الوثائقية التي عكست صورًا للمجتمع عبر عدسات صناع أفلام، لاسيما النساء منهم الاتي تمكن من الاستحواذ على الاهتمام العالمي.

من بين هؤلاء المخرجة رؤيا سادات، التي تعتبر أول مخرجة سينمائية أفغانية في فترة التالية على حكم طالبان وفقًا موقع Film Freeway، وإلى جانب عملها كمخرجة أنتجت سادات العديد من الأعمال عن طريق شركة الإنتاج خاصتها ROYA FILM HOUSE.

وفي العام ٢٠١٨ رشحت أفغانستان رسميًا فيلم سادات "رسالة للرئيس" للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، كما فاز الفيلم ذاته بإحدى جوائز مهرجان ميونخ السينمائي.

أما المخرجة، صحرا كريمي التي قدمت خلال مشوارها ما يزيد عن ٣٠ فيلمًا ما بين الروائي القصير والوثائقي، إلا أن أغلب تلك الأعمال قُدمت خارج البلاد رجوعًا لهجرة أسرة كريمي المُبكرة لإيران.

عادت المخرجة الأفغانية إلى موطنها رغم ذلك لتقدم فيلمين وثائقيين Festival Scope بينهما فيلم Hava, Maryam, Ayesha الذي ترشح كأفضل فيلم ضمن "آفاق فينيسيا" في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في العام ٢٠١٩.

تبدو مساحة مشاركة المرأة في الحياة العامة في تضاؤل مستمر، منذ تمكنت حركة طالبان من استعادة السيطرة على حكم البلاد في أغسطس من العام الماضي.

حرية العمل، والتعلم والمشاركة في الحياة السياسية أو حتى اختيار نمط الرداء المفضل أصبحت مشروطة بقواعد جديدة تصيغها حكومة طالبان، وتعيد من خلالها تشكيل المجتمع ليقترب في بعض القطاعات بآونة سيطرتها تسعينيات القرن الماضي.

وبالرغم من وعود طالبان السابقة بالسماح للنساء بممارسة حقوقهن في إطار الشريعة الإسلامية، بدأت محاذير السلطة الجديدة في الظهور تدريجيًا، بحسب UN women

فيما يتعلق بالمشاركة في الحياة السياسية، تقلص التواجد النسائي عبر إلغاء وزارة شؤون المرأة في التشكيل الحكومي وعدم تكليف أي نساء بحقائب وزارية في الحكومة الجديدة.

أما الحريات الشخصية، بدأت بالتراجع في مايو من العام ٢٠٢٢ عندما سنت طالبان مجموعة من القواعد الجديدة بينها؛ ارتداء النساء لغطاء الوجه خارج المنزل مع عدم الانتقال في الفضاء العام لمسافات طويلة بدون مرافق ذكر، مع منع النساء المنفردات من تلقي بعض الخدمات.

وبشكل عام وجهت طالبان النساء بعدم الخروج من المنزل سوى في حالات الضرورة.

كانت مشاركة النساء الأفغانيات في قوة العمل قد قفزت من ١٥٪ إلى ٢٢٪ ما بين عامي ١٩٩٨ و٢٠١٩، إلا أن عامًا واحدًا تلك النسبة انخفضت مجددًا لتصل ١٥٪ في العام ٢٠٢١ وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية.

فتيات المدارس أيضًا تأثرن بقواعد طالبان الجديدة، ففي حين فتحت المدارس أبوابها أمام الطلاب والطالبات في مارس من عام ٢٠٢٢، لم يُسمح للفتيات بالالتحاق بالمرحلة الثانوية، الأمر الذي أثر على حوالي ١.١ مليون فتاة أفغانية، الاتي قد يتعرضن لمخاطر الزواج المبكر أو سوء المعاملة خارج أسوار المدرسة، وذلك بحسب تقرير أحد تقارير مجلس الأمن الصادرة في يونيو العام الماضي.

بحسب التقرير لم تمر سياسة طالبان الجديدة تجاه تعليم الفتيات مرور الكرام، إذ واجهت معارضة من قبل الطلاب أنفسهم والمجتمع المدني وحتى رجال الدين، كما أن بعض المدارس الثانوية الخاصة والعامة في ٩ مقاطعات أفغانية لم تغلق أبوابها واستمرت في العمل في ضوء موافقة ضمنية من سلطات طالبان المحلية.