أمن‎

زابوريجيا.. الجحيم في محطة نووية

نشر

.

Mohammad AlAssi

في مدينة إنيرهودار في أوكرانيا، تسيطر القوات الروسية على محطة زابوريجيا النووية، وفي ٢٢ مايو عملت المحطة بكهرباء الطوارئ لساعات بعد أن قُطعت عنها الكهرباء المركزية قبل أن تعود، فما هي هذه المحطة؟ ولماذا تعتبر مهمة للأطراف المتحاربة؟ وماذا عن مخاطر تعرضها لانقطاع الكهرباء أو ضربة عسكرية؟

عن المحطة

محطة زابوريجيا النووية، هي أكبر محطة للطاقة النووية في أوروبا. واحتلت موسكو المحطة منذ مارس العام الماضي لكنها معطلة منذ سبتمبر. وكانت تمد أوكرانيا بخُمس احتياجاتها من الكهرباء.

وزابوريجيا هي الأكبر من بين أربع محطات للطاقة النووية في أوكرانيا، والتي توفر معا حوالي نصف الكهرباء في البلاد.

وتقع المحطة على ضفاف نهر دنيبر الفاصل بين الطرفين المتنازعين في هذه المنطقة. واستُهدفت مرارًا وتكرارًا، بضربات ما أثار مخاوف من وقوع كارثة.

قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير كان المرة الأولى التي تندلع فيها حرب في بلد يملك مثل هذا البرنامج النووي الضخم الذي تم تأسيسه منذ فترة طويلة.

تمتلك كل وحدة من وحدات زابوريجيا الست سعة صافية تبلغ 950 ميغاوات كهربائية، أو ما مجموعه 5.7 غيغاوات كهربائية، وفقا لقاعدة بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتم توصيل الوحدة الأولى بالشبكة عام 1984، والأخيرة عام 1995.

المحطة ذات أهمية استراتيجية لروسيا لأنها تبعد حوالي 200 كيلومتر فقط عن شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا في عام 2014. واستولت القوات الروسية على المحطة في المرحلة الأولى من الحرب لكن لا يزال فنيون أوكرانيون يتولون إدارتها.

ما الجديد؟

اتهمت كييف القوات الروسية باستخدام المحطة كقاعدة لوجستية وعسكرية، حسبما ذكرت مديرية المخابرات الرئيسية في أوكرانيا على تلغرام في 24 مايو.

وقالت كييف إن "تصرفات المحتلين أدت إلى سلسلة من حالات الطوارئ التي تم خلالها فصل المحطة من مصدر الطاقة."

وكان المسؤول المحلي عن منطقة زابوريجيا والمعيّن من روسيا يفغيني باليتسكي أعلن عن إخلاء جزئي لـ18 بلدة تسيطر عليها روسيا في منطقة زابوريجيا، ولا سيما في إنرغودار.

وتخطط السلطات الروسية لإجلاء نحو سبعين ألف شخص من بلدات المنطقة، بحسب ما نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن مسؤول آخر عيّنته سلطات الاحتلال هو أندريه كوزينكو.

وكان مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي أعلن مطلع الشهر أنه يعمل على خطة أمنية لحل وسط يضمن سلامة محطة زابوريجيا النووية التي تسيطر عليها موسكو، محذرا من زيادة النشاط العسكري حولها.

وتستمر المخاوف بشأن سلامة المحطة النووية في جنوب أوكرانيا بعد تعرضها لقصف متكرر منذ غزو القوات الروسية العام الماضي.

هل تشبه تشيرنوبيل؟

أسوشيتد برس نقلت في تقرير سابق أن مستويات "مرتفعة" من الإشعاع تم رصدها قرب المحطة نتيجة حريق اندلع جراء الحرب الدائرة.

وأشارت إلى أن انهيار أي جزء من المحطة سيكون كارثيًا، على غرار الكوارث السابقة مثل تشيرنوبيل في عام 1986، أو فوكوشيما في عام 2011.

ولكن تشير تقارير أن أن مفاعلات الطاقة النووية الستة المحطة ليست مفاعلات من نوع تشيرنوبيل، ولكنها مفاعلات مائية مضغوطة، تم تشغيلها بين عامي 1985 و 1995.

على عكس تشيرنوبيل، توجد المفاعلات في وحدات احتواء من الخرسانة المسلحة المصنوعة من الصلب السميك والتي تم بناؤها لتحمل الأحداث الخارجية الشديدة، مثل تحطم طائرة أو زلازل أو انفجارات.

يتم وضع قلب المفاعل نفسه في وعاء ضغط فولاذي محكم الإغلاق بسماكة سبعة بوصات.

لكن الخبراء حذروا من أن هيكل الاحتواء قد لا يصمد أمام الصواريخ.

قال روبن غرايمز، أستاذ فيزياء المواد في إمبريال كوليدج لندن إن وعاء الضغط قوي للغاية ويمكن أن يتحمل أضرارا كبيرة من الظواهر مثل الزلازل، لكنها ليست مصممة لتحمل الذخائر المتفجرة مثل قذائف المدفعية.

تحتوي المفاعلات أيضا على نظام تبريد موجود على دائرة منفصلة للمفاعل الرئيسي، بالإضافة إلى نظام تبريد احتياطي للطوارئ، والذي يضخ الماء عند الضغط المرتفع والمنخفض في المفاعل في حالة ارتفاع درجة حرارته.

