أمن
.
مجموعة فاغنر المسلحة أفزعت موسكو فجر اليوم إلى حدّ ظهور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، السبت، بخطاب إلى الأمة محذّرا من "التهديد القاتل" وملوحا بشبح "حرب أهلية". فكيف لمجموعة مسلحة غير رسمية، مؤلفة غالبا من مسجونين سابقين ومرتزقة، أن تشكل خطرا قاتلا بوجه قوات مسلحة بحجم الجيش الروسي.
حال فاغنر لا يختلف عن ميليشيات أخرى مثل حزب الله في لبنان، وميليشيات أخرى في العراق وأفغانستان استهدفت الجيش الأميركي ودفعته إلى سحب قواته من على الأرض، فلماذا تسبب قوات شبه عسكرية صغيرة العدد، هذا الإزعاج لجيوش كبرى، وكيف يغير ذلك قواعد الجيوش النظامية نفسها، وطريقة تسليحها.
بوتين الذي تحدّث عند السابعة صباحا بتوقيت غرينتش وصف تمرد مجموعة فاغنر بأنه "طعنة في الظهر"، متّهما قائد المجموعة، يفغيني بريغوجين بـ"خيانة روسيا تلبية لطموحات شخصية". وقال حاكم منطقة فورونيج الواقعة في جنوب روسيا، ألكسندر غوسيف، السبت، إن الجيش الروسي يتخذ الإجراءات اللازمة من أجل التصدي لمحاولة مجموعة فاغنر إطاحة القيادة العسكرية في البلاد.
الميليشيا التي تقف في وجه الرئيس الروسي وجيشه الكبير، لا يتجاوز عدد أفرادها ٢٥ ألف مقاتل بحسب اعتراف قائدها يفغيني بريغوجين، بينما يزيد عدد الجيش الروسي عن ١.٣ مليون مقاتل، بين القوات العاملة والاحتياط، بحسب موقع غلوبال فاير باور، ما يجعله ثاني أقوى الجيوش على مستوى العالم.
في مواجهة سيطرة الميليشيا الصغيرة على مدينة روستوف التي تبعد عن موسكو ٢٠٠ كيلومتر إلى جهة الشمال، عززت السلطات الإجراءات الأمنية في موسكو حيث فرض "نظام عملية لمكافحة الإرهاب" كنتيجة مباشرة لتهديدات بريغوجين الذي قال في رسالة صوتية على تلغرام "سنذهب حتى النهاية وسندمر كل ما يعترض طريقنا".
أعلنت النيابة العامة الروسية فتح تحقيق في "تمرد مسلح" ضد مجموعة فاغنر التي تتكون من 25 ألف مقاتل. أ ف ب
الأمر لا يقتصر على روسيا فحسب، فـ"الولايات المتحدة الأميركية ورغم امتلاكها أقوى جيش على هذا الكوكب، إلا أنها غالبا ما واجهت الفشل. فمنذ أوائل التسعينيات ارتفعت حصة التدخلات التي فشلت الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها بشكل مطرد" حسب ما تشرح مجلة فورين أفيرز الأميركية المختصة بالشؤون الخارجية.
يشير تحليل المجلة إلى أنه قبل عام 1945، حققت الولايات المتحدة نحو 80٪ من أهداف تدخلاتها العسكرية، لكن خلال الحرب الباردة، حققت أهدافها حوالي 60٪ فقط من الوقت، وفي فترة ما بعد الحرب الباردة، انخفض معدل النجاح إلى أقل من 50٪.
الجيش الذي يحتل المرتبة الأولى في العالم أرهقته ميليشيات مسلحة صغيرة، فعدد أعضاء ميليشيا طالبان لا يتجاوز ٨٠ ألف مقاتل، في حين يزيد عدد قوات الجيش الأميركي عن ١.٨ مليون مقاتل، بين القوات العاملة والاحتياطية. وعلى الرغم من قوة الجيش العالمي الأول، انسحب من أفغانستان في أغسطس ٢٠٢١، ومن العراق في ديسمبر ٢٠١١.
ميزانيات جيوش الدول الكبرى يذهب جزء منها إلى الجنود وتدريبهم وتسليحهم وعلاجهم، بجانب النفقات التشغيلية للأسلحة المتطورة مثل الطائرات الشبحية والصواريخ الذكية وغيرها، فمثلا ميزانية الدفاع الروسية ارتفعت في العام ٢٠٢٣ إلى أكثر من ٢٦ مليار دولار، فيما تبلغ ميزانية الدفاع الأميركية ٢ تريليون دولار.
هذه التكلفة المرتفعة دفعت باللجوء إلى حلول تعتمد على التقدم التكنولوجي، من خلال استخدام آلات لديها القدرة على تنفيذ العمليات العسكرية، الأمر الذي اعتبره المركز الوطني الأميركي للتكنولوجيا الحيوية "تهديدا غير مسبوق على البشرية".
دخول الذكاء الاصطناعي على الخط، أدى إلى تعزيز تصنيع ونشر سلالة جديدة تماما من "الأسلحة المستقلة" (تقاتل وحدها)، ولا يوجد إطار قانوني أممي يحكم عملها حتى الآن.
الأسلحة المستقلة الفتاكة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، وهي قيد التطوير أو المستخدمة بالفعل، تشمل بنادق الحراسة الثابتة المستقلة، ومحطات الأسلحة البعيدة المبرمجة لإطلاق النار على البشر والمركبات، والروبوتات القاتلة، والطائرات دون طيار، والدرونز القادرة على استهداف الأفراد والأهداف العسكرية بشكل مستقل.
هذا النوع من الأسلحة يأتي في مواجهة استخدام الميليشيات أسلحة دون سند قانوني، باعتبارها مصنفة إرهابية، في الغالب.
تستخدم الميليشيات أسلحة متفلتة من القوانين. أ ف ب
التطورات بعيدة المدى من شأنه أن يغير بشكل أساسي حرب المستقبل. أ ف ب
من الناحية النظرية، يمكن توسيع أسراب الطائرات من دون طيار إلى عشرات الآلاف، وبالتالي إنشاء سلاح مستقل يمتلك قدرات تدميرية تعادل قنبلة نووية صغير الحجم. وتعتبر أسراب الطائرات بدون طيار المسلحة ذات التحكم الذاتي الكامل، بمثابة أسلحة دمار شامل، لأنها تجمع بين ٣ خواص فريدة لأسلحة الدمار الشامل التقليدية: الضرر الشامل، وعدم السيطرة البشرية، وعدم القدرة على تجنب قتل وإصابة المدنيين.
الطائرات من دون طيار وأجهزة الدرونز استخدمت بشكل واسع النطاق في الحرب الروسية على أوكرانيا. أ ف ب
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة