يقع متحف سرسق في قلب حي الأشرفية، الذي تعرض لأضرار مباشرة جراء انفجار المرفأ قبل ثلاث أعوام، ويشتهر المتحف بواجهته البيضاء ونقوشه الزخرفية والنوافذ الملونة بالأصفر والبرتقالي، إضافة إلى مقتنياته التي تتضمن أعمال فنية حديثة ومعاصرة.

خلال السنوات الثلاث الماضية خضع المتحف لعمليات ترميم وإعادة تأهيل بتمويل إيطالي وفرنسي ولبناني، إضافة لمعونات من عدد من الجمعيات المعنية بحماية التراث والحفاظ عليه، لاستعادة المتحف المدمّر.

شملت عملية الترميم والإصلاح الواسعة استبدال جميع نوافذ المتحف، بما في ذلك الزجاج الملون الأيقوني، إضافة لإصلاح جميع الأبواب والمصاعد والأسقف المعلقة، وترميم الكسوات التراثية الخشبية المنحوتة يدويا.

الأعمال الفنية كذلك نالت جزءا من الاهتمام، إذ تعرض بعضها للتضرر على خلفية الانفجار أيضا ومن بينها لوحة "مواساة" للفنان، بول جيراجوسيان، وبورتريه نقولا سرسق رسمه الفنان الهولندي، الفرنسي كيس فان دونجن في عام 1939.

كما يضم المتحف أعمالا لفنانين لبنانيين بينهم الرسامان جورج داود قرم وجان خليفة، والنحاتة سلوى روضة شقير. وبلغت فاتورة إعادة تأهيل المتحف واستعادة بريقه ما يزيد عن مليوني دولار أميركي وفقا للقائمين على المتحف.

تعتبر مديرة متحف سرسق، كارينا الحلو إعادة افتتاحه "بارقة أمل"، لا للمتحف ذاته ولكن للقطاع الثقافي في لبنان بشكل عام، وأضافت :"متحفنا هو من أوائل المتاحف المتخصصة بالفن الحديث في المنطقة العربية، وأخيرًا يسعدنا مواصلة مهمتنا الجوهرية في دعم وتشجيع اللبنانيين والإقليميين".

وعن تاريخ المتحف، يقول طارق متري، رئيس المتحف لوكالة أسوشيتدبرس، أن المتحف دُشن بالأصل عام 1961 لكن تاريخه كان متقطعا بسبب أوضاع لبنان الخاصة، إذ أغلق أبوابه مرات عدة أمام الزوار خلال الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، ثم خلال فترات أخرى خضع خلالها لعمليات توسعة وتجديد وترميم، ومؤخرا تكرر السيناريو بسبب انفجار مرفأ بيروت.

"هذا المتحف رمز لقدرة مدينة بيروت على أن تستعيد الهواء النظيف بدل هواء الانفجار والإجرام الملوث. هذا المتحف الناس تحبه، ناس تحب الفن، ناس تحب المبنى"، يحكي متري، "في البداية كنا مترددين لأننا كنا نرى أن بيوت الناس وعودتها للحياة أهم من ترميم المتحف، لكن فوجئنا بحجم المساعدات العفوية. صارت مساعدات تكفينا لنعمل المشروع عندما قدمت لنا مؤسسات عربية ودولية كبيرة دعمًا سخيًا".

اجتاحت القوات النازية، باريس في يونيو من العام ١٩٤٠، كانت الحرب العالمية الثانية في أوج اشتعالها، والقارة الأوروبية ممزقة على أيدي الرايخ الثالث.

الدبابات أتت بظلالها على آلاف القطع الفنية التي لا تقدر بثمن في فرنسا، إذ يقدر عدد المتاحف التي دُمرت أو تضررت بشدة إبان احتلال ألمانيا النازية لفرنسا بحوالي ٤٠ متحفا.

لحسن الحظ رغم ذلك لم يكن متحف اللوفر من بينها، إذ يُعزى لمدير المتحف آنذاك Jacques Jaujard الفضل في تنظيم عملية إجلاء فنية لمقتنيات المتحف إلى مواقع آمنة، قبل أن يبدأ القتال فعليًا في العام ١٩٣٩، وذلك بحسب موقع The Collector.

خلال الفترة ما بين عامي ١٩٤٠ و١٩٤٥ يعتقد أن النازيون استولوا على حوالي ١٠٠ ألف عمل فني من فرنسا وحدها وفقًا لمجلة Smithsonian.

في إيطاليا أيضًا، لم تنج إحدى أشهر لوحات ليوناردو دافنشي من مخاطر القنابل المدمرة، إذ تسببت إحدى قنابل الحلفاء هذه المرة في تدمير سقف وجدران قاعة الطعام التي تضم لوحة العشاء الأخير الشهيرة في دير سانتا ماريا ديلي غراتسي.

وفقًا للموسوعة البريطانية، لم يتعرض الجدار الذي يحمل اللوحة للهدم، إلا أن تهدم المبنى جعل الجدارية التي تبلغ من العمر مئات السنوات تتعرض لآثار الانفجارات بشكل مباشر، إلى حين إعادة بناء المبنى.

بينما تشعل الحماسة أنفس المتظاهرين إبان فترة الربيع العربي، لم تحظ المواقع الأثرية في المنطقة بحصانة ضد أعمال النهب والتدمير التي صاحبت الحراك السياسي.