والمشكلة الحقيقة بحسب غرايمز أن يتلف نظام تبريد المياه.

ما هو نظام التبريد؟

يحتاج أي مفاعل نووي للتشغيل الآمن عبر وصله بمصدر كهرباء لتوفير مصدر موثوق به لطاقة التبريد الأساسية في حالات الطوارئ.

بدون مثل هذا التبريد النشط من الماء الذي يتم ضخه، سوف يسخن قلب المفاعل في النهاية إلى مستويات خطيرة.

يؤدي أي فشل أو تهديدات لإمدادات الكهرباء إلى حدوث حالات طارئة خطيرة.

وفي كل مفاعل يوجد مولدات طوارئ للكهرباء تعمل بالديزل مع حوالي 10 أيام من الوقود.

وبدون التبريد المدعوم بشبكة كهرباء، وبمجرد نفاد الوقود من مولدات الديزل الاحتياطية، سترتفع درجات الحرارة الأساسية بشكل لا يمكن السيطرة عليه.

يؤدي هذا أولاً إلى إطلاق غاز الهيدروجين، ثم الانفجار.

إذا تعطل نظام التبريد في تحدث انفجارات الهيدروجين بعد 8 إلى 12 ساعة، بحسب تقارير.

ويعتمد تبريد قلب المفاعل وتخزين الوقود المستهلك على عدة عوامل: إمداد موثوق بالمياه، ومصدر طاقة موثوق، وموظفين لإجراء أي إصلاحات وصيانة أنظمة التبريد.

مخاطر أخرى

قذيفة مدفعية أو ضربة صاروخية من غير المرجح أن تخترق الاحتواء الأساسي للمفاعل مباشرة، ولكن يمكن للمدفعية أو صاروخ كروز اختراق أي من هذه الحاويات بسهولة لإطلاق مواد مشعة للغاية.

ماذا لو وقعت الكارثة؟

بالعودة إلى مخاطر زابوريجيا، يحذر خبراء الطاقة النووية من أن أي حادث نووي لن يؤثر على أوكرانيا فحسب، بل يؤثر أيضا على الدول المجاورة، بما في ذلك روسيا ومولدوفا وبيلاروسيا ورومانيا وبلغاريا.

هل تحتوي المحطة على مخلفات نووية؟

تقول صحيفة موسكو تايمز إن الإجابة هي نعم، وهذا يشكل مخاطرة أخرى، إذا أصاب القصف النفايات النووية المخزنة في المحطة.

وقال خبراء لنفس المصدر: "إذا أصابت الضربات الصاروخية مخزن النفايات النووية ، فإن التلوث النووي يمكن أن ينتشر عبر الهواء والماء".

حذرت أوكرانيا أكثر من مرة من أن المحطة تضم في مخازنها 1200 طن من الوقود النووي، مضيفة أن التلوث في حالة حدوث انفجار قد يكون مرتفعا للغاية.

اعرف أكثر

ماذا حدث في فوكوشيما؟

الحادث الذي وقع في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية، على الساحل الشرقي لليابان، كان نتيجة لحدوث زلزال كبير شرق اليابان في 11 مارس 2011 بلغت قوته 9 درجات على مقياس ريختر.

تسبب بحدوث موجات تسونامي ضربت الساحل الياباني والمحطة، الأمر الذي تسبب بزيادة الحرارة في المحطات الأولى والثانية والثالثة، ونتج عن ذلك انصهار قلب المفاعل وانطلاق غاز الهيدروجين داخل مبنى احتواء المفاعل، مما تسبب بحدوث انفجار داخل مبنى احتواء المفاعل في المحطات الأولى والثالثة والرابعة.

أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرًا عن حادث فوكوشيما دايتشي في عام 2015 يحوي كافة التفاصيل. ويُبرز التقرير تعرض المحطات للحراة الشديدة نتيجة لموجات تسونامي التي تسببت في حدوث فيضان في منطقة المحطات حيث توجد المولدات الاحتياطية، مما جعلها غير قادرة على استعادة الطاقة للحفاظ على تبريد المفاعلات.

ماذا حدث في تشيرنوبيل؟

أدى انفجار في محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في عام 1986 إلى انتشار سحابة مشعة على أجزاء كبيرة من الاتحاد السوفياتي (سابقا)، والتي تسمى الآن بيلاروس، وأوكرانيا والاتحاد الروسي.

تعرض ما يقرب من 8.4 مليون شخص في البلدان الثلاثة إلى الإشعاع.

في عام 1990، دعت الأمم المتحدة إلى التعاون الدولي في معالجة الآثار الناجمة عن حادثة محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية وتخفيفها.

كان ذلك بداية مشاركة الأمم المتحدة في الجهود المبذولة لإنعاش تشيرنوبيل.

في عام 1991، أنشأت الأمم المتحدة الصندوق الاستئماني لتشيرنوبيل - يعمل حاليا تحت إدارة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية. ومنذ عام 1986، دشنت المؤسسات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الرئيسية ما يزيد عن 230 مشروعا من مشاريع البحوث والمساعدة في مجالات الصحة والسلامة النووية وإعادة التأهيل والبيئة وإنتاج الأغذية النظيفة والمعلومات.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة