أمن
.
على مواقع التواصل الاجتماعي تنتشر مقاطع فيديو تُظهر آلاف من الشبان يسيرون بانتظام في طريق ممهدة، تحرسها قوات شرطة على الجانبين، تحول دون خروج أي من الشبان عن السيل المنهمر، أسفل أشعة شمس ليبيا في الطريق إلى الحدود المصرية.
هنا امساعد، مدينة تقع على الحدود الليبية الشرقية بالقرب من نقاط الالتقاء مع الجارة المصرية، منذ أيام قلائل دبت حركة غير اعتيادية في الطرقات، بعد أن شنت السلطات هجمة على معاقل تهريب المهاجرين غير الشرعيين، في المدينة الحدودية وغيرها من المناطق الشرقية.
تمكنت السلطات من خلال حملتها على معاقل تهريب المهاجرين من احتجاز ما يصل إلى ٦ آلاف مهاجر، أغلبهم من المصريين، فيما ضمت قائمة المحتجزين سوريين وسودانيين و باكستانيين وبنغال، وفقًا لتقديرات بعض المنظمات الحقوقية في ليبيا لوكالة أسوشيتد برس.
يأمل بعض المهاجرين في الارتحال عبر قوارب مطاطية إلى الجهة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، لكن السلطات الليبية قادت المهاجرين المصريين إلى عنابر الجمارك التابعة لمعبر امساعد تمهيدًا لترحيلهم إلى بلادهم، بينما نقلت ٤٠٠ مهاجر آخر من باكستان وبنغلادش إلى منطقة كنفودة في بنغازى، في انتظار ترحيلهم أيضًا.
في ضوء الحرب على الهجرة غير الشرعية، أعلنت مديرية أمن بنغازى أيضًا إلقاء القبض على خمسة أفراد يشتبه في كونهم مهربين، بينهم ٤ ليبيين وبنغالي واحد.
على صفحتها الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، نشر مؤسسة العابرين الليبية، المختصة في مساعدة اللاجئين وتقديم الخدمات الإنسانية، مجموعة من اللقطات الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو لمسيرة آلاف المهاجرين في طرقات امساعد، مصحوبة بتعليق :"ترحيل 4000 ألف مهاجر علي الأقدام لمعبر امساعد البري، كان قد تم تحريرهم من منطقة امساعد فقط، من قبل الأجهزة الأمنية".
وعلقت المؤسسة أيضًا منددة بنقل المهاجرين للنقاط الحدودية على الأقدام، بسبب طول المسافة فيما وصفت الأمر بـ "الشاق جدًا"، كما أشارت أن آلاف المهاجرين الآخرين من جنسيات أخرى مكدسين في أماكن احتجاز وينقصهم الطعام والماء.
وفي منشور آخر وصفت المؤسسة الأوضاع في المناطق الحدودية "بالقاسية وغير الإنسانية" مطالبة بالفرز الفوري للمحتجزين مع الإفراج عن طالبي اللجوء والمهاجرين ممن دخلوا إلى البلاد عبر القنوات الرسمية.
لا يمكننا اعتبار بنغازي مركزا للحملة على المهاجرين في ليبيا، إذ أن حكومة طرابلس تقوم بجهود مشابهة في الاتجاه ذاته، ووفقا لأسوشيتد برس، كانت طرابلس وبعض البلدات الغربية الأخرى قد تمكنت من احتجاز ١٨٠٠ مهاجر بدورها، خلال الشهر الماضي فقط، وفي تقرير لها رجحت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن معظم هؤلاء المحتجزين نُقلوا لمراكز احتجاز مخصصة للمهاجرين تديرها الحكومة.
إلا أن التقرير قد أشار إلى أن المهاجرين يتعرضون داخل تلك المراكز لأنماط شتى من الانتهاكات مابين العمل الإجباري والتعذيب والاغتصاب.
يغيب ذكر أزمة المهاجرين بالقرب من الحدود عن الهيئات الرسمية في مصر، إذ لم يشير الموقع الإلكتروني لكلًا من وزارة الهجرة ووزارة الخارجية المصرية للأزمة، كما غاب ذكرها على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث توثق الوزارات المصرية أنشطتها وتشاركها مع جمهور المتابعين، وذلك بالإضافة إلى الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء المصري.
أما الصحف المصرية الحكومية والخاصة، فتجنب أغلبها أيضًا الإشارة للأزمة، بما في ذلك صحيفة الأهرام المملوكة للدولة وصحيفة أخبار اليوم.
فيما كان موقع القاهرة ٢٤ قد أشار لأزمة لمهاجرين، على لسان "مصدر ليبي أمني" أفصح عن ترحيل أكثر من ٤ آلاف مصري كانوا محتجزين في سجون سرية لعصابات الهجرة غير الشرعية، بحسب وصف الموقع.
مضيفًا أن الأجهزة الأمنية الليبية قد حررتهم، فيما يجري ترحيلهم عبر منفذ امساعد بالتنسيق مع الجانب المصري.
تأتي الحملة المتزامنة ضد المهاجرين في الشرق والغرب، في أعقاب سلسلة من الحوادث التي ربما أججت المشاعر الليبية المعادية للاجئين، حسبما يُرجح أحد تقارير الأمم المتحدة.
على سبيل المثال شهدت مدينة زوارة الليبية السياحية اشتباكات مؤخرا بين مهاجرين نيجيريين وسودانيين، أما مدينة الزاوية فأعلنت العصيان المدني إبريل الماضي على خلفية أزمة متعلقة بمليشيات أجنبية.
في ٢٧ من إبريل، تداول مستخدم, مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر مهاجرين أجانب يعذبون مجموعة من الشباب الليبيين مما أدى لوفاة أحدهم.
وفقًا لأحد تقارير منظمة اليونيسف، الصادر في العام 2021 ومعنون "الغارات على المهاجرين واحتجازهم"، شنت حكومة طرابلس حملات سابقة على المهاجرين في الجهة الغربية للبلاد، إحداها في أكتوبر من العام 2021، وأسفرت الحملة عن احتجاز 5 آلاف مهاجر بينهم على الأقل 751 امرأة و255 طفل، اقتيدوا إلى مراكز احتجاز تديرها مديرية مكافحة الهجرة غير الشرعية بوزارة الداخلية.
إلا أن مركز الاحتجاز المقصود، بات يحتمل أربعة أضعاف سعته المعلنة مع وصول المحتجزين الجدد، أشار التقرير أيضًا إلى أن الأطفال في المراكز المماثلة غالبًا ما يقيمون في زنازين مكتظة مع الكبار، مما يعرضهم للعنف وسوء المعاملة والعمل القسري ونقص الخدمات.
كما أكد التقرير أن المهاجرين واللاجئين في ليبيا معرضون للمخاطر، وبينها الاحتجاز التعسفي وانتهاكات حقوق الإنسان.
وفي تقرير آخر صادر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي يناقش الثغرات في حماية حقوق الإنسان في سياق المساعدة المقدمة للمهاجرين كي يعودوا لأوطانهم، استعاد أحد المهاجرين بعض من ذكرياته في مراكز الاحتجاز فقال: "لقد أُجبرت على العمل لبضعة أشهر في مركز احتجاز في طرابلس،عندما رفضت العمل بسبب الإرهاق، تعرضت للضرب حتى طلبت إعادتي إلى العمل".
وأضاف: "نظفت الطرق والمنازل، وعملت في المزارع ولم أتقاضى أجرًا. كان لدي القليل من الطعام ولا مياه صالحة للشرب".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة