أمن
.
"نشعر بالخوف هنا ونريد مغادرة صفاقس (التونسية) فورا لأنّ السكان يهاجمون المهاجرين.. فالشرطة التونسية تحاول توقيف كلّ المهاجرين وترحيلهم إلى الصحراء الليبية وهذا غير معقول"، هذا ما قاله لفرانس برس المهاجر الكونغولي جوناثان تشامو، الطالب الذي جاء لتونس للدراسة.
كلام الطالب الشاب جاء إثر تعرّض عشرات المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء للطرد من مدينة صفاقس غداة أعمال عنف ليلية اندلعت إثر مصرع أحد السكّان في صدامات مع مهاجرين غير قانونيين، وفقا لشهادات وصور تمّ بثّها على الإنترنت. فليل الثلاثاء-الأربعاء تجمّع مئات السكّان في شوارع العديد من أحياء هذه المدينة الساحلية الواقعة في وسط شرق البلاد، مطالبين بمغادرة جميع المهاجرين غير القانونيين على الفور، بحسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس في المكان.
السلطات التونسية نقلت مئات المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء من مدينة صفاقس إلى قرب الحدود الليبية، بينما أفاد شهود أن عشرات آخرين يغادرون المدينة بالقطارات بعد أيام من التوتر وأعمال العنف، حسب رويترز.
السلطات التونسية نقلت مئات المهاجرين القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء من مدينة صفاقس إلى قرب الحدود الليبية. مصدر الصورة: أ ف ب
صفاقس، ثاني أكبر مدن تونس تثير الهجرة غير النظامية فيها توترا منذ أشهر، فالأفارقة الذين يسعون إلى الانطلاق من سواحلها إلى أوروبا على متن قوارب في نزوح جماعي يمثل أزمة هجرة غير مسبوقة للدولة الواقعة في شمال أفريقيا.
رمضان بن عمر، المسؤول بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، قال إن السلطات رحّلت مئات المهاجرين من بينهم نساء وأطفال هذا الأسبوع قرب الحدود الليبية، مضيفا أنهم يعانون من أوضاع إنسانية صعبة وأن من بين هؤلاء نساء وأطفال. وتابع لرويترز أنهم سجلوا خلال الأيام الماضية انتهاكات في صفاقس بما في ذلك ضرب لمهاجرين وطرد من منازلهم المستأجرة واحتجاز بعض المحليين لمهاجرين قبل وصول الشرطة وإهانات لفظية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي شبانا في صفاقس يحتجزون مهاجرين ويرفعون العصي ويطلبون منهم ترديد أغنية "تحيا تونس".
خلال الاحتجاجات التي استمرّت الليل بطوله، قطع بعض المحتجّين الطرقات وأضرموا النار في إطارات مطاطية تعبيرا عن غضبهم بعد مقتل مواطن يبلغ من العمر 41 عاما طعنا خلال صدامات وقعت ليل الإثنين-الثلاثاء مع مهاجرين من دول تقع في أفريقيا جنوب الصحراء. عناصر من الشرطة ظهروا وهم يطردون عشرات المهاجرين من منازلهم وسط هتافات سكّان المدينة، قبل أن يتمّ تجميع هؤلاء المهاجرين في سيارات الشرطة. وأظهرت مقاطع فيديو أخرى مهاجرين على الأرض وأيديهم على رؤوسهم ومحاطين بعدد من السكان بانتظار وصول الشرطة لتسلّمهم.
السلطات التونسية رحّلت إلى الحدود الليبية 148 مهاجرا ولاجئا من جنسيات عدة. أ ف ب
رمضان بن عمر قال أيضا لفرانس برس إنّ الشرطة نقلت العديد من المهاجرين إلى مبنى "معرض صفاقس" في انتظار نقلهم إلى مكان آخر. ونُقل مهاجرون آخرون إلى منطقة قريبة من الحدود الليبية بحسب بن عمر الذي لم يتمكن من تحديد العدد الإجمالي للمهاجرين الذين طُردوا من صفاقس.
وندّدت أكثر من عشرين منظمة حقوقية تونسية ودولية في بيان الأربعاء بـ"انتهاكات حقوق الإنسان التي تطاول المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين".
ودعت المنظّمات الحقوقية في بيانها السلطات التونسية إلى "توضيح هذه الحقائق والتدخل العاجل لضمان التكفل العاجل بهؤلاء الأشخاص". وأكّدت المنظّمات أنّ السلطات التونسية رحّلت إلى الحدود الليبية 148 مهاجرا ولاجئا من جنسيات عدة بما في ذلك ساحل العاج والكاميرون، مشيرة إلى أنّه من بين هؤلاء 12 طفلا على الأقل تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و5 سنوات.
من جهته، كتب مدير جمعية "أفريك أنتيليجانس" فرانك يوتديجي وهي منظمة تعمل في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين أنّ "العنف بين المواطنين التونسيين والمهاجرين الأفارقة يستمرّ في التصاعد في صفاقس، مما يخلق توتّرا شديدا بين هؤلاء المهاجرين". وشدّد على وجوب "أن تحمي الدولة الناس وممتلكاتهم، وأن تضاعف السلطات التونسية الإجراءات لضمان سلامة سكان صفاقس من التونسيين والأجانب".
وأكّد الرئيس التونسي قيس سعيّد، الثلاثاء، خلال زيارة لمقرّ وزارة الداخلية بالعاصمة، أنّ بلاده "لا تقبل بأن يقيم على أرضها إلا وفق قوانينها كما لا تقبل بأن تكون منطقة عبور أو أرضا لتوطين الوافدين عليها من عدد من الدول الأفريقية، ولا تقبل، أيضا، أن تكون حارسة إلا لحدودها".
سعيّد أضاف أنّ هناك "شبكات إجرامية محمول على الدولة التونسية تفكيكها وأن هناك عديد القرائن الدالة كلها على أن هذا الوضع غير طبيعي". وينتشر العنف اللفظي والجسدي بين السكان والمهاجرين. وتضاعف هذا العنف بعد خطاب ألقاه سعيّد في فبراير الفائت وانتقد فيه الهجرة غير القانونية واعتبرها تهديدا للتركيبة الديموغرافية لبلاده.
شجبت 23 منظمة غير حكومية محلية ودولية في بيان مشترك "خطاب الكراهية والترهيب ضد المهاجرين. مصدر الصورة: أ ف ب
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة