تطال مخاوف الإسلاميين المصريين في الخارج الشخصيات المقيمة على الأراضي القطرية والتركية أيضًا، حليفة قطر الأثيرة، والتي يُعتقد أن علاقتها بالقاهرة قد تتوطد في أعقاب نجاح الرئيس رجب طيب أردوغان في المنافسة الانتخابية مايو الماضي، ليكمل ما بدأه من خطوات تقارب مع مصر.

خطوات أردوغان الأولية في ترميم علاقاته بمحيطه الإقليمي، أسفرت منذ سنوات عن تعديل أجندة المنصات الإعلامية المعارضة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التي تحتضنها تركيا، حتى أن بعضها قد أغلق أبوابه.

وفقا للمعلومات التي حصل عليها موقع مدى مصر، طلبت السلطات القطرية من ٢٥٠ مصري آخرين مغادرة أراضيها، بينهم مقدم البرامج الإسلامي عبد الله الشريف، وذلك في ضوء المطالبات المصرية بتسليم المعارضين إلى القاهرة.

في أوائل يناير من العام ٢٠٢١، على طاولة دائرية أنيقة خلال فعاليات القمة الخليجية الـ٤١، وقع زعماء العرب اتفاق العلا الذي سيؤرخ فيما بعد لبدء صيانة العلاقات العربية بقطر، بعد سنوات من قطيعة احتدمت في العام ٢٠١٧، وكانت جماعة الإخوان أحد الأسباب الرئيسية فيها.

بينما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي بالشيخ تميم بن حمد آل ثاني غير مرة خلال تلك الفترة وحتى منتصف العام التالي، لم يزر الشيخ تميم القاهرة رسميا سوى في يونيو من العام ٢٠٢٢، وبحسب فرانس ٢٤، أعلنت قطر قبل زيارة الأمير، بالتحديد في مارس من العام ذاته، ضخ أكثر من ٤.٥ مليار دولار كاستثمارات في مصر التي تعاني من أزمة اقتصادية.

في سبتمبر من العام ذاته، رد الرئيس المصري الزيارة، حيث التقى الشيخ تميم بن حمد في أول زيارة رسمية لقطر منذ توليه منصب رئيس الجمهورية.

في هذه الأثناء، وبينما تصبغ الحميمية الحذرة، مجالس الساسة والدبلوماسيين كانت حيوات أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، وقيادات الجماعة الإسلامية في كل من قطر وتركيا، تبدأ في التحول.

على حسابه على موقع تويتر، يزعم أحد وجوه جماعة الإخوان المسلمين المقيم بالمملكة المتحدة الآن، عمرو عبد الهادي، تعرضه لتجربة اعتقال في قطر منتصف شهر نوفمبر من العام ٢٠٢١، بدأت بتلقي رسائل ومكالمات هاتفية من أشخاص تابعين لأجهزة أمنية قطرية، طالبوه بحذف تغريداته المناهضة للرئيس عبد الفتاح السيسي.

وفقا لتغريداته، التقي عبد الهادي، شخصيات من خلفيات أمنية تحثه حذف التغريدات في مقهى أسفل منزله، إلا أن موقفه تدرج على مدار أيام، وصولا للاحتجاز بضعة ساعات داخل غرفة متنقلة، كرافان، داخل مقر أمن الدولة في منطقة بن عمران، حسب زعمه.

الأحاديث أيضا أثناء تلك المقابلات وصولا للاعتقال، تطورت بحسب عبد الهادي، إذ بدأ الحديث بطلب ودي بحذف التغريدات، لاحقا بدأت مرحلة المفاوضة، ثم المكاشفة بأن السلطات المصرية تطلب تسليمه.

لاحقًا في الكرافان المكيف، ذو درجة الحرارة المنخفضة، وبينما كان عبد الهادي تأخر عن موعد تسلم ابنته من المدرسة، حد وصفه، طُلب منه حذف تغريداته استنادا لما وصفه بـ"التأصيل الديني" رجوعا لـ "أمر الحاكم".

بعد أيام من إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسا للبلاد، أُعلن عن رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين مصر وتركيا مرة أخرى إلى مستوى السفراء، بعد قرابة عامين من المحادثات، التي بدأت في أعقاب اتفاق العُلا، بالتحديد في مايو من العام ٢٠٢١، إلا أن صورة فوتوغرافية التُقطت في نوفمبر من العام التالي، وشت بتقدم تلك المحادثات على نحو مرضي للطرفين.

كان ذلك بالتحديد في حفل افتتاح كأس العالم في العاصمة القطرية، إذ وثقت العدسات مصافحة الرئيس السيسي للرئيس أردوغان، يتوسطهما الشيخ تميم، وقتها رصدت CNN كذلك ترتيب الجلوس خلال الحفل ذاته، على منصة كبار المسؤولين بدى ملفتًا، إذ توسط الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، السيسي وأردوغان.

بالتزامن مع بدء المحادثات التي أسفرت عن رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، كانت الإسلاميون المصريون في تركيا يتلقون سلسلة من التعليمات الجديدة، خاصة في قطاع الإعلام.

في مارس من العام ٢٠٢١، أي بعد شهرين فقط من اتفاق العلا، كانت السلطات التركية تُجري لقاءات مع ممثلي المعارضة المصرية، وذلك بحسب تصريحات تليفزيونية للمعارض المصري والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية، أيمن نور، نقلتها CNN.

خلال تلك اللقاءات، أدرك الإسلاميون المصريون، حسب نور، رغبة السلطات التركية في "تعديل خطاب" القنوات التي تُبث من الأراضي التركية، والحد مما وصفه بـ "التجاوزات التي تقع بين الوقت والآخر"، فيما نفى أن تكون السلطات قد طلبت من المجتمعين "إغلاق القنوات" أو "إلغاء برامج سياسية".

رسالة أيمن نور، هي الرسالة ذاتها التي أكد عليها مستشار الرئيس التركي في الحزب الحاكم آنذاك، ياسين أقطاي حيث نفى أن بلاده طلبت إغلاق أي قنوات معارضة لمصر، كما نفى أيضًا أن مجهود المصالحة بين البلدين قد تضمنت "ملف تسليم المعارضين" إذ قال :"مستحيل أن تسلم تركيا أي شخص لا لمصر ولا لأي دولة تنفذ عقوبة الإعدام".

الواقع لم يأت مطابقا تمامًا للتصريحات الرسمية، خاصة مع تقدم سير محادثات البلدين، ففي ٢٠٢١، بدأت بعض الوجوه الإعلامية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين مغادرة تركيا، وكذلك الكيانات الإعلامية التي ينتمون لها بالتبعية، مثل المذيع معتز مطر، الذي ترك قناة "الشرق المصرية التابعة لجماعة الإخوان في ضوء بوادر المصالحة المصرية التركية.

بحسب صحيفة الوطن المصرية، أعلن أنه قد يترك تركيا بشكل نهائي ما إذا صدر قرار بترحيل الإعلاميين المنتمين للإخوان وقادتهم، لاحقا، ترك مطر تركيا بالفعل إلى المملكة المتحدة حيث استقر في طاقم قناة الشعوب المحسوبة أيضًا على الإخوان المسلمين.

أما في مايو من العام الماضي، أعلنت قناة مكملين التابعة للجماعة إغلاق مكاتبها رسميًا في تركيا بعد سنوات طوال من البث، وفي بيان رسمي أكدت القناة أنها حريصة على "استمرارية رسالتها الإعلامية" ومن ثم سوف تنطلق من عواصم عالمية مختلف، وفقا لموقع إذاعة مونت كارلو.

قبل بضعة أيام في مقطع فيديو بعنوان "تعليقي على فوز فخامة الرئيس في انتخابات ٢٠٢٣" أعلن داعية جماعة الإخوان وجدي غنيم رفض طلب حصوله على الجنسية التركية بعد ٩ سنوات، فيما طلب من متابعيه "الدعاء" قائلا "ادعوا لي من قلوبكم أن يجل الله لي مكانا يأويني".

يواجه غنيم حكما غيابيا بالإعدام في مصر، صدر ضده في أبريل من العام ٢٠١٧، على خلفية اتهامه بالانضمام لجماعة إرهابية مقرها خارج البلاد.