أمن‎

زيارة زيلينسكي لتركيا قد تحدد سعر رغيف الخبز في يدك

نشر

.

Muhammad Shehada

سعر رغيف الخبز، وعدد الأرغفة المتوفرة في المخابز، وسعر وكمية اللحوم المتاحة في الأسواق، وحتى سعر زيت الطهي من بذور عباد الشمس، هذه الأشياء المختلفة ترتبط بشكل وثيق بسلاسل الإمداد حول العالم، والتي تعد أوكرانيا جزءا مركزيا فيها، إذا ما تعطلت تلك السلاسل، تصعد الأسعار عالمياً وتقل الإنتاجية تباعاً.

لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة قد يساهم بشكل مفصلي في تحديد مصير اتفاق الحبوب الروسي-الأوكراني المزمع انتهاء مدة صلاحيته بعد أقل من أسبوع من الآن، خاصة في ظل تهديد الكرملين بعدم تجديد الاتفاق.

مصير هذا الاتفاق سيؤثر بشكل كبير على أسعار مختلف المنتجات، بداية من القمح والطحين والأعلاف الحيوانية، والزيوت، وانتهاء باللحوم الحمراء والدواجن.

مصير الاتفاق الروسي الأوكراني برعاية تركية سيؤثر بشكل كبير على أسعار مختلف المنتجات في العالم. أ ب

زيارة زيلينسكي لإسطنبول تتزامن مع مرور 500 يوم على الحرب، ومن المتوقع أيضاً أن تهدف لحث الحكومة التركية على قبول طلب السويد للانضمام لحلف الشمال الأطلسي، ناتو، بالإضافة لمناقشة طموح كييف أن تصبح عضواً في الحلف، وذلك قبيل انعقاد قمة الناتو في ليتوانيا الأسبوع المقبل التي قد تحدد مصير القارة الأوروبية. فما القصة؟ وما احتمالية نجاح الطلب الأوكراني؟

"تليين" موقف روسيا

الحكومة الروسية جددت اتفاق الحبوب ثلاث مرات، وهو التفاهم الذي توسطت فيه تركيا والأمم المتحدة في يوليو العام ٢٠٢٢، ويسمح بخروج السفن الأوكرانية المحملة بالحبوب من البحر الأسود جنوب البلاد، ومنه إلى باقي العالم، لكن تكرار التحذيرات الروسية بالانسحاب من الاتفاق إما متعللين بنكوص الغرب بعض وعوده لروسيا أو بهجمات أوكرانية على جسر القرم.

هذه المرة، يخشى مسؤولون أوروبيون من أن التهديدات الروسية بعدم تجديد الاتفاق أكثر جدية من المرات السابقة، حيث قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف نهاية يونيو إن موسكو لا ترى أي سبب للموافقة على التمديد بسبب ما وصفه بالسلوك "الشائن" للدول الغربية فيما يتعلق بالتزاماتها. وأبرز تلك الالتزامات هو إعادة ربط البنك الزراعي الروسي Rosselkhoz bank بنظام الدفع المصرفي العالمي SWIFT.

الاتحاد الأوروبي أعلن دراسته مقترحا يسمح للبنك الزراعي المملوك من الكرملين بإنشاء شركة تابعة له من الباطن، تسمح لها أوروبا بالاتصال بالشبكة المالية العالمية للتعامل مع المدفوعات المتعلقة بالصادرات الزراعية الروسية. لكن روسيا أعلنت يوم الأربعاء رفضها الكامل تلك الفكرة التي اعتبرتها "غير عملية بشكل متعمد" وفقاً للمتحدثة باسم الخارجية الروسية.

تركيا صديقة العدوّين

منذ بدء الحرب، وتركيا تلعب دور الوسيط المعتدل بين الدولتين المتحاربتين، خاصة مع امتلاكها أوراق ضغط قوية على الجانبين. فكييف تعتمد بشكل كبير على طائرات بيرقدار التركية المسيرة. وحصلت شركة بايكار التركية، المملوكة لعائلة زوج ابنة أردوغان، على ترخيص رسمي الشهر الماضي للقيام بتصنيع طائرتها من قلب الأراضي الأوكرانية.

في الوقت ذاته، تركيا رفضت المشاركة في العقوبات الغربية على موسكو ما جعلها ملاذاً آمناً لآلاف من رجال الأعمال والأثرياء الروس، حيث زادت نسبة الشركات الروسية في تركيا بمقدار 670% العام الماضي وفق بلومبيرغ الأميركية.

هذه العلاقة القوية بالنقيضين، مكّنت تركيا من الضغط على طرفي الحرب أكتوبر الماضي لاستئناف اتفاقية الحبوب بعد انسحاب روسيا منها إثر تفجير جسر القرم. فأنقرة تمكنت من الحصول على تعهد أوكراني رسمي بعدم استخدام الممر الآمن للنقل البحري في هجمات ضد روسيا، بينما عادت موسكو لتنفيذ الاتفاق بعد انسحابها بثلاثة أيام.

فريق تحقيق روسي يعاين الأضرار التي تسبب فيها تفجير جسر القرم. أ ب

لذلك، تقول صحيفة كييف بوست الأوكرانية بأن أبرز الملفات في زيارة زيلينسكي لإسطنبول هي مسألة ضمان استمرار تدفق حبوب أوكرانيا التي تعد مصدر دخل هام لكييف، وحثت الرئيس التركي للضغط على موسكو لتمديد الاتفاق.

يأتي ذلك في غضون شن أوكرانيا "هجوم مضاد" لاستعادة الأقاليم التي تحتلها روسيا في جنوب وشرق البلاد. وكان الرئيس الأوكراني قد أقر ببطئ تقدم قواته مضيفاً "لكننا مع ذلك نتقدم ولا نتراجع مثل الروس".

عضوية الناتو حلم مؤجل

منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا نهاية شهر فبراير عام 2022، سارع زيلينسكي بمطالبة دول الناتو بإنشاء منطقة "حظر طيران" في الأجواء الأوكرانية لمنع تحليق الطائرات الروسية، كما سبق وأن فعل الحلف في ليبيا والبوسنة. لكن الناتو رفض الطلب الأوكراني الذي قد يجر المنطقة لصراع شامل.

تبع هذا الطلب إعراب زيلينسكي عن تشاؤمه الواضح حول صعوبة الطريق أمام انضمام أوكرانيا للحلف، معترفا بعدم ترحيب بعض الأعضاء بالفكرة، فانضمام أوكرانيا أثناء الحرب يعني تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الحلف، الذي يلزم الدول الأعضاء بالدفاع عن الدولة المستهدفة، ما قد يؤدي لحرب نووية أو عالمية.

لكن في نهاية سبتمبر ٢٠٢٢، تقدمت كييف رسمياً بطلب عضوية الحلف في خطوة انتقامية رداً على إعلان روسيا ضم ٤ أقاليم أوكرانية لأراضيها، لكن العديد من الصحف الغربية والسياسيين أظهروا معارضتهم تمدد الحلف في المدى القريب ليضم أوكرانيا بعد انقضاء الحرب.

اجتماع القادة الغربيين في العاصمة الليتوانية فيلنيوس من المتوقع أن يناقش إمكانية عرض طريق مختصرة لانضمام كييف للحلف في حال قام الناتو رسمياً بدعوة أوكرانيا للانضمام، لكن في الوقت ذاته، من المتوقع أن يمتنع قادة الحلف عن تقديم أي جدول زمني بتواريخ محددة لقبول الطلب الأوكراني للانضمام، ما يعني أن الأمر لن يعدو كونه بادرة رمزية مخيبة لآمال زيلينسكي الذي يطالب بإشارة واضحة وخطوات ملموسة نحو منح بلاده العضوية.

الرئيس الأوكراني انطلق في جولة مكوكية منذ بدء شهر يوليو لحشد الدعم العسكري والدفع قدماً باتجاه طلب العضوية الأوكرانية في ناتو. حيث التقى رئيس الوزراء الإسباني بداية الشهر، ومن ثم برئيسي التشيك وبلغاريا. وأثناء زيارته للعاصمة صوفيا، مرر البرلمان البلغاري إعلان دعم لطلب عضوية أوكرانيا في الحلف العسكري واتفق الطرفان على "تكثيف التعاون بشكل كبير" بحسب تعبير زيلينسكي.

الآن، يسعى الرئيس الأوكراني لاستمالة تركيا لجانبه لتكون صوتاً داعماً له أثناء انعقاد قمة الحلف في ليتوانيا، سواء في مسألة طلب العضوية أو فيما يتعلق برفع الإمدادات الغربية العسكرية للجيش الأوكراني. ومن المخطط أيضاً أن يطالب زيلينسكي نظيره التركي رفع الفيتو التركي عن الطلب السويدي للانضمام للحلف، حيث تضع أنقرة عدة شروط في وجه ستوكهولم أبرزها هو التضييق على التنظيمات الكردية المعارضة في السويد وترحيل بعض نشطائها لتركيا.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة