في التاسع من يونيو الجاري أفصحت المحكمة الاتحادية عن حزمة الاتهامات الموجهة للرئيس الأميركي؛ بالتحديد 37 تهمة جنائية، بعضها يتعلق بالاحتفاظ، دون وجه حق، بوثائق سرية تخص البلاد صادرة عن البنتاغون، والمخابرات المركزية، ووكالة الأمن القومي ووكالات أخرى تابعة للمخابرات وذلك بالرغم من رحيله عن البيت الأبيض رسميا في العام ٢٠٢١.

وفقا لقائمة الاتهامات، تتضمن تلك الوثائق معلومات حساسة حول برنامج الولايات المتحدة النووي، وكذلك بعض نقاط الضعف في البلاد التي قد تهدد أمنها في حال حدوث هجوم محتمل، وتتقاطع وثائق أخرى مع دول أجنبية "تدعم الإرهاب".

يواجه ترمب أيضا اتهامات متعلقة بعرقلة سير العدالة التي قد يعاقب عليها بالسجن مدة ٢٠ عاما.

كان من المفترض نقل الوثائق إلى الأرشيف الوطني بعد انتهاء فترة ترمب الرئاسية، ومع انتقال السلطات للرئيس جو بايدن، إلا أن ترمب غادر المقر الرئاسي إلى ولاية فلوريدا وفي حوزته عشرات الصناديق التي تتضمن معلومات أميركية شديدة الحساسية.

لاحقا في العام ٢٠٢٢، سلّم ترمب ١٥ صندوقا فقط بشكل رسمي، قبل أن يطرق بابه مكتب التحقيقات الفيدرالي في أغسطس من العام ذاته وفي حوزته إذن بالتفتيش، مكنهم أخيرا من الاستحواذ على ٣٠ صندوقا تضمنت حوالي ١١ ألف وثيقة.

قبل ساعات من مثوله أمام المحكمة، ظهر ترمب في مؤتمر اعتيادي للحزب الجمهوري بولاية جورجيا السبت الماضي، حيث أعاد توجيه الاتهامات زاعما أن ممثلي الادعاء هم مَن يشنون عليه حملة سياسية الدوافع بغرض إبعاده عن البيت الأبيض، كما اتهم الرئيس الحالي جو بايدن بتدبير تلك الاتهامات للنيل من حملته الرئاسية.

لاحقا، في أول أيام مثوله أمام المحكمة الاتحادية في ميامي استخدم ترمب منصته للتواصل الاجتماعي تروث سوشيال في التعبير عن حنقه، إذ وصف يوم محاكمته بـ"الأكثر حزنا" في تاريخ بلاده كما وصف الولايات المتحدة حسب فرانس ٢٤ بـ"أمة في حالة انحدار". وخلال الجلسة الرسمية التي انطلقت في الثالثة من مساء الثلاثاء، دفع ترمب ببرائته من التهم المنسوبة إليه.

بعد ساعات قلائل من وقوفه بين يدي القاضي، ألقى خطبا في نيوجيرسي أمام جمع من الأنصار، في نادي الغولف في بيدمينستر، هناك وجه ترمب حزمة اتهامات للرئيس الحالي جو بايدن، إذ وصفه "بالفساد"، كما اعتبر إجراءات محاكمته تدخّلا في الانتخابات كما اعتبر توجيه التهم إليه "سوء استغلال شرير وشنيع للسلطة".

يصف ترمب محاكمته بـ "التدخل الانتخابي والمحاولة الجديدة لسرقة الانتخابات الرئاسية"، وأن المحاكمة "سياسية تليق بدولة فاشية أو شيوعية".

ينتظر ترمب مغادرة مقعد المتهم بفارغ الصبر، بل والعودة مرة أخرى للاستحواذ على لقب الرئيس والمكتب البيضاوي، إذ يهدد حينها بتعيين مدعٍ خاص لملاحقة الرئيس جو بايدن حسب فرانس ٢٤.

علي الجهة الأخرى، رفض بايدن التعليق على مجريات محاكمة خصمه الانتخابي السابق، أو التعليق على شعبية ترمب الجمهورية بالرغم من مثوله أمام القضاء.

فيما غادر ترمب الثلاثاء قاعة المحكمة دون شروط تذكر، ودون تسليم جواز سفره رسميا ما يمنحه القدرة على مغادرة البلاد متى شاء، يخضع ترمب لشروط أخرى متعلقة بسير القضية، مثل التواصل مع الشهود المحتملين.

تعدّ وزارة العدل الأميركية قائمة بأسماء موظفي ترمب السابقين والحاليين وحلفائه، ولن يُسمح له بالتواصل مع أي منهم، كما لن يُسمح له التحدث مع مساعده السابق وولت ناوتا حول القضية، إذ يواجه ناوتا في القضية ذاتها ٦ اتهامات، يتعلق بعضها بتآمر مع ترمب للاحتفاظ بالوثائق محل المحاكمة، وكذلك الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن تورطه في نقل وتخزين تلك الوثائق.

وفقا للدستور الأميركي، يحق للمواطنين الذين لا تقل أعمارهم عن ٣٥ عاما، والمقيمين في الولايات المتحدة لمدة ١٤عاما، الترشح لمنصب الرئيس، دون ذكر أية عواقب أو محدودية متعلقة بالسجل الجنائي لهؤلاء الأفراد، أو وجودهم على قوائم اتهام في أية قضايا.

تلك القاعدة الدستورية، هي التي دفعت ترمب في مارس الماضي للتأكيد على استمراره في السباق الرئاسي، على الرغم من مواجهته لائحة اتهامات أخرى حينها من قبل المدعي العام لمانهاتن، اتهم خلالها بدفع أموال لنجمة أفلام إباحية مقابل صمتها، وفقا لمجلة تايم الأميركية.

بحسب موقع إيه بي سي نيوز لا يمكن للكونغرس إضافة شروط بعينها لمنصب الرئيس، ولا يمكن للولايات منع المدانين من الترشح للمناصب الفيدرالية.

إلا أن الهامش القانوني الذي يسمح لترمب بالترشح لا يعني بالضرورة أن الفوز سوف يكون سهلا، إذ أن صدور حكم بالسجن ضده يعني بالضرورة تقييد حرية حركته، عبر المنع من السفر خارج الولاية، ومن ثم تقويض حملته الانتخابية.